عادي

الخشبة بنت المجتمع

23:45 مساء
قراءة 6 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود
يمثل عيد الاتحاد، قيمة خاصة للإماراتيين، ودائماً ما يكون المسرح حاضراً في هذا اليوم لكونه الفن الذي ظل يعبر دائماً عن القيم الوطنية، ويحتفي بالبطولات والأمجاد والتضحيات، من خلال مختلف أشكال العروض وأنواعها المتعددة مثل الأوبريت والاسكتشات والعروض المسرحية المباشرة وكذلك مسرح الطفل.

ويشير عدد من المسرحيين الإماراتيين الذين تحدثوا ل«الخليج»، إلى أهمية تمثل القيم الوطنية وتحويلها إلى عروض مسرحية، موضحين أن المسرح هو الفن الأكثر قدرة على التعبير عن القضايا الوطنية نسبة لارتباطه القوي والمباشر بالجمهور، وطالبوا بالمزيد من الدعم من قبل الجهات والمؤسسات الثقافية الرسمية من أجل إنتاج عروض قوية تليق بالإمارات.

«منذ بدايات الاتحاد، ظل المسرح هو الفن الأساسي المعبر والناطق عن كل حالات الإنسان الإماراتي»، هكذا تحدث الفنان والمخرج إبراهيم سالم، معدداً الأدوار الكبيرة التي ظل يلعبها المسرح تجاه المجتمع والإنسان الإماراتي، والدور الذي يضطلع به تجاه نشر الوعي، وتلك مهام، يرى سالم، أنها وطنية لكونها ملتصقة بالمجتمع وتعبر عن همومه وقضاياه اليومية، مشيراًَ إلى أن فكرة المسرح دائماً ظلت موجودة في احتفالات الإماراتيين، وإلى الاسكتشات والعروض التي كانت تقام في الأندية في الأحياء والفرجان، والتي تتناول القضايا الاجتماعية الإماراتية في قوالب مختلفة.

وشدد سالم على أن الفنانين ظلوا على الدوام سباقين في الاحتفال بعيد الاتحاد، مشيراً إلى العديد من الأوبريتات التي أنجزت وكذلك العروض الكبيرة، والأعمال ذات الطابع الاحتفالي التي تذكر ببدايات المسرح، لافتاً إلى أن «أبو الفنون»، ارتبط تاريخياً بالاحتفالات والفرجة التي تعكس قضايا البشر ومشاغلهم، بالتالي هو صاحب الدور الكبير في التعبير عن القضايا الوطنية، فعيد الاتحاد هو المناسبة الكبيرة التي تتوجه إليها أنظار وقلوب الإماراتيين لأنها ترمز إلى وحدتهم وتاريخهم وهويتهم الوطنية، بالتالي كان لابد للمسرح أن يتقدم صفوف الأشكال والفنون الإبداعية في الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة.

المخرج مرعي الحليان، تناول عدداً من أنواع العروض التي اهتمت بالقضايا الوطنية الإماراتية واحتفت بالقيم والتربية والأخلاق الوطنية، وعملت على ترسيخها، لافتاً إلى أعمال «المسرح الاجتماعي»، الذي تناول العادات والقيم والتقاليد، وعالجها في شكل كوميدي في معظم الأحيان، وكذلك «مسرح الطفل»، الذي عمل على ترسيخ محبة الأوطان والهوية في قلوب وعقول الصغار، فمهرجان مسرح الطفل ظل دائماً يتناول القضية الوطنية بصورة تتناسب مع استيعاب الصغار، موضحاً أن عيد الاتحاد يعتبر مناسبة لينجز المسرحيون أعمالاً تعبر عن المعاني التي يمثلها.

ولفت الحليان، إلى ضرورة أن تعمل الجهات الرسمية والمؤسسات الثقافية على دعم الفنانين والفرق المسرحية من أجل إنجاز عروض عن ذكرى الاتحاد وقيام الدولة.

