عادي
لجعلها مركزاً عالمياً للفنون ورافداً اقتصادياً للدخل القومي

فنانون : خريطة طريق لإنعاش الدراما الإماراتية

23:03 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: أحمد النجار

تبنى فنانون إماراتيون اقتراحات ومبادرات لإنعاش الدراما المحلية، وإخراجها من الموسمية، لتحقيق أعلى معدلات الضخ الإنتاجي بموجة أعمال تحمل قدرات من الإبهار الفني، بالتوازي مع معادلة التأثير في جوهر الرؤية. وطالب الفنانون بتأسيس مجلس وطني لتطوير الدراما، أو لجنة متخصصة تابعة للمؤسسات الثقافية أو القطاعات الحكومية الرسمية بهدف الارتقاء بهذه الصناعة التي باتت تشكل رافداً اقتصادياً مهماً للمجتمعات.

اتفق الممثلون في إفادات ل«الخليج» أن الإمارات نجحت في شق طريقها من الصحراء في الفضاء، فيما لا يزال مشروع صناعة الدراما يتراجع، مع ركود إنتاجي، وعزف الجمهور عن مشاهدة الأعمال التي يقتصر عرضها في الحضور الموسمي، وهجرة الفنانين الإماراتيين نحو الدراما الخليجية.

1
خالد النعيمي

سوق الإنتاج

طرح الفنان خالد النعيمي مرتكزات لخطة عمل للارتقاء بالدراما الإماراتية، فقال: «ينبغي التنوع وتعدد وسائل الإنتاج الفني وصناعة المحتوى الفني، وليس فقط الاعتماد على الإنتاج التقليدي الذي كان يستند إلى دعم التلفزيونات، من خلال التشجيع على الدخول في غمار الإنتاجية الجديدة وهي سوق المنصات الرقمية والقنوات الإلكترونية مثل منصة «نت فلكس» و«شاهد» و«أمازون» وغيرها من المنصات التي تقدم إنتاجات جماهيرية ضخمة مثل الأفلام والمسلسلات والبرامج، لذلك فإن صناعة الدراما اليوم باتت أسهل مع وجود التنافس في العرض والطلب»، مشيراً إلى أن مفهوم إنتاجها اختلف اليوم عما كان عليه في السابق، وأصبح الإنتاج الفني متاحاً وموجوداً في كل وقت وطوال العام مع توفر المنصات الرقمية والقنوات الخاصة.

ولفت النعيمي إلى أن صناعة مستقبل الدراما تحتاج إلى دراسة متأنية لاحتياجات الجمهور، كونه أصبح مستهلكاً، ويدفع مقابل ما يشاهده على عكس جمهور الماضي، الذي كان مجرد متلقٍ فقط، ويتقبل أي مادة درامية أو عمل فني يتابعه ويشاهده ويكمله للنهاية، أما اليوم فإن المشاهد يملك رفاهية الاختيار في تحديد اهتمامات وفق ذائقته، كما أنه لم يعد حاضراً في الشاشات والفضائيات، لذلك ينبغي عند صناعة إنتاج درامي جديد، الأخذ بالاعتبار أن جمهور اليوم أصبح موجوداً في المنصات الرقمية، ولا يتقبل أن يضيع وقته وماله في أعمال متواضعة لا تلبي طموحاته.

وأضاف النعيمي: «يجب إعادة النظر في صناعة الدراما الحديثة بالنظر إلى زيادة إنتاج الأعمال في التلفزيونات والسينما والمسرح والاعتماد على القطاع الخاص والشركات الخاصة أكثر من القطاع الحكومي والدعم الحكومي، ذلك أن الاستراتيجية والأهداف وتحقيقها تمثل مسؤولية فردية ومجتمعية تصنع من قبل الفنانين والمنتجين ورعاة الفن والثقافة».

