عادي
تبحث عن حل واحد لجميع المتطلبات

«تويوتا» والسيارات الكهربائية.. تردد لحكمة أم خوف من مجهول؟

22:28 مساء
قراءة 5 دقائق

منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، أصبحت «تويوتا موتور» اليابانية صانع السيارات المفضل لدى دعاة حماية البيئة في الولايات المتحدة، ولدى المستهلكين المهتمين بالبيئة بعد سيارتها الهجينة «بريوس» المكهربة، والتي تُعد من بين أنظف السيارات وأكثرها على الإطلاق كفاءة في استهلاك الوقود.

ووسط ارتفاع أسعار الغاز نما الطلب على السيارة وألهم صانعي السيارات الآخرين لطرح سلسلة من الطرز الهجينة، ولكن لا تزال «بريوس» (بما في ذلك الطراز الهجين الكهربائي المزود بالبطارية) من بين أكثر السيارات التي تعمل بالغاز وذات كفاءة في استهلاك الوقود في أمريكا.

ولكن مع تحول صناعة السيارات إلى مستقبل العمل بالبطاريات فقد أصبحت «تويوتا» غير مفضلة لدى بعض ممن كانوا في يوم من الأيام من مؤيديها، والغريب أن السبب يعود إلى سيارتها «بريوس» التي حظيت بالمديح، وإلى تردد الشركة في الاستثمار في السيارات الكهربائية بالكامل. فقد كتبت كاثرين جارسيا منظمة حملة «نقل نظيف للجميع» التابعة لنادي «سييرا»: الحقيقة هي أن الهجين اليوم ليس تكنولوجيا خضراء، وسيارة «بريوس» الهجينة تعمل بمحرك احتراق ينبعث منه التلوث وموجود في أي سيارة أخرى تعمل بالغاز.

وصنفت «منظمة السلام الأخضر» الأسبوع الماضي «تويوتا» في ذيل دراسة لجهود 10 شركات تصنيع سيارات لإزالة الكربون مستشهدة بالتقدم البطيء في سلسلة التوريد ومبيعات المركبات عديمة الانبعاثات مثل المركبات الكهربائية التي بلغ إجمالي مبيعاتها أقل من 1% من إجمالي مبيعات الشركة.

وبينما تعهدت بعض شركات صناعة السيارات مثل «جنرال موتورز» و«فولكس فاجن» وغيرهما باستثمار مليارات الدولارات في السنوات الأخيرة لتطوير سيارات كهربائية بالكامل لا تتطلب محركات تعمل بالغاز مثل «بريوس»، تأخرت تويوتا ولم تعلن إلا مؤخراً عن استثمارات مماثلة كما أنها تواصل الاستثمار في مجموعة من السيارات «المكهربة» بدءاً من السيارات الهجينة التقليدية مثل «بريوس» إلى سيارة الكروس اوفر «bZ4X» الكهربائية التي تم إطلاقها مؤخراً لكنها مخيبة للآمال؛ ووضعت هذه الاستراتيجية أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم في مواجهة العديد من منافسيها وأثارت تساؤلات حول مدى التزامها بمسار مستدام للمضي قدماً للصناعة على الرغم من أهداف الشركة بأن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2050.

و«تويوتا» ليست وحدها في مثل هذه الخطط حيث تستثمر «ستيلانتس» و «فورد» وشركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى في الطرز الهجينة المكهربة.

ومن جانب «تويوتا» علق نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات في شركة «تويوتا موتور» بأمريكا الشمالية، جاك هوليس، الشهر الماضي خلال اجتماع افتراضي لجمعية صحافة السيارات قائلاً: «بقدر ما يريد الناس التحدث عن السيارات الكهربائية فإن السوق ليس ناضجاً بما يكفي وليس جاهزاً بما يكفي للمستوى الذي نحتاج إليه لحركة جماعية».

رهانات تحوط

أعلنت «تويوتا» في ديسمبر عن خطط لاستثمار 4 تريليونات ين، أو حوالي 28 مليار دولار الآن، في تشكيلة من 30 سيارة كهربائية تعمل بالبطاريات بحلول عام 2030، وفي الوقت نفسه تواصل الاستثمار في السيارات الهجينة مثل «بريوس» والبدائل المحتملة الأخرى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية؛ وقال جيل برات، كبير علماء «تويوتا» والرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث «تويوتا»، خلال حدث إعلامي الشهر الماضي في ميشيغان: إنهم يريدون أن يوفروا لكل شخص طريقة يمكنه من خلالها المساهمة بشكل أكبر في حل مشكلة تغير المناخ، وإنهم يعلمون أن تحقيق هذا يتطلب عدم معاملة الجميع بنفس الطريقة.

وقبل أسابيع أعلنت الشركة أنها ستخصص ما يصل إلى 5.6 مليار دولار لإنتاج بطاريات السيارات الهجينة والكهربائية بالكامل في اليابان والولايات المتحدة لمساعدة خططها المعلنة سابقاً وربما يبدو هذا كثيراً لكنه يتضاءل أمام الآخرين مثل «فولكس فاجن» و«جنرال موتورز»، حيث حددت «جنرال موتورز» هدفاً يتمثل في تقديم حصرياً سيارات كهربائية خالية من الانبعاثات بحلول عام 2035، بما في ذلك علامتها التجارية كاديلاك وبويك بحلول عام 2030، وتعهد العديد من صانعي السيارات الآخرين بوعود مماثلة أو وضعوا أهدافاً ل 50% أو أكثر من سياراتهم المباعة في أمريكا الشمالية لتكون كهربائية بالكامل.

