الفلسفة.. فن وأدب وإبداع

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

في اليوم الثاني، من أيّام الفلسفة في الفجيرة استمعنا إلى أربع ورقات فكرية تصلح كل ورقة منها أن تكون قاعدة عمل بحثي فلسفي يخدم الثقافة العربية والفكر العربي؛ حيث يقال دائماً إن بين الفكر وبين الفلسفة ليس سوى شعرة معاوية، وفي مقام آخر كان لا بدّ من العودة إلى هذه الثنائية، ثنائية الفكر والفلسفة التي ظهرت بعض تجلياتها في يوم الفلسفة الثاني.
د. محمد محجوب عاين مشكلات الفلسفة العربية الراهنة، لا بل إن «الرّاهن» بدا في مداخلات ومقاربات المؤتمر مصطلحاً أو مفهوماً توقف عنده عدد من المؤتمرين والمتداخلين. أما د. حسين حمّاد فقدّم ارتجالاً عرضاً موسعاً جريئاً حول ما سمّاه «سلطة المقدّس في الراهن العربي». وعلى الرغم من أن ثنائية المقدّس والمدنّس ليست جديدة في التداول الفكري والفلسفي العربي والعالمي إلا أن عرض د. حمّاد لقي تجاوبات حوارية عدّة من الجمهور الذي ظهر أنه جمهور انتخابي أي متخصص يقوم على فئة محدودة من المثقفين المنشغلين بالثقافة الفلسفية العربية والعالمية.
في الجلسة الثانية من اليوم الفلسفي الثاني قدّم د. خالد كمّوني ورقة تحت عنوان: «الممكنات القابلة للتحقق في العالم العربي».. على صعوبتها وندرتها، وجاءت في إطار نظري متخصص. وعلى الرغم من أن موضوع هذه الورقة يبدو كما لو أنه خارج الإطار الفلسفي، فإنه، في الوقت نفسه، حقل واسع للتفلسف، وكل حقل جدلي أو تساؤلي أو معرفي أو ظاهراتي هو حقل تفلسف، وفكرة التفلسف أو ظاهرة التفلسف في حدّ ذاتها هي أحد الأهداف التي يسعى إليها بيت الفلسفة في الفجيرة نحو بلورة هدف أكبر وهو حوار المحبة والتسامح والصداقة بين الثقافات وبين حضارات العالم وشعوبه وظواهره الفكرية الإنسانية.
د. أنور مغيث تحدّث عن الفلسفة والإصلاح السياسي، وإن كان ثمة من ربط اجتهادي مثلاً بين مفهوم «الإصلاح»، وبين «الممكن القابل للتحقق» الذي أشار إليه د. كمّوني، فكل إصلاح إذا كان يتغذّى من نسغ فلسفي، فإنه قابل للتحقق.
خطوط ودوائر فكرية، نقدية، حوارية إطارها العام هو الفكر الفلسفي، والثقافة الفلسفية، وفكرة التفلسف بعيداً عن المبالغة والتعقيد والتنظير «الخشبي الجاف»، وهذا ما أشار إليه أحد المتداخلين من الجمهور الشاب الذي أشار إلى أن الجميل في المؤتمر أن نخبة المشاركة تطرح قضايا فلسفية كبيرة وعميقة بأفكار ولغة حيوية لا تحتاج إلى معاجم وقواميس شرح.
الفلسفة لا تحتاج إلى شرح. إنّها تعطي ذاتها وجوهرها وروحها للإنسان بلا تعقيد، وبلا «تخشيب»، فالفلسفة، أيضاً، فن وأدب وإبداع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5eum79sp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"