عنصرية في كرة القدم

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يخبرنا إدواردو غاليانو عن أوّل حالة انتحار في ملعب كرة قدم، وذلك حين أقدم اللاعب الأروغوياني، أبدون بورتي، في عام 1918، على إطلاق رصاصة على رأسه في منتصف الليل، وفي منتصف الملعب الذي كان محبوباً فيه. كانت كل الأضواء مطفأة، كما يقول غاليانو، ولم يسمع أحد الطلقة. أما لماذا انتحر؟ كان سوء الحظ يلاحقه في الفريق الرسمي، وكانت تفلت منه حتى السلحفاة.
كان في لعبة كرة القدم تاريخ أسود من العنصرية، ولكن ليس من جانب الرياضيين؛ بل من جانب السياسيين. يروي غاليانو هذه الواقعة: في عام 1921 كانت المنافسة على كأس أمريكا ستُجرى في بوينس آيرس. وأصدر رئيس البرازيل عندئذ إييتاسيو بيسوسا، مرسوم البياض: فقد أمر بعدم إرسال أي لاعب أسمر، لأسباب تتعلّق بسمعة الوطن. ويقول غاليانو إنه من المباريات الثلاث التي لعبها الفريق الأبيض، خسر في اثنتين.
لكن بالمقابل، لا تعرف كرة القدم الأبيض أو الأسود ولا تعرف الألوان، وهي مدوّرة وليست مربعة أو مستطيلة. أكتب هذا بعدما قرأت عن أوّل زنجي يلعب كرة القدم في أوروبا. يروي قصّته إدواردو غاليانو. إنه الزنجي خوسيه لياندرو اندرادي. كان ذلك في أولمبياد 1924، «ففي خط الوسط كان هذا الرجل الضخم ذو الجسد المطّاطي يخطف الكرة دون أن يلمس الخصم، وحين ينطلق إلى الهجوم وهو يهز جسده كان يشتّت شمل عالم كامل من الناس. 
في إحدى المباريات اجتاز نصف الملعب والكرة مستقرة على رأسه، وكان الجمهور يهتف له، والصحافة الفرنسية تدعوه.. «الأعجوبة السوداء».
لكن ماذا عن فن المراوغات في كرة القدم؟ يقول غاليانو إن أوّل من اخترع فن المراوغة هم الأروغوانيون، وقد تعلّموا ذلك من الدجاج.
اقرأ معي: «كان اللاعبون الأروغوانيون يرسمون في جريهم متوالية من العدد 8 في الملعب. كانت تسمى «مونيا». وقد أراد الصحفيون الفرنسيون أن يعرفوا سرّ تلك الشعوذات التي تشل الخصوم وكأنهم تماثيل من رخام، فكشف لهم لياندرو اندرادي بواسطة المترجم عن المعادلة: اللّاعبون يتدربون بمطاردة الدجاج الذي يفرّ في حركة لها شكل متوالية من الحرف S، وقد صدّقه الصحفيون، ونشروا ذلك».يأخذنا غاليانو إلى ما قبل بيليه إذا جاز الوصف، فقبل أربعين عاماً من ظهور اللاعبين البرازيليين بيليه وكوتينهو، كان لاعبا الأروغواي سكاروني، وثيا، يُنهكان دفاع الخصوم بتمريرات من الدرجة الأولى تسمى «الزيك زاك».
من الأهداف التاريخية في كرة القدم هدف لاعب يُسمى سكاروني وكان ذلك في أولمبياد 1928، وهدف لاعب آخر يسمى نولو فيريرا في عام 1929، لكن ما يمكن أن يفاجئ المثقفين بشكل خاص، الآن هنا، ما يذكره غاليانو عن الروائي الفرنسي ألبير كامو، ففي عام 1930 كان يحرس بوّابة مرمى فريق كرة القدم في جامعة الجزائر. «كان قد اعتاد اللعب كحارس مرمى منذ طفولته؛ لأنه المكان الذي يكون فيه استهلاك الحذاء أقل، وكل ليلة كانت الجدة تتفحّص حذاءه وتضربه إذا ما وجدته متآكلاً».
تعلّم ألبير كامو من كرة القدم أن يكسب دون أن يشعر أنه إلهْ، وأن يخسر دون أن يشعر أنه قمامة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jpts92b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"