السياسة بعين كروية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل سيأخذ القارئ هذا الطرح على محمل الدعابة السياسية؟ كرة القدم لها وجوه شتى في دنيا السياسة، لكن ثمّة وجه غير مكتشف. يقيناً سترى ردود فعل متباينة إذا تجرأتَ على الحديث عن هذا الموضوع أمام فطاحل العلوم السياسية، سيسلقونك بألسنة حداد.
قد يوجد في نهر الدعابة ما لا يوجد في بحر النظريات. في ميراث الفكر السياسي في أثينا وروما الكثير قبل أرسطو، وفي المكتبة العربية التراثية ألوان من«نصيحة الملوك» المنسوب إلى أبي الحسن الماوردي، و«الشفاء في مواعظ الملوك والخلفاء» لابن الجوزي، إلى جانب فصول في كتب موسوعية تجميعية، مثل «صبح الأعشى» للقلقشندي. من أهم المحطات في هذا الميدان كتاب «الأمير» للإيطالي ماكيافيلي. أما في العصر الحديث فلن تكفيك القرون لقراءة المكتبة السياسية.
ههنا، اختلاط الجدّ بالدعابة. مَن تُرى من أدمغة التنظير الحزبي الأيديولوجي والفكر السياسي، دعا إلى الاقتداء بكرة القدم في العمل السياسي في تسيير شؤون الدول وفي بناء هياكل الأنظمة؟ كم تتصور عدد الأنظمة في العالم التي استطاعت أن تحظى بالتفاف شعبي حولها من القلب والمهجة؟ 
هاتِ رقماً عاقلاً عادلاً للأنظمة التي أسعدت شعوبها في مباريات التنمية الحضارية بتسجيل أهداف تهزّ شباك التحديات؟
أيّ نظام حكم لا يتمنى احتضانه من قبل شعبه مثل ما تحتضن الشعوب منتخباتها المتألقة؟ ما حاجة الكثير من الأنظمة إلى القمع والاستبداد والفساد والتخلف وانعدام استقلال القضاء، لو عملت بوصفة نظام كرة القدم؟ 
الملاعب والنوادي والمنتخبات أمام أعينها، لكنها لا تراها كفكرة مجردة قابلة للتطبيق في عالم السياسة. «كالعيس في البيداء يقتلها الظما.. والماء فوق ظهورها محمولُ». 
المنتخبات المتقدّمة مثال للإدارة الفائقة، لدراسة الجدوى في كل صغيرة وكبيرة، للاعتماد على الكفاءات والمواهب، للسهر على إسعاد شعوبها، بتحقيق أعلى المراتب والمراقي.
أليس عجيباً أن الأنظمة التي لا تربطها أواصر صادقة بشعوبها، لا تتوق إلى أن تكون على إخلاص متبادل مع جماهيرها، أن تكون برامجها التنموية في الاقتصاد والصناعة والزراعة والصحة والبنى التحتية والثقافة والتقدم العلمي والمكانة العالمية والعلاقات الدولية، أناشيد تتدفق من حناجر شعوبها؟
أليس رائعاً أن ترى النظام في شعبه، والشعب في نظامه.
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبية: في كل أرجاء العالم يتحدث الساسة بالذات عن اللعبة السياسية، فلماذا نرى أكثرية الأنظمة السياسية لا تجيد اللعب، أو تلعب في الوقت الضائع؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4j98fx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"