عن الديمقراطية وحقوق الإنسان

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عند الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، يتبادر إلى الذهن أن الدول الغربية هي المثال والنموذج في تطبيق هذين المفهومين الإنسانيين اللذين يتعلقان بحق البشر في الحياة، والحرية والكرامة والحقوق، بغض النظر عن اللون والجنس والدين واللغة، كما ينصّ على ذلك الإعلان العالمي الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1948.

صحيح أن العديد من الدول الغربية قطعت شوطاً بعيداً في ترجمة الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى واقع في الداخل، إلا أنها تتصرف مع الدول الأخرى عكس ذلك؛ لأنها ترى نفسها قيِّمة على تفسير هذين المفهومين، وفق مصلحتها السياسية عندما ترى ذلك ممكناً.

واللافت في هذا المجال هو أن المؤشرات الدولية الخاصة بالديمقراطية تشير إلى تدنّي مستوى الديمقراطية في العديد من الدول الغربية، مع تصاعد الأحزاب المتطرفة والشعبوية. ووفقاً لمقال بعنوان: «خطر التحلل.. انفصال الديمقراطية» كتبه روبرتو فوا، وياشا مونك في «مجلة الديمقراطية» الصادرة عن المؤسسة الوطنية من أجل الديمقراطية، يتحدثان فيه عن تزايد دعم التطرّف السياسي في أمريكا الشمالية وفي أوروبا الغربية، وهو ما يظهر من خلال فوز العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة المعادية للملوّنين والمهاجرين، وتنامي التيار المتطرف في الولايات المتحدة، بما ينسف كل المفاهيم المتعلقة بحقوق الإنسان.

ويقول مارك بلاتر مدير تحرير «مجلة الديمقراطية»، إن جزءاً من الناخبين الأمريكيين يشعرون بخيبة أمل كبيرة إزاء الديمقراطية، و«إن قسماً كبيراً من هؤلاء مستعدون للنظر في بدائل سياسية غير ديمقراطية وغير ليبرالية».

أما ديفيد سيلفان الأستاذ في المعهد الجامعي للدراسات الدولية (جنيف)، فيقول: «الأوقات العصيبة التي نمر بها ستُظهر لنا إلى أي مدى يمكن أن تتحمل الديمقراطيات الراسخة صدمات التغيير الجارية».

وفي هذا المسار لا يمكن القول إن الأشكال المختلفة من تطبيق الديمقراطية، تمثل التعبير الحقيقي عن مفهوم الديمقراطية الأساسي، وهو حكم الشعب بالشعب؛ لأن اختيار ممثلي الشعب من خلال البرلمان أو الحكومة أو الرئيس، يخضع إما لاعتبارات لها علاقة بسطوة المال أو النفوذ أو العصبية الحزبية أو الدينية، وليس بعيداً من الحقيقة قول تشرشل: «إن الديمقراطية هي أسوأ نظم الحكم، باستثناء بقية النظم الأخرى».

إن بعض الأنظمة التي تدّعي الديمقراطية تمارس في علاقاتها الخارجية نقيض ذلك مع الدول الديمقراطية الأخرى، لمجرد أنها تتعارض معها سياسياً؛ بل تلجأ إلى التآمر عليها. كما تسعى إلى فرض نموذجها الديمقراطي على الدول الأخرى بالقوة، كما حاولت إدارة جورج بوش الابن مع الدول العربية.

ثم إن مسألة حقوق الإنسان تمثل الوجه الآخر للتناقض بين القول والفعل، فبينما ترى الدول الغربية أنها حامية هذه الحقوق، إلا أنها تُخضع هذه الحقوق لمعايير سياسية وقومية، وأسس عرقية ودينية، خصوصاً في ما يتعلق بحقوق اللاجئين والمهاجرين والمطرودين من أرضهم، كما هو حال الشعب الفلسطيني وشعب «الروهينغا» في ميانمار.

بل أكثر من ذلك أن الحروب المتواصلة التي تستهدف العديد من الدول أو حصارها، أو ممارسة ضغوط عليها، هي أشكال من القتل العمد والترويع والترهيب التي تتناقض بالمطلق مع حقوق الإنسان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2uvdaxb9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"