عادي

«اقتصاد الهيدروجين».. مستقبل أفضل للكرة الأرضية

23:01 مساء
قراءة 3 دقائق

دبي: خنساء الزبير

اقتصاد الهيدروجين هو نظام مقترح لمستقبل أفضل للكرة الأرضية، يطالب باستخدام الهيدروجين المنتج من مصادر خالية من الكربون في عدد لا يحصى من التطبيقات؛ بهدف تقليل البصمة الكربونية المرتبطة بالاقتصاد العالمي، ولكن هل الأمر بهذه السهولة أم هنالك تحديات سقطت أهميتها وسط الآمال الكبيرة بالانتقال إلى طاقة نظيفة بديلة للوقود الأحفوري؟

ونظرياً يمكن إنتاج هذا الوقود بطاقة الرياح والشمس واستخدامه في إمداد العمليات الصناعية بالطاقة اللازمة وربما حتى استخدامه في وسائل نقل معينة؛ فهذا المقترح يبدو واعداً بدرجة كبيرة على الورق أما في الواقع فإن الهيدروجين الأخضر، واقتصاد الهيدروجين عموماً، يواجه عدداً من التحديات الاقتصادية والتقنية والتجارية.

يتسم هذا الوقود بواحدة من أدنى كثافة للطاقة مقارنة بأي وقود موجود كما أن له مخاطر غير منتظمة تتعلق بالسلامة، إلى جانب أنه يواجه عقبات لوجستية في عمليات التخزين والتوزيع؛ ولكن كل هذه العقبات لم تحد من جهود الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم في استثمار مليارات الدولارات في تقنيات ومشاريع تصنيع الهيدروجين، وهو ما حدث مع الوقود الحيوي منذ عدة أعوام، ولم تظهر أي نتائج حتى الآن؛ لذلك لا ينبغي للمستثمرين التغاضي عن هذه التحديات التي تواجه اقتصاد الهيدروجين.

مخاطر وعوائق

جميع أنواع الوقود تنطوي على مخاطر تتعلق بالسلامة، وهذا الوقود يتضمن مخاطر أن لهب الهيدروجين لا يشتعل في الطيف المرئي، أي أن لهبه غير مرئي للعين البشرية؛ لذلك مطلوب كاشفات اللهب الخاصة به، وسيكون الأمر خارجاً عند تطبيقه خارج نطاق الصناعات.

ومن المخاطر الأخرى أنه قابل للاشتعال بتركيزات منخفضة وفي درجات حرارة أقل من تلك التي تشتعل فيها أنواع الوقود شائعة الاستخدام؛ لهذا أقل تسريب منه يمكن أن يشكل خطراً كبيراً كما أن جزيئاته صغيرة للغاية ما يعني أن التسرب احتمال كبير. وهنا تساعد كثافته المنخفضة في جعل ما يتسرب منه ينتشر بسرعة في الهواء.

هنالك أيضاً خطر يهدد النقل والتخزين يُسمى «التقصف الهيدروجين» وهو أن الهيدروجين يتسبب في جعل بعض المواد أكثر هشاشة؛ وهذه المشكلة شغلت المهندسين على مدى عقود في تصميم الفولاذ والمواد المقاومة لهذا الضعف، خاصة تلك التي تدخل في تصنيع خطوط الأنابيب ومحركات الطائرات.

وعلى الرغم من أن التطور في علم المواد قد خفف من هذه المخاطر فإنها تعمل في تركيزات منخفضة نسبياً من الهيدروجين، أما المواد المخصصة لتخزين أو نقل الهيدروجين (مثل موقد المطبخ أو الأنابيب التي تنقل الغاز الطبيعي إلى المنازل) فستحتاج إلى معالجة هذه المشكلة من جديد.

ميزة أم عيب

من الشائع قول إن للهيدروجين كثافة طاقة لا مثيل لها، وهنالك طرق متعددة لتحديد كثافة الطاقة إلا أن المقياسين الأكثر أهمية يحددان كمية الطاقة الموجودة في كتلة أو حجم معين.

أولاً: من حيث الكتلة يعد الهيدروجين أحد أكثر أنواع الوقود كثافة في الطاقة؛ حيث يحتوي الكيلوغرام الواحد منه على طاقة تزيد بمقدار ثلاثة أضعاف على الكيلوغرام الواحد من البنزين.

وثانياً: من حيث الحجم يعد الهيدروجين من أقل أنواع الوقود كثافة للطاقة؛ حيث يحتوي لتر واحد منه على 25% فقط من طاقة لتر واحد من البنزين، و20% فقط من طاقة لتر واحد من وقود الديزل.

ولأن الهيدروجين يوجد في شكل غاز عند الضغط الجوي ودرجة الحرارة الاعتياديين فهذا يعني أن كيلوغراماً واحداً منه يشغل مساحة كبيرة للغاية، وستكون هناك حاجة إلى خزان سعة 3221 غالوناً لاستيعاب كيلوغرام واحد فقط من هذا الغاز.

ولكي يكون الهيدروجين له فائدة كوقود أو حتى لتخزينه أو نقله يجب تكثيفه وضغطه في شكل سائل، وهذا يتطلب كميات كبيرة من الطاقة والتي تمثل تكاليف إضافية لاقتصاد الهيدروجين بخلاف إنتاجه؛ فعلى سبيل المثال يمكن تخزين البنزين أو وقود الديزل في خزانات من دون الحاجة إلى كثير من الصيانة فيما يتطلب وقود الهيدروجين مدخلات طاقة ثابتة ومواد جديدة ليظل بارداً ومضغوطاً أثناء التخزين.

مشاكل تولد الفرص

يجب أن يضع المستثمرون نصب أعينهم أنهم يستثمرون في الأعمال التجارية وليس في التقنيات؛ فربما يحظى اقتصاد الهيدروجين بالكثير من الاستثمارات والاهتمام، لكنه سيواجه عقبات كبيرة تحول دون تطبيقه عملياً.

ومما يوصى به هنا استغلال التحديات والمتعلقة بالمخاطر وعوائق النقل والتخزين، وأحياناً الإنتاج، والبحث عن حلول لها؛ بحيث تصبح هذه الحلول فرصاً استثمارية ذات عائد؛ كأن تتجه بعض الشركات إلى تصنيع أجهزة الكشف عن تسرب الهيدروجين أو لهب الهيدروجين أو غيرهما من المشاكل التي ربما تتكشف لاحقاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26umt6sb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"