تشرئب الأعناق إعجاباً بدولة الإمارات

00:31 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. نسيم الخوري

تُربكني وتُفرحني الكتابة فيكِ وإليكِ يا الإمارات. هو العيد عيدكم، وعيدنا أيضاً، ولا بدّ من أن تتعرّق الحروف التي أسكبها بالمناسبة، من بلدٍ أوروبي يرتجف من البرد القارس اليوم وكأنّه يشدّ على أصابعي، مع أنني استهلكت عقوداً من الفصاحة والصراخ بنهضة العرب فوق منابر الجامعات والشاشات. ليس ديدني وحدي فحسب، بل هي الأبجدية الشريفة والمُنصفة كلّها في تسلسل الأعياد الوطنية من هذا الطراز.. طرازكم في القيادات المُشبعة بكنوز الأرض والسماء وبركاتهما وحسن مسراهما، وتعاضدكم ليس في الأمكنة السبعة وحسب بل في بهجة سبحات الدول ولربّما غيرتها. نعم... أُعلن أنّ البشرية تمطّ أعناقها لبقعتكم الحضارية المقيمة مع كلّ إطلالة وإنجاز.

منذ عامٍ بالتمام والكمال والحضارة البهيّة في التقدّم، احتفلت دولة الإمارات العربية المتّحدة بعيدها الخمسين. كانت تختتم يوبيلها الذهبي في صعود السلالم الهادئ حتّى الفضاء. جذبت الأرجاء والأعناق الباحثة عن أساليب النجاح. النجاح بالتواضع وتوزيع بسمات الرضا في السلوك تُدهش كلّ بال وعين. يومها رأينا شفاه الدول مقلوبة إلى فوق إقراراً بالإعجاب والاحترام للمسيرات والخطط المسكونة بالطموح بما يقلب السائد عمراناً ومؤسسات. نعم الإمارات أو الطموح الطافح بالأوصاف الجميلة والدول والشركات المتدفقة من العالم بحثاً عن جواب الإمارات أعني الابتسامات.

منذ عام، كتبت في الذهب راقصاً في عيد الاستقلال الإماراتي الذهبي 24 قيراطاً مطمئنّاً للإنجازات الكثيرة بتواضع لافت وببساطة التعامل في إدارة تقلّب الأزمنة والحضارات. يتضافر البريق نحو الماس في عيد الاتحاد ال 51 أكثر فأكثر.

الرقم سبعة (إمارات الاتحاد) اكتمل ملفوفاً بتقديس معاني الاستقلال النظيف والحريّة كما تفلسف الإغريق من قبل لينضمّ العقل إلى الرقم. تألق إماراتي في بريق النجاح كما المألوف، وتحسّس البطولة المتواضعة سلوكاً في الحكم، في زمنٍ يحوّل فيه الكثير من سياسيينا مواطنيهم نحو أرجاء الأرض الغريبة البعيدة وإلى ما لم أحبذ ركنه في هذا النص متذكّراً لبنان المقيم والمغترب فعلاً أو حلماً في أهداب الإمارات.

عندما لاح الصباح لقيام اتحاد دولة الإمارات ما عاد يتوقّف الزمان أو يغفو ولا الإنسان. الاجتماع ديدنكم مفتاح القيم الحضارية وتقدّم الدول، والاختلاف في الموقف والنظرة والتطلّع مؤشّرات فائقة الغنى تصبّ كلّها في مجرى الحضارة والتقدّم والتفاعل توخيّاً لكشف الجديد الذي هو بحاجة دائمة للكشف لتطويعه وتطبيقه.

قد لا أضيف كثيراً، إن كتبت، اليوم في عيد الإمارات، أنّ تجربتكم الفذّة بمنجزاتها الهائلة لا يعوقها نصّ أو خطاب أو كتاب تعبيراً عن سلامة الجذور المشرقية العربية والإسلاميّة، أو الانفتاح على عقل العالم لتلقيح شهرة الإمارات بحداثات تسبق الشرق وتُغري الغرب والشرق، حيث الطموحات النقيّة التي تختزن ما أسمّيه «جوهر الوجود».

يبلغ هذا الجوهر حدود الأوطان المنشودة ويتجاوزها كما في دولة الإمارات فتقوى أصداء المعاني الإنسانيّة الكبرى وتتقارب في العديد منها، لتتصافح وتتعانق وتُثمر فلا يعوقها أيّ نوعٍ من أنواع الحدود، ماديّةً أكانت أم معنويّة.

لا بدّ لوطننا العربي، في سعيه إلى تعميق الحوار مع الثقافات العالميّة والشعر العالمي، بوجه خاص، أن يزيل الكثير من الحدود لينجح في مسعاه الحواري لخلاص الشرق والغرب، وليتصفّح كتابكم المفتوح على المستقبل.

أمسِ، كانت الزهور البرية في الإمارات تسأل الشوك يعتريها ليحميها ولا تيبس بالرغم من شظف المُناخ. لماذا لا تيبس؟ لأنّها اعتادت أن تتغذى مكتفية بمياه البحور المالحة يحميها نسغ التاريخ القديم العائد إلى 4000 سنة ق.م. مروراً بالأعلام الحمراء المصمّتة لتمييز سفنها في البحر، وصولاً إلى 18 فبراير 1971 المدموغ بفكرة الاتحاد الريادية بين أبوظبي ودبي في اجتماع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في قرية السميح ليتمّ الاتفاق على دعوة الإمارات السبع إلى الاجتماع الذي حصل في دبي مساء 1 ديسمبر 1971 فأُقرّ دستور الإمارات الاتحادي وصباح الثاني منه اجتمع حكّام الإمارات السبع مانحين الشرعية للاتحاد بينهم ومذيلين دستور دولة الإمارات العربية المتّحدة بتواقيعهم في قصر الضيافة المعروف اليوم باسم بيت الاتحاد بدبي ليُرفع بعدها العلم مرفرفاً أبداً عالياً يطلّ على زهور الجنائن الغنّاء تشرئب أعناقها من حولكم إلى فوق كما شاشات العالم وعيونه وانتباهاته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/39tvx3tb

عن الكاتب

دكتوراه في العلوم الإنسانية، ودكتوراه في الإعلام السياسي ( جامعة السوربون) .. أستاذ العلوم السياسية والإعلامية في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية ومدير سابق لكلية الإعلام فيها.. له 27 مؤلفاً وعشرات الدراسات والمحاضرات..

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"