عادي
السلطنة تحتفل بيومها الوطني ال 52 متسلحة بالإرادة والعزيمة والثبات

الإمارات وعُمان.. علاقة خاصة ممتدة وراسخة ومتجذرة

00:42 صباحا
قراءة 6 دقائق

كتب: راشد النعيمي

تحتفل سلطنة عُمان الجمعة 18 من نوفمبر باليوم الوطني الثاني والخمسين المجيد، وأبناؤها الكرام متسلحون بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات النهضة المباركة المتجددة وصونها بولاء راسخ لقائد مسيرتها المظفرة السُّلطان هيثم بن طارق، الذي أكد منذ تولّيه مقاليد الحكم في ال 11 من يناير 2020 م سعيه لرفعة هذا البلد وإعلاء شأنه والارتقاء به إلى حياة أفضل ومواصلة مسيرة البناء والتقدم على مستوى الإنسان العُماني والوطن في نهضة متجدّدة طموحة تشمل مختلف مناحي الحياة.

تحظى العلاقات الإماراتية العُمانية بطبيعة خاصة واستثنائية تفرضها معطيات التاريخ المشترك والتقارب الشعبي والمجتمعي والرغبة الصادقة من قيادتي البلدين في الأخذ بالتعاون بينهما إلى آفاق أرحب وأشمل، الأمر الذي أمّن تطوراً مستمراً للعلاقات البينية بين الإمارات والسلطنة لما فيه خير ومصلحة الشعبين الشقيقين.

علاقات وثيقة

وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الصعد يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين والاجتماعات الوزارية والحكومية المتواترة، الأمر الذي يعكس حجم الاهتمام الذي يوليانه لتطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.

ويمثل تعميق العلاقات مع سلطنة عُمان أولوية رئيسية لدى القيادة الدولة، وهو ما عبر عنه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقوله: «الإمارات وعُمان، أخوّة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخاً وقوة ومحبة» وبدوره جسد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خصوصية العلاقات الإماراتية العُمانية وعمقها التاريخي، حيث قال سموّه: «عُمان منا ونحن منهم، إخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا».

عمق تاريخي

وتمتد العلاقات بين البلدين الشقيقين بجذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدماً، وكان المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والسلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، قد عقدا لقاءً تاريخياً في العام 1968.

وتواصل زخم هذه العلاقات بعد قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية بينهما، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.

وفي السياق ذاته، فقد شكلت الزيارة التاريخية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى سلطنة عُمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية «الهوية» بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.

الشركاء

وتُعد دولة الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عُمان، فقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان خلال العام الماضي 46 مليار درهم بنمو 9% مقارنة بعام 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10%، حسب إحصائيات تم استعراضها خلال الدورة الثانية من الملتقى الاقتصادي الإماراتي - العُماني التي عقدت في فبراير الماضي في دبي.

ويعمل البلدان على تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة، والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.

ويتقاسم البلدان موروثاً ثقافياً مشتركاً من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية.

وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلاً وعمقاً بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي.

خصوصية ومتانة

صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أكد أن «العلاقات التاريخية الراسخة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان لها طابعها الخاص، فهي تمتدّ في نسيج اجتماعي وثقافي واحد، وتستند إلى أواصر الأخوة العميقة والجيرة الطيبة والتداخل العائلي والأسري، بجانب قاعدة كبيرة ومتنوعة ثرية بالمصالح المشتركة».

وعبر سموّه في تصريح خلال زيارته التاريخية للسلطنة سبتمبر الماضي عن سعادته بزيارة هذا البلد العزيز الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإماراتيين قيادةً وشعباً واعتزازه بالعلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمعه مع حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، منوّهًا سموّه بنهج التواصل الأخوي الأصيل الذي تحرص عليه قيادة سلطنة عُمان ودولة الإمارات.

شراكة اقتصادية

بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان خلال الفترة من 2012 - 2021 أكثر من 362 مليار درهم، مسجلاً معدل نمو بنسبة 98.9% ليصل إلى 46.5 مليار درهم بنهاية 2021، مقابل 23.4 مليار درهم في نهاية عام 2012، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.

