الإمارات.. الدولة الحلم

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

إذا أردنا اختصار قصة دولة الإمارات بكلمات قليلة، فلن نراها سوى أنها كانت حلماً وما زالت حلماً، فقد بدأت حكايتها بفكرة في ذهن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستحوذت الفكرة على عقله ومشاعره ووجدانه، لتتحول إلى حلم، لكي يصبح الحلم حقيقة بدأ التواصل مع أخيه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، الذي تحمس بدوره، وتبنى معه الفكرة وعاش معهما الحلم ليتوج بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971 إلى حقيقة، بفضل رؤية ثاقبة للآباء المؤسسين، الذين فكروا بعقل واحد، وقرروا بصوت واحد أن تتحول الإمارات السبع إلى دولة واحدة موحدة، تواجه الطامعين، وتنثر بذور الخير على أبنائها، وتجمعهم على هدف واحد، بأن تصبح الدولة الناشئة مؤثرة وفاعلة، تدعو إلى السلام، وتنبذ الصراعات، تبني ولا تهدم، تنمو ولا تتراجع، تقود ولا تنقاد.

الدولة الحلم أصبحت حقيقة، وتحولت من حلم إلى واقع جميل، يعيشه أبناؤها والمقيمون على أرضها، ويراود ملايين الشباب حول العالم الذين يسعون للإقامة فيها، حلم الشباب الساعين لتحقيق ذواتهم، والباحثين عن فرصة لحياة كريمة، وحلم المستثمرين الباحثين عن دولة آمنة، وحلم الموهوبين الباحثين عن دولة تتبنى مواهبهم، وحلم المخترعين الباحثين عمن يساعدهم لتحويل أفكارهم إلى واقع، وحلم المتميزين المحبطين من أوضاع بلادهم والباحثين عمن يمهد لهم الأرض، للانطلاق إلى العلا.

الثاني من ديسمبر 1971 كان بمنزلة فجر جديد، انبثق منه نور ملأ سماء الإمارات السبع، وأشرقت فيه شمس تملأ العالم دفئاً وسلاماً وأماناً وتسامحاً ومحبةً، شمس تسطع منذ 51 عاماً، وستسطع بفضل حكمة قيادتها دائماً وأبداً، شمس يشعر بدفئها من عاش على أرض الإمارات، ويدرك قيمتها كل صاحب تجربة في هذه الدولة؛ حيث يلمس كل من زارها واختلط بمواطنيها أن حب الوطن هواء يتنفسه جميع من يعيشون على أرضها، وحب المغفور له الشيخ زايد جزء من تكوين كل إمارتي، والثقة المطلقة في القيادة من البدهيات والمسلمات. وفي المقابل فإن القيادة تحمل نفس المشاعر لكل إماراتي، ولا تقبل إلا بتوفير سبل العيش الرغيد السعيد لكل مواطن، كما تحمل لكل وافد إليها يحترم قوانينها، ويخلص لها ولموقع عمله فيها، التقدير والعرفان؛ لذا أصبحت الحلم للكثيرين من المقيمين خارجها الطامحين لفرصة على أرضها.

قد يتساءل البعض عن سر هذه «الدولة الحلم»؛ والجواب يعرفه كل متابع لمسيرة الإمارات حتى الآن، ويعرف أن السر معلن، ولا يخفى على أحد، والتعرف إليه أمر يسير، ولا يستلزم سوى المتابعة، فالإمارات تكونت بحب ومودة وتفاهم، بفضل رؤية قائد حكيم، بنى وشيّد وجمع جنسيات العالم المختلفة على أرضها، من دون أن يفرق بين إنسان وآخر، احترم كل العرقيات وكل الديانات وكل الألوان وكل الطبقات، ومد يد العون لكل محتاج، ووقف إلى جانب كل منكوب، وناصر كل مظلوم، ووقف في وجه كل معتد أثيم، وعلى النهج ذاته سار خليفته، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله.

واليوم يسير صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما حكام الإمارات الذين لا يحيدون عن ثوابت الشيخ زايد والآباء المؤسسين، مع تطوير الأدوات بما يتناسب ومكانة الدولة التي تزداد تأثيراً وفاعلية في العالم، وبما يتناسب وأدوات العصر والمتغيرات العالمية؛ لذا توسعت الدولة دبلوماسياً، وتطورت تعليمياً وصحياً، وكبرت اقتصادياً، وحققت أحلام المؤسسين الذين لم يتسع لهم الوقت لتحقيقها.

ولعل الانضمام إلى نادي الكبار في غزو الفضاء هو تحقيق لواحد من أحلام الشيخ زايد، وفي ذات الوقت تحقيق لأمل كل إماراتي وكل عربي في أن يصبح للعرب مكانهم في الفضاء، وهو إنجاز في علوم المستقبل، وقد اختارت الإمارات تاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لإطلاق المستكشف «راشد» نحو سطح القمر ليتزامن ذلك مع الاحتفال بالعيد الوطني ال51، وليذكره المؤرخون من أوائل إنجازات الخمسينية الثانية بعد الإنجازات غير المحدودة في الخمسينية الأولى، والتي تحتاج إلى مجلدات لحصرها.

الدولة الحلم في جعبتها الكثير من الأحلام التي تسعى إلى تحقيقها، وقد تحقق لها أن تكون «الرقم واحد»، لأنها لا تقبل بكلمة «مستحيل» في قاموسها، وتضع خططها بعد عصف ذهني، وتفتح أحضانها لكل متميز، وستظل حلماً لأجيال وأجيال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fz3bumxn

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"