وتهدف «تويوتا» إلى بيع 3.5 مليون سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما يمثل أكثر من ثلث مبيعاتها الحالية؛ وتشمل هذه المبيعات حوالي مليون وحدة من علامتها التجارية الفاخرة «لكزس» والتي تخطط لتقديم سيارات كهربائية حصرية في أوروبا وأمريكا الشمالية والصين بحلول ذلك الوقت.

سياسة التحوط

ويعتقد بول واتي، مدير تحليل الصناعة في «اوتو باسيفيك»، أن «تويوتا» بالتأكيد في الجانب المحافظ عندما يتعلق الأمر بالمركبات الكهربائية، ولكن هذا ليس بالضرورة أمراً سيئاً لمثل هذه الشركة الكبيرة لصناعة السيارات، ويعتقد أنهم يتحوطون في رهاناتهم لأنه من منظور عالمي تتحرك الكثير من الأسواق في خطوات مختلفة؛ فالولايات المتحدة أبطأ من أوروبا والصين في اعتماد المركبات الكهربائية ولكن هناك أسواق أخرى لا توجد فيها بنية تحتية على الإطلاق لذلك فإن اتباع نهج متنوع أمر منطقي بالنسبة إلى صانع سيارات عالمي.

وفي عام 2021 باعت «تويوتا» 10.5 مليون سيارة في ما يقرب من 200 دولة ومنطقة (أكثر من أي شركة تصنيع سيارات عالمية أخرى بما في ذلك الشركات التابعة لها هينو ودايهاتسو) فيما باعت «فولكس فاجن»- ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم- 8.9 مليون سيارة في 153 دولة، وباعت «جنرال موتورز» وشركاتها المشتركة 6.3 مليون سيارة بشكل أساسي في أمريكا الشمالية وآسيا.

حل واحد

تؤمن شركة «تويوتا» بأن السيارات الكهربائية بالكامل أحد الحلول وليست الحل لهدف الشركة في أن تصبح محايدة للكربون، ويتوقع المسؤولون التنفيذيون في الشركة أن مناطق مختلفة من العالم ستتبنى السيارات الكهربائية بمعدلات متفاوتة بحسب الطاقة المتاحة والبنية التحتية والمواد الخام اللازمة للبطاريات لتشغيل المركبات. وإلى جانب السيارات الهجينة والكهربائية استثمرت «تويوتا» بكثافة في السيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين بما في ذلك الجيل الثاني من سيارتها «ميراي».

تعمل المركبات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، مثل المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات ولكنها تعمل بالكهرباء المولدة من الهيدروجين والأكسجين ولها منتج ثانوي وحيد وهو بخار الماء، وتتم تعبئتها من خلال فوهة بنفس سرعة السيارات التقليدية التي تعمل بالغاز والديزل.

ومع ذلك تواجه المركبات التي تعمل بخلايا الوقود نفس التحديات التي تواجه السيارات الكهربائية بالكامل من حيث التكاليف ونقص البنية التحتية وفهم المستهلك؛ وذكرت «تويوتا» أنها تدرس أيضاً الوقود الإلكتروني الذي يقول المسؤولون إنه محايد مناخياً ليحل محل البنزين في المركبات غير الكهربائية.

التكلفة والمواد

تميل الخيارات المتوسطة إلى أن تأتي بعلامات سعر أقل؛ فعلى سبيل المثال سيارة «تويوتا بريوس» الهجينة 2022 (بتصنيف وكالة حماية البيئة تصل إلى 56 ميلاً في الجالون مجتمعة) يبدأ سعرها بحوالي 25000 دولار وهذا يقل بحوالي 17000 دولار عن سيارة «bZ4X» الكروس أوفر الكهربائية بالكامل التي تنتجها الشركة، أما البطاريات في السيارات الكهربائية فمكلفة للغاية وتستمر الأسعار في الارتفاع بسبب التضخم والطلب على مواد مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل اللازمة لإنتاج خلايا البطارية، وقد ارتفعت تكاليف المواد الخام للسيارات الكهربائية بأكثر من الضعف خلال جائحة فيروس كورونا، وهذا يجعل استراتيجية «تويوتا» للسيارات الهجينة اقتصادية إلى حدٍ ما وتؤكد تويوتا أيضاً أنه لا يوجد ما يكفي من هذه المعادن.

وفي هذا الصدد حذر برات من أن على مدى السنوات العشر المقبلة أو نحو ذلك، ستكون هناك اختناقات هائلة في إمدادات الليثيوم حول العالم ويضرب مثال بكميات الألغام التي يجب صنعها، ويقول أيضاً أنه ستكون هنالك مشاكل في توفر النيكل الذي يدخل في تصنيع البطاريات.

وتقدر شركة «ميتالز»، وهي شركة ناشئة مقرها كندا، أن هناك إنتاجاً غير كافٍ بشكل كبير من فئة بطاريات النيكل والكوبالت وكبريتات المنغنيز للوصول إلى أهداف السيارات الكهربائية الأمريكية بحلول عام 2030.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjm99d3x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"