عادي
نتابع المتغيرات الدولية ونتعامل مع آثارها بما يعزز أمننا واستقرارنا

محمد بن راشد: نستبشر بقيادة محمد بن زايد بنجاحات وإنجازات جديدة

10:24 صباحا
قراءة 8 دقائق
محمد بن راشد

أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أن دولة الإمارات ستمضي بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والسياسات الموضوعة والمشروعات المقررة في حقول التنمية الشاملة كافة، مستبشرة بنجاحات جديدة تحققت وإنجازات أضيفت في السنة الأولى من الخمسين الثانية.

وقال سموّه، في كلمة له وجّهها عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة عيد الاتحاد ال51 للدولة: «غداً مطلع عام اتحادي جديد نستقبله بثقة وتفاؤل وطموح، وعزم على تحقيق إنجازات ونجاحات جديدة».

وأكد أن الإمارات تتابع عن كثب المتغيرات العالمية، وترصد تطوراتها، وتتعامل مع آثارها بما يعزز أمننا واستقرارنا وإدامة التنمية، معتمدين على ذاتنا، ومعتصمين بمبادئنا وثوابتنا، ومتفاعلين مع شراكاتنا الخليجية والعربية وشبكة علاقاتنا وصداقاتنا الدولية، ومؤمنين بأن سبيل البشرية الوحيد للتغلب على المعضلات الكبرى التي تواجهها يكمن في العمل المشترك والتعاون وتغليب الوسائل السليمة ونبذ العنف، ومحاربة الكراهية وقبول الآخر واحترام خياراته وثقافته وقيمه. وفي ما يأتي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم

 أيها المواطنون والمواطنات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحييكم وأهنئكم بحلول يومنا الوطني الحادي والخمسين، وأشكر معكم المولى سبحانه وتعالى على ما أفاء به علينا من النعم، وأسأل وجهه الكريم أن يديم على وطننا وشعبنا الأمن والاستقرار والتقدّم والازدهار.

ومع كل احتفال بيومنا الوطني تتكثّف في نفوسنا مشاعر الحب والتقدير والإجلال لوالدنا وباعث نهضتنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتمتد هذه المشاعر إلى رفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما آباء التأسيس، طيّب الله ثراهم جميعاً.

لقد حمل الشيخ زايد اتحادنا في قلبه، وسخّر له كل جهوده وإمكانياته، وسهر على ترسيخ قواعده وتوطيد أركانه، وكانت بوصلة عمله تعظم قدرات وطننا، وتمكين مواطنينا علمياً واقتصادياً ومعيشياً ومعرفياً وثقافياً.

إن القواعد والمبادئ ومناهج العمل التي أرساها الشيخ زايد، وآباء التأسيس، تسري في وعينا وتحضر في خططنا وقراراتنا، وهي التي كفلت لمسيرة بلادنا النجاح والإنجاز والتقدم والفاعلية والصوت المسموّع والمكانة الدولية المحترمة.

أيها المواطنون والمواطنات..

في عامنا الاتحادي الحادي والخمسين فُجعنا برحيل رئيس دولتنا الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلى دار البقاء، فأظهر شعبنا عمق إيمانه وتسليمه بقضاء الله وقدره، وأكد من جديد متانة وحدة بيتنا ومشاعرنا في السراء والضراء، وتعزز التأكيد باجتماعنا حول أخي صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، ومبايعته رئيساً لدولتنا.

وفي وداع الشيخ خليفة، استذكر شعبنا سجاياه وحكمته وعطاءاته، وإسهامه الفعال في مسيرة بناء وتقدم دولتنا، وفي مبايعة صاحب السمو الشيخ محمد، أكد شعبنا ثقته بقيادته، وزاد اطمئناناً على الحاضر وتفاؤلاً بالمستقبل، أما نموذجنا الإماراتي فقد سجل صفحة جديدة في قوته، وفي فاعلية مؤسساته، وفي جدارة تشريعاته، وفي عمق ومتانة التواصل بين أجياله.

وكما دشن انتقال الراية من الشيخ زايد إلى الشيخ خليفة، حقبة التمكين، فإن انتقال الراية إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، تعزّز حقبة الاستدامة والريادة والتميز، فسجلّه منذ باكورة شبابه، حافل بالإنجازات الكبرى في كل المواقع التي شغلها، وبالمسؤوليات الجسيمة التي نهض بها في المجالين المدني والعسكري.

