عادي

الانكماش الكبير يُهدد عقارات بريطانيا.. هل تنهار الأسعار؟

16:45 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: هشام مدخنة

يواجه سوق العقارات في المملكة المتحدة أزمة انكماش كبيرة متوقعة غداة تحذير بعض مراقبي السوق من انهيار الأسعار بنسبة تصل إلى 30%، في أكبر تراجع للطلب منذ الأزمة المالية العالمية.

وأظهر تقرير حديث صادر عن المعهد الملكي لمسّاحي الإسكان القانونيين «RICS» تراجع استفسارات مشتري المنازل الجديدة في أكتوبر/تشرين الأول إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2008، باستثناء فترة إغلاق كورونا الأولى. كما انخفض مؤشر العقارات «MSCI UK»، الذي يقيس أداء القطاعات الكبيرة والمتوسطة في سوق المملكة المتحدة، بنسبة 4.3% في الربع الثالث لهذا العام، مسجلاً أسوأ أداء فصلي للقطاع منذ عام 2009.

هدوء بعد العاصفة

يمثل تباطؤ السوق الحاصل فترة راحة من جنون شراء المساكن الذي تسبب به الوباء على مدى العامين الماضيين، حيث انخفضت المعاملات العقارية في سبتمبر/أيلول بنسبة 32% سنوياً من ذروة عام 2021. لكن مع تلاشي عصر الأموال الرخيصة والسهلة، ومضاعفة بنك إنجلترا معدلات الفائدة لمواجهة التضخم والميزانية المصغرة الكارثية في عهد ليز تراس، يُرجح الاقتصاديون انكماش القطاع العقاري بحدة أكثر مما كان معتقداً في البداية.

ويتوقع البنك الاستثماري انخفاض أسعار العقارات في المملكة المتحدة بنحو 10% بحلول الربع الثاني من عام 2023، لكن مقرضين آخرين عبّروا عن مواقف أقل تفاؤلاً. ومنهم بنكا «لويدز» و«باركليز»، اللذان أشارا إلى انخفاضات تتراوح بين 18% وأكثر من 22% للعام القادم. في الوقت ذاته، تشير التقديرات الأكثر كآبة الصادرة عن مؤسسة «نيشين وايد بيلدنغ سوسيتي» المالية، إحدى أكبر مزودي الرهون العقارية في المملكة المتحدة، إلى أن أسعار المنازل قد تنهار بنسبة تصل إلى 30% في أسوأ سيناريو لها.

وفي الواقع، بدأت الأسعار بالفعل بالانخفاض في بعض المواقع، وذلك وفقاً لموقع البحث «رايتموف»، الذي قال يوم الاثنين إن البائعين خفضوا الأسعار بنسبة 1.1% في أكتوبر، ما رفع متوسط سعر منزل تم تسويقه حديثاً إلى نحو 367 ألف جنيه إسترليني (431 دولار).

سداد الرهن العقاري

لم تكن المملكة المتحدة وحدها في هذا الصراع، فارتفاع أسعار الفائدة، والتضخم المتصاعد، والصدمة الاقتصادية من الحرب الروسية الأوكرانية، ألقت بثقلها على سوق الإسكان العالمي. وأظهر التحليل الأخير الذي أجرته مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس» أن أسعار العقارات يبدو أنها ستنخفض في تسعة من أصل 18 اقتصاداً متقدماً، وستكون أستراليا وكندا وهولندا ونيوزيلندا من بين الأسواق الأكثر عرضة لخطر الانخفاض بنسبة تصل إلى 15% إلى 20%.

لكن بحسب «غولدمان ساكس» فإن المشهد الاقتصادي الفريد في المملكة المتحدة يضعها في خطر أكبر بخصوص التأخر في سداد القروض العقارية. وتشمل العوامل المؤثرة الصورة الاقتصادية المتدهورة لبريطانيا، وحساسية معدلات التخلف عن السداد تجاه فترات الركود، والمدة الأقصر للرهون العقارية في المملكة المتحدة مقارنة بمنطقة اليورو ونظرائها في الولايات المتحدة.

وبهذا الصدد كتبت يوليا تشيستكوفا، الخبيرة الاقتصادية في «غولدمان ساكس»: «مقارنة بالدول الأخرى، نرى خطراً أكبر نسبياً بحدوث ارتفاع ملموس في معدلات التخلف عن سداد القروض العقارية في المملكة المتحدة، فضلاً عن مخاطر البطالة المتزايدة لدينا».

مخاطر البطالة الثقيلة

حذر بنك إنجلترا في وقت سابق من هذا الشهر من أن المملكة المتحدة تواجه الآن أطول ركود لها منذ أن بدأت السجلات الرسمية قبل قرن من الزمان، ومن المتوقع أن يستمر الانكماش حتى عام 2024، واصفاً التوقعات بأنها «صعبة للغاية»، قال البنك المركزي إن البطالة من المرجح أن تتضاعف إلى 6.5% خلال فترة الركود التي استمرت عامين، ما سيؤثر في حوالي 500 ألف وظيفة.

وحذرت «أكسفورد إيكونوميكس» في تقريرها من أن مثل هذا الارتفاع في معدلات البطالة يمكن أن يزيد بشكل كبير من المخاطر التي يتعرض لها سوق الإسكان من خلال احتمال خلق موجة من المبيعات القسرية وحبس الرهن العقاري. بدوره يرى بنك «غولدمان ساكس» أن لكل زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في معدل البطالة في المملكة المتحدة، يرتفع التأخير في سداد القروض العقارية بأكثر من 20 نقطة أساس كل عام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2mxt2a47

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"