تقليد مستهلك

لم ينكر الفنان والمخرج عبدالله الجنيبي، وجود ضعف في منظومة الإنتاج نفسها، معتبراً أن الإشكالية الحقيقية تكمن في تعامل المعنيين مع الدراما المحلية على أنها سلعة تجارية فقط تخلو من كل أدوات الإبداع والفن والثقافة والهوية الوطنية، ما جعلها تغدو منتجاً رخيصاً مبتذلاً من قبل القائمين على هذه الصناعة التي باتت تمثل بالنسبة للمنتجين المحليين أو العرب «صفقة تجارية رابحة»، ودائماً فإن أي سلعة رخيصة لا تدوم بالنهاية. كما أضاف الجنيبي أن الدراما لم ترتقِ بعد أن تصبح «صناعة حقيقية» فلا تزال مجرد تقليد مستهلك لصناعات إنتاجية من دول مجاورة، لعدم وجود أعمال درامية قوية تنافس الخليجية والعربية.

إعادة البناء قبل الاستثمار

طالب الجنيبي بإعادة النظر في بناء منظومة الدراما، ومن ثمّ نفكر في الاستثمار، كما دعا المعنيين إلى ضرورة فهم دور الدراما والفنون بكل أنواعها ومدى أهمية وجودها في حياتنا وواجهة حضارية في مجتمعاتنا، ووقف التعامل معها على أنها مجرد «كماليات» ووصفها بأنها قوة ناعمة وسلاح قوي يمكن توظيفه للبناء أو الهدم، وهذا الأمر يحتاج إلى توجهات عليا أكبر من مدير قناة أو منتج منفذ.

وأوضح الجنيبي أن الدراما تحتاج إلى جهة حكومية مستقلة هدفها وضع بنية تحتية صلبة وقوية للدراما المحلية، مشيراً إلى أن بناء الإنسان ثقافياً هو مشروع ضخم لا يستهان به في ظل الزخم القادم من قبل وسائل التواصل الاجتماعي بمفاهيم أخلاقية وثقافية رخيصة ومشبعة بالقيم السطحية التي تنخر المجتمع من الداخل.

خدمة القيم الإماراتية

قالت الممثلة الإماراتية بدرية أحمد، إن المنتج هو المسؤول الأول على اندثار وركود الدراما، التي لم يعد لها حتى حضور موسمي ثابت، مضيفة: «كل الأعمال تعتمد على ممثلين من دول مختلفة، يتم تقديمها على إنها دراما إماراتية بوجوه محلية»، كما أرجعت بدرية سبب غيابها عن الدراما الإماراتية، إلى وجود «الشللية» و«الجروبات» التي صادرت حقوق الممثل الإماراتي. مفيدة بأن جمهورها لطالما رفعوا «هاشتاغات» على منصات التواصل الاجتماعي «أين بدرية أحمد ؟»، وبدورها تنقل ذات السؤال إلى المنتجين وصناع الدراما.

وترى الممثلة بدرية أحمد أن الحلول الحقيقية لتطوير الإنتاج الدرامي يكمن لدى المؤسسات المعنية بالإعلام، والتي يفترض أن تطالب المنتجين بإنتاجات درامية محلية مكثفة تكسر حاجز الموسمية، وتضع لها قوانين وشروطاً يستلزم توافرها في عناصر العمل الدرامي الذي يتبنى طرح هموم ومشكلات مجتمعية وتقدم رسائل وحلولاً لمعالجتها تتضمن قيم الارتقاء بالمحتوى الترفيهي مع ترقية وتوظيف المبادئ الوطنية للدولة مع نفحات القيم الحضارية والثقافية الهادفة.

دراما تلفزيونية

تلوح في أذهان الممثلة القديرة موزة المزروعي، التي توصف بأنها من جيل الرواد الأوائل والمؤسسين للدراما الإماراتية، هموم كثيرة، وقالت إنها بعد التقاعد لم تتلقّ أي نص للمشاركة في أعمال درامية بسبب التهميش وعدم التقدير لمسيرتها الطويلة.