سنمضي بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، في تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والسياسات الموضوعة والمشروعات المقررة في كل حقول التنمية الشاملة، مستبشرين بنجاحات جديدة حققناها، وإنجازات أضفناها في السنة الأولى من الخمسين الثانية.

في هذه السنة تتوج أداؤنا في مواجهة جائحة «كورونا» بنجاح شهد له القاصي والداني، وبينما كان العالم يكابد للتعافي من آثار الجائحة، فإن دولتنا كانت الأكفأ والأسرع في تجاوز هذه الآثار، والأكثر توازناً بين صحة الإنسان ومصالحه الاقتصادية، وهو ما انعكس في مؤشرات الدولة التنموية والتنافسية، وحيث حققت دولتنا المركز الأول عالمياً في 156 مؤشراً، مقارنة ب121 مؤشراً قبل الجائحة، وحققت 432 مركزاً ضمن العشرة الأوائل مقارنة ب 314 قبل الجائحة.

وفي عزّ الجائحة تمكّنا من إقامة معرض «إكسبو دبي 2020»، وحين اختتم في نهاية مارس الماضي، كانت فعالياته قد سجلت على امتداد أشهره الستة نجاحاً باهراً فاق كل التقديرات والتوقعات، وأكدت أحجام المشاركات الدولية وأعداد الزوار مكانة دولتنا، وكفاءة قدراتنا التنظيمية.

وفي سياق الإنجازات والنجاحات، حقّق الأداء الحكومي تقدماً ملموساً، وواصل نهجه في اعتماد أفضل ما أنتجه العقل البشري في مجالات التخطيط والتنفيذ والمتابعة وإنجاز المشروعات والمعاملات بسهولة وسرعة وأمن، وتمضي الحكومة قدماً في برنامج التحول الرقمي لتطوير وتعزيز المنظومة الرقمية الحكومية، ورفع كفاءة استخدام بنيتها التحتية وأصولها الرقمية، وهنا أتوجه بالشكر الجزيل لجميع موظفي الحكومة على حسن تنفيذهم للخطط والمشاريع، وأداء واجباتهم بإخلاص وإتقان وإنكار للذات.

واستمراراً لنهج اعتمدناه، أصدرنا في وقت مبكر ميزانية الاتحاد 2023  2026، وتركز الميزانية على خطط ومشروعات طموحة تستشرف آفاقاً مستقبلية جديدة وواعدة، وتضيف إلى الإنجازات، وترتقي بمستويات المعيشة ونوعية الحياة. ومثل الدورات السابقة، يتبوّأ قطاع التنمية والمنافع الاجتماعية النسبة الأكبر من الميزانية، ويبلغ لعام 2023 نسبة 39.3%.

ونمضي قدماً في تمكين أبناء وبنات الإمارات بخطط ومشاريع تضمن استدامة التمكين وتعزيزه وشموليته، فاستحدثنا مجلساً لترسيخ التنمية المتوازنة في أرجاء بلادنا، وتطوير المناطق والقرى تنموياً وسياحياً، واعتمدنا سياسة جديدة لقروض الإسكان ببرنامج تمويل يبلغ 11.5 مليار ردهم، تستفيد منه 12 ألف أسرة للسنوات الخمس المقبلة، ويشارك فيه القطاع الخاص والمصارف الوطنية، ويتحمل برنامج الشيخ زايد للإسكان الأرباح المترتبة على القروض نيابة عن المستفيدين.

وتعزيزاً لحضور كوادرنا الوطنية في القطاع الخاص، وضعنا نظاماً لتحقيق توطين بنسبة 2% في الوظائف المهارية لشركات القطاع الخاص التي تضم 50 موظفاً وأكثر. ويتضمن النظام آليات وحوافز لدعم توظيف وتدريب هذه الكوادر، وتعويضات للتعطل عن العمل، وعقوبات على الشركات التي لا تلتزم بالنظام. كما اعتمدنا تشريعاً بشأن إصابات العمل، حفاظاً على حقوق العمال، وحماية لهم من إصابات وأمراض المهن المختلفة.