الصورة
1

وذكر الحليان، أن الأعمال التي تقدم في المهرجانات الكبيرة والمُحكمة، ظلت تتناول مواضيع وأسئلة الهوية الوطنية والموروث، مؤكداً أن كل أنواع المسارح في الإمارات تدعم الثقافة الوطنية، لافتاً إلى الأوبريتات التي ظلت تقدم في الأعياد الوطنية منذ قيام الاتحاد، والتي شارك فيها على الدوام مسرحيون كبار.

وأوضح الحليان، أن الجهات الرسمية ظلت في أحايين كثيرة، تطلب من بعض الفرق الفنية عمل أوبريتات في المناسبات الوطنية الكبيرة مثل عيد الاتحاد، مشيراً إلى أن هنالك بعض المسرحيين الإماراتيين الذين اشتهروا بها مثل: أحمد الجسمي، وسميرة أحمد، وحبيب غلوم، وغيرهم من نجوم المسرح.

تأصيل

المسرحي عمر غباش، يعود بالذاكرة إلى سنوات طويلة، ويشير إلى أن الحركة المسرحية كان لها الكثير من الإسهامات الوطنية الكبيرة منذ قيام الاتحاد، فقد لعبت دوراً أساسياً في تأصيل القيم الوطنية وترسيخها والترويج لها من خلال العديد من العروض والأوبريتات التي قدمت والتي كان يحضرها المغفور لهما، الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الأمر الذي يؤكد على مكانة المسرح منذ البداية، وكذلك على اهتمام قيادات الدولة بالمسرح وبالثقافة والدور الذي تلعبه في حياة الشعوب والأمم.

ولفت غباش إلى أن واحداً من تلك الأوبريتات قدم في عام 1971، في المسرح القومي للشباب، وظلت الأعمال الوطنية تقدم باستمرار في حضور قيادات الدولة، وطالب غباش بمزيد من الدعم للمسرحيين حتى يتمكنوا من تقديم الأوبريتات والأعمال الكبيرة لأنها مكلفة، وظروف الفرق المسرحية لا تسمح بذلك.

وأوضح غباش أن المسؤولين في الدولة ظلوا على الدوام يحرصون على دعم الأنشطة الإبداعية الوطنية، وعلى رأسها المسرح والأعمال والعروض التي تعمل على ترسيخ القيم الوطنية ومبادئ الانتماء، وأشار إلى أن مثل هذا التوجه هو بمثابة الهدف الذي يتوجب على الجميع المشاركة فيه، ويقول غباش: «إن المسرحيين الإماراتيين قدموا الكثير من الأعمال التي تحمل معاني الوطنية ومازالوا يفعلون».

جذور

من جانبه، تحدث المخرج صالح كرامة متناولاً ثيمات الوطن والانتماء والهوية، في العديد من العروض والأعمال المسرحية منذ قيام الاتحاد، مشيراً إلى أن المسرح ومنذ تلك اللحظة كان ينفتح في ممارسته على تلك القيم، وعلى رصد المجتمع والتحولات التي حدثت في العادات والتقاليد، مشدداً على أن الاحتفال بعيد الاتحاد هو بمثابة احتفاء بالوطنية والجذور والتراث والهوية وذلك ما ظل يفعله المسرح.

ويؤكد كرامة على أن عيد الاتحاد هو بالفعل مناسبة احتفالية، وهنا يكمن دور المسرح، الذي من واجبه أن يقدم الأعمال التي تنتمي إلى الجماهير وكفاحها من أجل الاتحاد وإبراز الأدوار العظيمة للمؤسسين والقيادات الوطنية.

وتناول كرامة، الدور الكبير الذي قام به صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في ترسيخ المفاهيم الوطنية عبر المسرح، مؤكداً على أن سموه يعتبر «أبو المسرح الوطني»، لكونه قد ساهم بصورة عملية وفاعلة في أن تتجه الممارسة المسرحية نحو الإنسان والوطن.

