عادي
وصل إلى القائمة الطويلة في «زايد للكتاب»

«عصر العلم».. رحلة الجنس البشري نحو التعلم

00:37 صباحا
قراءة 4 دقائق

أصدر المركز القومي للترجمة في القاهرة كتاب «جيرارد بيل» «عصر العلم.. ماذا تعلم العلماء في القرن العشرين؟» ترجمة وتقديم حسين ثابت، وهو الكتاب الذي وصل إلى القائمة الطويلة، وينافس على جائزة الشيخ زايد في الترجمة، حيث يشير المترجم إلى أنه في رحلة الجنس البشري على تلك الأرض، هناك المئات من المحطات التي يتعين على المراقب أن يتوقف عندها، ويتأملها.

ولا تخلو تلك المحطات من كلمة السر الأزلية، وهي العلم، فالعلم بكل أشكاله وصنوفه وفروعه، ومدى نضجه وإحاطته بما حوله هو الآلية المحركة لحضارة البشر، تلك التي تكاد تتفوق على نفسها الآن.

لم يرتق الجنس البشري في سلم المعرفة والتطور، إلا من خلال متلازمة التجربة والخطأ، التي علمته، ليس فقط استخدام النار، عندما شاهد الغابات من حوله، يضربها البرق فتشتعل، وإنما أيضاً تعلم الاحتفاظ بها مشتعلة، ومن ثم تطور الأمر إلى معرفة أسرار إيقاد جذوتها بأحجاره، التي قدحها فأنتجت شرارة، أضرمت النار في العشب الجاف، لم هذا الحجر دون غيره؟ إنها التجربة والخطأ اللذان هما عمود العلم.

لم تزدهر الحضارات القديمة إلا بفضل البحث والتنقيب وإعمال العقل، والتعلم من الخطأ، والاستنتاج والتنبؤ، وهذه هي في واقع الأمر أبسط تعريفات العلم، وعلى مسار الدرب الطويل للحضارة البشرية استمر البشر في تقوية دعائم بنيان العلم الكبير، إذ أضافت كل طبقة بشرية كماً أو كيفاً معرفياً، يسهم ولو قيد لبنة واحدة في جدار المعرفة البشرية، حيث لا يمكننا أن نستثني جيلاً أو فئة أو جماعة بشرية، من كونها لعبت دوراً، في إنماء معارف البشر.

مسيرة طويلة

يوضح الكتاب أن مسيرة العلم المؤسس للحضارة البشرية، تنقسم إلى مرحلتين: العلم القديم، والعلم الحديث، والمقصود بالعلم القديم تلك المعارف البشرية، التي واكبت خروج الإنسان من غابات السافانا الإفريقية، وانتشاره في أنحاء المعمورة، ويمكن وصف العلم في تلك المرحلة المؤسسة بأنه رصدي، يلاحظ فيه الشخص ما يجري من حوله، محاولاً محاكاة ما أمكنه منه.

ظلت تلك المرحلة الاستكشافية الرصدية، حتى قبيل عصر كوبرنيكوس، ومن بعده جاليليو ثم داروين، ولم يذعن كوبرنيكوس لما وجد عليه آباؤه، فقام بإعمال عقله، قدر ما تيسر له من أدوات قياس فلكية ومختبرات، لكن الأهم هو المناخ الذي تترعرع في أكنافه بذور العلم، أو تختنق بفعل دخان الجهل والتجهيل والعصبية الزائفة.

يوضح الكتاب أن أعمال كوبرنيكوس وجاليليو وداروين ونيوتن وغيرهم شكلت الإرهاصة الأولى لميلاد المرحلة الثانية من العلم، وهي العلم التجريبي، وكان التخصص هو المآل حتى في داخل العلم الفرعي الواحد، ولعلها الميزة التي دفعت العلم إلى ذروته، فمع التخصصات الدقيقة، اتسع ميدان الابتكار والتعمق والفهم الأشمل لقوانين الكون والحياة، ما أسهم بشكل كبير في ردم فجوات معرفية لم يكن هناك من يتسنى له ملؤها قبل ذلك.

من هنا أصبحت الثورات المعرفية تترى في كل الاتجاهات، آتية من كل حدب وصوب، فهذا ماكسويل من اسكتلندا، وهذا أينشتاين وماكس بلانك من ألمانيا، ورذرفورد من بريطانيا، ونيلز بور من الدنمارك وغيرهم الكثير من أنحاء العالم، كل كان له إسهامه فيما نحن عليه.

هذا الكتاب موسوعي بدرجة ما، لم يترك مؤلفه شاردة أو واردة إلا وتناولها، وهو هنا لم يتحدث بوصفه عالماً، لكن بوصفه شاهداً على عصر العلم، العنوان الذي اختاره لكتابه، إذ التقى معظم علماء القرن العشرين، إن لم يكن وجهاً لوجه، فمن خلال المراسلات التي استغرقت عقوداً.

تناول المؤلف في كتابه فيزياء الكون، والفيزياء الكمية، وقوانين الحركة والضوء، والنسبية العامة والخاصة، وغيرها من النظريات الفيزيائية والكونية، التي شكلت بنية العلم الحديث، ثم انتقل إلى عالم البيولوجيا، حيث ناقش قوانين الوراثة، وتطور الجنس البشري، والانفجار السكاني، والثورة الزراعية، وغيرها من الموضوعات التي تمس الإنسان بشكل مباشر.

قصة الحياة

يؤكد المؤلف أن العلماء فعلوا ما بوسعهم فعله، لو أننا حررنا عقولنا من المعتقدات المعلبة، ووضعنا أسئلتنا، التي تؤرقنا موضع التجريب، ففي فصول الكتاب المتتالية، نرى العالم من حولنا، يعاد تركيبه، متصلاً باتساعاته، التي غدت به ومن حوله، وتخبرنا فصول الكتاب عن قصة الحياة من بداياتها، حالما بردت الأرض، واستقر بها الماء في حالته السائلة، وحتى إدراكنا بأننا لابد عما قريب نجد في عقولنا الإجابة عن سؤال قديم: ما الغاية من وجودنا؟

يقف جيرارد بيل مؤلف هذا الكتاب، أمام الكثير من تلك المحطات المهمة، التي أثرت التجربة وقومتها، متخذاً من القرن السابع عشر، حتى بواكير القرن الحادي والعشرين، مثالاً نموذجياً للفترات التي شهدت قفزات نوعية في تقدم البشر على سطح الكوكب.

جيرارد بيل تخرج في جامعة هارفارد العريقة في تخصص التاريخ، وهو رجل مثقف بدرجة كبيرة، جعلته محيطاً بدقائق الأمور العلمية، فقد كان مديراً لتحرير واحدة من كبريات الدوريات العلمية في أمريكا، والتي تترجم إلى تسع لغات، منها العربية، وتصدرها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وقد وافته المنية في عام 2004.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/v3xxb7x9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"