وسيبقى التعليم أولوية وطنية برؤية رئيس الدولة، وبجهود فريق عمل حكومي متخصص، وبميدان تربوي فاعل، وبمجتمع وأولياء أمور مساهمين في تنشئة جيل يصل بنا إلى آفاق جديدة. ونحن نسير بخطى حثيثة في تطوير التعليم بكل مستوياته، ونتابع النتائج الإيجابية لعمليات التطوير، ونلمس آثارها في المؤشرات الدولية للتنمية. وأنا فخور بأداء أبنائنا وبناتنا الخريجين في كل مواقع العمل، وبكوادرنا الوطنية في علوم الفضاء، وعلوم الذرة والصناعات الدقيقة المدنية والعسكرية. 

أبناؤنا وبناتنا يديرون اليوم محطة براكة للطاقة النووية، وينشطون في الصناعات الدقيقة، ويتفاعلون بإيجابية مع الذكاء الاصطناعي، ويقودون برامجنا وصناعاتنا الفضائية، ويرتادون الفضاء، ويرسلون مسبار الأمل إلى المريخ، والمستكشف راشد إلى القمر. 

لقد أحدثت كوادرنا الوطنية نقلة نوعية في أفكار واهتمامات وتوجهات أجيالنا الصاعدة، وقدمت لها قدوة تحتذي بها وتلهمها، وتوقد في نفوسها شعلة الطموح، وتحفزها على ارتياد آفاق جديدة واعدة.

أيها المواطنون والمواطنات

تعلمون ضخامة التحديات الاقتصادية التي واجهها ويواجهها العالم جراء جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، وقد تعاملنا مع هذه التحديات بسياسات وإجراءات حدّت من امتداد آثارها السلبية إلى بلادنا، وواصلنا تنفيذ خططنا ومشاريعنا، وتطوير تشريعاتنا بما يعمق استدامة التنمية الشاملة، ويوسع اقتصادنا ويزيده تنويعاً.

ووضعنا الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، ومن ضمنها السياسة الزراعية والتحول نحو أنماط زراعية حديثة، وأصدرنا قانون التعاونيات الجديد الذي يفضي إلى تبنّي نماذج وأساليب حديثة لإدارة وحوكمة التعاونيات، ويستحدث أنواعاً جديدة منها، كالرقمية والمالية والمهنية، ويتيح تحويل الجمعيات إلى شركات تجارية، ويجيز إدراجها في الأسواق المالية.

وبهدف تعزيز الهوية الوطنية السياحية الموحدة، ودعم المنظومة السياحية الإماراتية، أطلقنا الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، والتي تندرج ضمن مشاريع الخمسين الثانية. دولتنا اليوم بين أهم 10 وجهات سياحية في العالم، وهدفنا تسريع تنافسيتنا متطلعين إلى لأن تسهم السياحة بمبلغ 450 مليار درهم في ناتجنا المحلي الإجمالي لعام 2031.

وقد ترافق ذلك كله مع وضع وتطوير التشريعات والأنظمة والإجراءات كلّما لزم، وبما يضاهي أفضل الممارسات العالمية.

تحدٍّ آخر يواجه العالم بأسره ومن ضمنه دولتنا، هو الاحتباس الحراري أو تغير المناخ الذي يؤثر في التنمية الاقتصادية، ويغير معدلات الأمطار، فتصير فيضانات في منطقة، وندرة ينتج عنها جفاف في منطقة أخرى، ويزيد الأعاصير عنفاً، وحرائق الغابات اتساعاً، ومياه البحر ارتفاعاً.

وعلى الرغم من الوعي العالمي بمخاطر التغير المناخي، وعقد مؤتمرات واتفاقات منذ عام 1995، فإن الاهتمام الحقيقي المقرون بإجراءات تنفيذية لم يظهر إلا في السنوات الأخيرة، مع تزايد الآثار الكارثية للاحتباس الحراري.

ونحن في دولة الإمارات أولينا  في وقت مبكر  قضية المناخ الاهتمام الذي تستحق، ووضعنا التشريعات وأطر العمل والخطط المعنية بهذه القضية، بداية من اللجنة العليا للبيئة في عام 1975، وصولاً إلى وزارة التغيير المناخي والبيئة حالياً، وفي سياق الخطة الوطنية للتغير المناخي واستراتيجية الإمارات للطاقة، حققنا إنجازات ملموسة نحو هدفنا للوصول إلى الحياد المناخي (صفر انبعاثات)، وتعظيم إنتاج الطاقة النظيفة (الشمسية، الذرية، الرياح) بحلول عام 2050.

