عادي

«جيش من الأيتام» أحد وجوه خراب الإيدز في جنوب إفريقيا

17:21 مساء
قراءة 3 دقائق
أطفال يرقصون في جوهانسبيرغ بجنوب إفريقيا خلال مشاركتهم في اليوم العالمي للإيدز

كغيره من عدد كبير من مواطني جنوب إفريقيا، حُرم ندوميسو جاميدي من والديه اللذين أودى الإيدز بحياتهما الواحد تلو الآخر في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأدت العلاجات إلى منع تفاقم الأزمة، لكن تأثيرها على هذا «الجيل الضائع» ما زال واضحاً.

ويعرض مغني الراب (28 عاماً) والذي اضطر إلى تربية أخويه الصغيرين منذ أن كان في سن الثالثة عشرة، صوراً لوالديه معلقة على جدار تحت ضوء خافت في المرأب الذي يعيش فيه في مدينة الصفيح فسلوروس على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً عن جوهانسبيرغ.

وقال جاميدي: «كانا مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وكاد موتهما يدمرني». وعبر عن أسفه؛ لأنه «لم يكن لديه من يوجهه وهو في سن المراهقة». وقد نجا من المخدرات والجريمة ويقول إن الموسيقى أنقذته.

وقبل أيام قليلة من اليوم العالمي للإيدز في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، لا تزال نسبة المصابين بالإيدز في جنوب إفريقيا تبلغ 13,7 بالمئة، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم.

لكن أكثر من 5,4 مليون شخص من أصل ما يقدر بنحو 8,2 مليون مصاب يتناولون أدوية مضادة للفيروسات، في إطار واحد من أكبر برامج علاج فيروس الإيدز في العالم أدى إلى خفض معدل الوفيات بشكل كبير.

وتذكر أغنيس موكوتو التي ترأس برنامجاً مخصصاً لمحاربة المرض في كيب تاون ضمن منظمة غير حكومية أن «عدد الأطفال الذين يصبحون أيتاماً بسبب الإيدز انخفض» نتيجة لهذا البرنامج.

وقد تراجع عددهم من 1,9 مليون طفل في 2009 إلى 960 ألفاً في 2021، حسب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز.

وأدت الفجوة في هرم الأعمار بسبب الوباء إلى خلق جيل ضائع، وخصوصاً آباء صغار السن.

وتقول الطبيبة ليندا جيل بيكير من مؤسسة «ديزموند توتو لمكافحة الإيدز»: «في الأيام المظلمة من مطلع الألفية الثانية، كان الناس يموتون بشكل جماعي ما أدى إلى جيش من الأيتام».

وتوفي والدا ندوميسو في ذروة الكارثة منذ حوالي خمسة عشر عاماً. في ذلك الوقت، انتشرت العدوى بسرعة كبيرة، وفاقمها عدم اعتراف رئيس جنوب إفريقيا آنذاك ثابو مبيكي، بالأزمة، ما أدى إلى تأخر توزيع العلاجات ومضادات الفيروسات بشكل واسع في البلاد.

وأفادت دراسة أجرتها جامعة هارفارد بأن أكثر من 330 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب سوء إدارة الرئيس مبيكي ووزيرة الصحة التي كانت تسمى «الدكتورة شمندر»؛ لأنها أوصت باستخدام مغلي الليمون كعلاج.

وأكد نائب الرئيس ديفيد مابوزا، مؤخراً، أنه على الرغم من التقدم المحرز، ما زالت حكومة جنوب إفريقيا «قلقة بشأن معدلات الإصابة المرتفعة» لا سيما «بين المراهقات والشابات».

ويتذكر الموسيقي الشاب أنه عندما مات والداه «أدارت أسرة والدتهم ظهرها لهم، ولم تكن تريد أن تعرف ما ينقصنا».

وقدم لهم الجيران الطعام، ووجد ندوميسو وظيفة في مطعم للوجبات السريعة، لكن أجره «لم يكن كافياً». ويعيش شقيقاه الأصغر سناً وأحدهما مدمن مخدرات، في أكواخ هشة قريبة.

والخوف من العار هو الذي حال دون حصول والديه على علاج مناسب وكان عليهما الاختباء. ويؤكد مغني الراب أنه «لو تناولا علاجاً لكان أحدهما على قيد الحياة».

وتقول نونهلانهلا مازاليني، التي تدير مأوى في غرب جوهانسبيرغ، إنها تعتني ب«21 شاباً مصابين بالإيدز، لا يملكون أوراقاً ثبوتية»؛ لأن أسرهم تخلت عنهم.

وتضيف، «لدي طفل صغير أعمى استقبلناه منذ أن كان في الثانية من عمره، إنه الآن في الرابعة والعشرين، بلا وظيفة، ولا يمكنه طلب مساعدة اجتماعية؛ لأنه لا يملك أوراقاً ثبوتية».

وندوميسو أصبح أباً منذ فترة قصيرة. وعرض بفخر أحدث تسجيل فيديو له على جهاز الكمبيوتر، وهو يبحث أيضاً عن عمل، لكن الأمر معقد بدون شهادات. وهو يعتقد أنه لو لم يُودِ الإيدز بحياة والديه لسنحت له «فرص»، كما يقول بحزن.

وقال: «ما كانت الحياة ستصبح بهذا الشكل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdf86d84

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"