وأشارت إلى أن التلفزيونات المحلية كانت تتولى مهمة الضخ الدرامي وتعتني بجودة القيم والمضمون والمحتوى وتضع ذائقة المشاهد في مقدمة الشروط والمعايير الإنتاجية بإشراف مباشر من وزارة الإعلام في ذلك الوقت، والتي كانت تكنّ عظيم التقدير للفنانين وتوليهم اهتماماً واحتراماً لدورهم الاجتماعي ورسالتهم التنويرية في تثقيف وترفيه المجتمع.

أجور زهيدة

تأسفت المزروعي لحال الدراما اليوم نتيجة أنانية المنتجين الذين يبحثون عن الثراء السريع على حساب الممثلين والمضمون والمعايير الفنية والقيم المجتمعية، ما أدى إلى خلق فجوة كبيرة بين الممثل والمنتج.

وتلفت المزروعي إلى أن المنتجين الجدد اتجهوا إلى استقطاب ممثلين لا يملكون أي خبرة مقابل أجور زهيدة يرفضها الكثير من الفنانين المحترفين، ومضوا في إنتاج أعمال درامية لم تحقق أي نجاحات.

وفسرت عزوف الجمهور المحلي عن مشاهدة الدراما المحلية، نتيجة غياب اللهجة الإماراتية الأصيلة، وتداخلها مع لهجات ممثلين من جنسيات مختلفة، مشيرة إلى أنها عندما وقفت على المسرح كان الممثلون يرتدون ملابس نسائية لغياب العنصر النسائي، واليوم تجاهل الكثير من الكوادر النسائية.

رافد للاقتصاد الوطني

طالبت الممثلة فطيم الشامسي، المؤسسات الثقافية المختصة بنشر القيم والهوية والثقافة إلى ضرورة الاستثمار الاجتماعي والاقتصادي في الدراما بإعادة النظر في صناعتها وجعلها رافد للاقتصاد الوطني وأداة من أدوات القوة الناعمة في بناء جسور بين الثقافات والشعوب لنقل القيم الإماراتية إلى العالم، ودعت إلى تأسيس لجنة أو مؤسسة تتولى مسؤولية الإنتاج الدرامي وتبني المواهب الإماراتية وفتح المجال أمام المخرجين والمنتجين والممثلين الشباب لإبراز مهاراتهم وقدراتهم وتقديم رؤاهم وتنفيذها وتشجعيهم على الاستمرارية حتى بلوغ مستويات الاحتراف.

رافعة حضارية للفنون

1
عبدالله المقبالي

اقترح الممثل عبدالله المقبالي، إنشاء لجنة فنية متخصصة في مجال الدراما مهمتها النهوض بالإنتاج والمحتوى ودعم المهارات التمثيلية للشباب مع ضرورة أن يكون الأعضاء على صلة بالمجال الفني ويملكون خبرات كافية، والاستعانة بمتخصصين في طرح أفكار جديدة تساهم في انتعاش المضمون والشكل الدرامي، ويتمتعون بخبرات طويلة في قراءة النصوص ومراجعتها قبل تقديمها إلى شاشة القنوات.

وأشار إلى أن دبي لديها إمكانيات هائلة تجعلها قادرة على أن تكون مدينة عالمية للإنتاج الدرامي، لما تملكه من مقومات فنية وجمالية وبيئة سياحية فاخرة وتنوع بيئي ومجتمع عصري يجمع مئات الأجناس والأعراق، ولذلك ينبغي توجيه بوصلة الاهتمام إلى العمل الدرامي بوصفه رافعة المستقبل لبقية الفنون والإبداعات، من شأنها أن يكون مركز جذب للمواهب الجديدة، إلى جانب بناء علاقات تواصل وتعاون وتبادل خبرات مع كبرى شركات الإنتاج الدرامي في مصر وتركيا والخليج وغيرها من الدول التي نجحت في جعل الدراما واجهة سياحية وعلامة ثقافية تبرز وجهها الحضارية.

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2k8wbwjz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"