وتسهم بلادنا بفاعلية في الجهد الدولي المبذول للحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض، عبر نموذجنا المتقدم في التعامل مع قضية المناخ، وإنجازاتنا في الطاقة النظيفة، وتوفير بيئة العمل المثالية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آرينا)، والمشاريع الدولية لمدينة «مصدر»، والشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لاستثمار 100 مليار دولار في مشروعات الطاقة النظيفة في البلدين وأرجاء العالم بحلول عام 2035.

وحين تستضيف بلادنا في العام المقبل 2023 الدورة 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP 28)، ستوفر للمؤتمر كل متطلبات النجاح، متطلعين إلى تعزيز الجهود الدولية المشتركة في التعامل مع قضية المناخ.

أيها المواطنون والمواطنات

منذ مطلع هذا القرن، نشهد مع العالم متغيرات جامحة على صعد شتى، وبينما يبدو العالم أكثر تقدّماً بفعل الاختراعات الجديدة، وأكثر تقارباً بفعل الاعتماد المتبادل ووسائل الاتصال، فإن الانقسامات فيه تزداد، والتدافع على النفوذ والمصالح يستعر، والمشكلات الإنسانية الناجمة عن الحروب والأوبئة والفقر وتغير المناخ تتفاقم، أما النظام الدولي الذي نشأ عند نهاية الحرب العالمية الثانية، فإنه يكاد يتفكك، بينما لم تتضح بعدُ معالم نظام دولي جديد، كما أن دولاً كبرى ومتقدمة تشهد تحولات وتفاعلات داخلية ذات أثر في سياستها الخارجية، وهذا بدوره يزيد واقع العلاقات الدولية تعقيداً.

نحن نتابع عن كثب هذه المتغيرات، ونرصد تطوراتها، ونتعامل مع آثارها بما يعزّز أمننا واستقرارنا وإدامة التنمية في بلادنا، معتمدين على ذاتنا، ومعتصمين بمبادئنا وثوابتنا، ومتفاعلين مع شراكاتنا الخليجية والعربية وشبكة علاقاتنا وصداقاتنا الدولية، ومؤمنين بأن سبيل البشرية الوحيد للتغلب على المعضلات الكبرى التي تواجهها يكمن في العمل المشترك والتعاون وتغليب الوسائل السليمة ونبذ العنف، ومحاربة الكراهية وقبول الآخر، واحترام خياراته وثقافته وقيمه.

وستظل بلادنا محضر خير ورسول سلام، وسنعمق مبادراتنا على الصعيد العربي والعالمي في مجالات تطوير الأداء الحكومي واستشراف المستقبل، ونشر المعرفة، وتحفيز الابتكار، وتمكين المجتمعات، ومكافحة الفقر والمرض، ودعم الطاقة النظيفة، وتعزيز قيم التسامح، متطلعين إلى تعظيم أثرها، ومطمئنين إلى تراكم نتائجها الإيجابية.

أيها المواطنون والمواطنات

غداً مطلع عام اتحادي جديد، نستقبله بثقة وتفاؤل وطموح وعزم على تحقيق إنجازات ونجاحات جديدة، نُدرك ما ينتظرنا من مهام جسيمة تتطلب منّا عملاً متقناً وجهداً دؤوباً، وعطاء مستمراً.

وفي عصر المتغيرات والتحولات والذكاء الصناعي، علينا ضمان الحفاظ على قيمنا وتراثنا وتقاليدنا، وتأمين التوازن بينها وبين الجديد المصاحب للمتغيرات. إن قيمنا ومبادئنا وثوابتنا هي القواعد التي مكّنتنا من تحقيق إنجازاتنا وتقدمنا، ومكنتنا من التكيف الإيجابي مع المتغيرات الدولية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو تكنولوجية.

ثقتي كبيرة بأبناء وبنات الإمارات الذين أثبتوا على مدار الأيام والسنين بأنهم قادرون وأكفاء ومستعدون لكتابة فصول جديدة مشرقة في قصة وطننا الرائعة.

أهنئكم أبناء وبنات وطني بحلول ذكرى هذا اليوم الأغر، وأهنئ معكم أخي صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخواني أصحاب السموّ الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات. وكل يوم وطني وأنتم ووطننا بخير وسلام،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwjadc2t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"