وأظهرت البيانات أن الصادرات غير النفطية استحوذت على نسبة 33% من إجمالي التجارة غير النفطية خلال السنوات العشر الماضية مسجلة ما قيمته 120 مليار درهم، فيما بلغت حصة إعادة التصدير 45.5% وبقيمة 165 مليار درهم، فيما حازت الواردات نسبة 21.5 % من إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين خلال الفترة نفسها مسجلة ما يقارب 77 مليار درهم.

زيارة تاريخية

انطلاقاً من الروابط والوشائج الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع بين قيادتي دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان وبين شعبيهما الشقيقين، وتعزيزاً للعلاقات الثنائية المتميزة بينهما، وتلبية لدعوة كريمة من صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عُمان، قام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بزيارة تاريخية شهدت احتفاءً واستقبالاً تاريخياً جسّد محبة السلطنة وشعبها للإمارات وقيادتها.

ومثلت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة إلى السلطنة أرفع أنواع الزيارات الرسمية، وتبادل خلالها الزعيمان هدايا وأوسمة تؤكد عمق العلاقات ومتانتها وتعد أول «زيارة دولة» يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى دولة عربية وخليجية منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/ أيار الماضي، وتأتي تتويجاً لعلاقة استثنائية لبلدين جمعهما مصير واحد وإرث يضرب بجذوره في التاريخ.

ومنح جلالةُ السلطان أرفع وسامٍ عُماني «وسام آل سعيد» تقديراً من لَدُن جلالته لأخيه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة واعتزازًا بعمق الروابط الأخوية المتينة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، فيما منح صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد جلالة السلطان المعظم «وسام زايد» والذي يُعد أرفع الأوسمة الإماراتية؛ تقديراً من سموّه لأخيه جلالة السلطان المعظم وتعبيراً عما يجمع البلدين والشعبين من أواصر أخوّة ووشائج قربى. وقدم جلالة السلطان هديةً تذكاريةً لرئيس الدولة عبارة عن سيف عُماني، فيما قدّم صاحب السموّ هديةً تذكاريةً لجلالة السلطان عبارة عن مجسّم لجامع الشيخ زايد الكبير.

المؤسسان

استذكر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد خصوصية العلاقات الأخوية التي جمعت الراحلين الكبيرين السلطان قابوس بن سعيد والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمهما الله، ودورهما التاريخي في تعزيز هذه الروابط القائمة على المحبة والاحترام، مؤكداً «أن قيادة البلدين ستمضي بإذن الله على طريقهما ونهجهما» وقال إن «قاعدة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين كبيرة ومتنوعة، ونسعى خلال الفترة المقبلة إلى توسيعها والبناء عليها وتنميتها واستثمار المقومات والفرص المتوفرة في البلدين».

وأعرب صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تطلعه إلى العمل مع جلالة السلطان لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، وبناء أسس راسخة للمستقبل المشترك للبلدين بما يعود بالخير والنماء على شعبيهما ويحقق تطلعاتهما إلى الرخاء والازدهار.

ولفت سموّه إلى أن دولة الإمارات تعمل مع كلّ ما من شأنه تقوية منظومة العمل الخليجي والعمل العربي المشترك، وتحرص على العمل مع أشقائها وفي مقدمتهم سلطنة عُمان في هذا الخصوص معبراً عن تطلعه إلى مزيدٍ من العمل المشترك مع أخيه جلالة السلطان خلال الفترة المقبلة، من أجل تعزيز أسس السلام والاستقرار والازدهار في منطقتنا لمصلحة شعوبها وتطلعاتها نحو التنمية والرخاء.

سكة حديد

وقعت الاتحاد للقطارات، وقطارات عُمان، اتفاقية لتأسيس شركة عُمان والاتحاد للقطارات المملوكة بالمناصفة بين الجانبين، بهدف تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، باستثمارات إجمالية للمشروع بقيمة ثلاثة مليارات دولار أمريكي.

وتأتي هذه الشراكة امتداداً للعلاقات الاستراتيجية والتاريخية المتينة التي تجمع بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة على كافة الصعد. كما تعدّ ثمرة العلاقات الوطيدة بين شركة قطارات عُمان والاتحاد للقطارات، حيث يهدف الجانبان إلى فتح آفاق جديدة في قطاعات البنية الأساسية والنقل والخدمات اللوجستية، وذلك من خلال ربط البلدين بالسكك الحديدية.

الصورة
1
الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8d8hxj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"