ولفت كرامة إلى أن المسرح كفن يعبر عن الناس والمجتمع لا يمكن أن ينفصل عن مثل تلك الاحتفالات الوطنية، مشيرا إلى أن ذلك يقع ضمن رسالة المسرح ودوره تجاه الناس والوطن.

رسائل

بينما أكد الفنان محمد جمعة على الدور الكبير الذي ظل يلعبه المسرح في حياة الشعوب بصورة عامة، وفي المجتمع الإماراتي بصفة خاصة، حيث إن العروض لم تنفك عن الهم الوطني.

وشدد جمعة، على أن المسرح هو أفضل مكان لعرض رسائل للجمهور عبر القضايا التي يحملها العرض المعين، بالتالي فإن الأعمال التي تحتفي بالوطن تجد قبولاً عند المتلقي، فهي تساعد الجمهور على تلقي الفكرة بطريقة سلسة، وذلك لأن المسرح هو الفن الأمثل في توصيل المفاهيم والرؤى الفكرية إلى المتلقين.

وذكر جمعة أن المسرح له دور كبير ومهم في القضايا الوطنية وهو يتصدى لها بصورة أفضل من أي فن أو وسيلة أخرى، ويقول: «قد يكتب أحدهم مقالاً وطنياً، أو يقدم أغنية بذات المضامين، لكن المسرح هو الأقرب للجمهور»، مبيناً أن الرسائل التي يبثها «أبو الفنون»، تصل إلى الجمهور سريعاً ويتفاعل معها.

وأشار جمعة إلى أن المسرح الإماراتي ظل على الدوام متفاعلاً مع مناسبة عيد الاتحاد، مشكلاً حضوراً استثنائياً في برامجها المختلفة، لافتاً إلى العديد من العروض والأعمال الكبيرة التي ظلت تقدم في تلك المناسبة القريبة إلى قلوب الإماراتيين، وظلت الأعمال التي تقدم فيها ترسخ بصورة أكبر، لأن المتلقي يكون متهيئاً لاستقبال العمل الذي يحتفي بالوطن وقيمه العظيمة.

نشأة

وأوضح الفنان عبد الله راشد أن باكورة الأعمال المسرحية في الإمارات ارتبطت في الأساس بعيد الاتحاد، وأن هنالك أنحاء وقرى ومناطق في الإمارات، عرفت العروض المسرحية مع الاحتفالات بذلك اليوم، بالتالي تشكل وعيها وذائقتها المسرحية مع تلك المناسبة العظيمة، لأن الاحتفال بها كان يستصحب الاسكيتشات والعروض المسرحية المختلفة، وكذلك المسارح المدرسية.

ويشير راشد، إلى أن كل الأعمال المسرحية التي تقدم خلال عيد الاتحاد، سواء كانت اجتماعية أو فكاهية أو غير ذلك، من التي تقدم في الأندية الثقافية والرياضية، التي هي أساس الحركة المسرحية في الدولة، لا تخلو من المضامين الوطنية بصورة أو بأخرى، لافتاً إلى أن المسرح في الإمارات بصورة عامة ارتبط بمفاهيم مثل: الهوية والانتماء، ومختلف القضايا الوطنية.

وشدد راشد على أن نشأة المسرح الإماراتي ارتبطت بصورة أساسية بتاريخ 2 ديسمبر، لحظة قيام الاتحاد، لذلك فإن ذاكرة المسرح في الدولة ذات علاقة بهذا التاريخ العظيم والمجيد، مشيراً إلى أن الفنون الأخرى مثل الغناء والموسيقى والفولكلور هي نفسها أشكال تؤدى على خشبة المسرح التي ظلت دائماً تحتفي وترسخ القيم الوطنية، موضحاً أن الإبداعات المسرحية ذات المضامين الوطنية والاجتماعية ظلت تقدم في الدولة في المسرح المفتوح في المقاهي والأندية وغيرها.

ولفت راشد، إلى أن معظم النصوص المسرحية الأولى التي كتبت في الدولة، ارتبطت بأهمية الوحدة والاتحاد خصوصاً مع مجيء الوفود العربية في مجالات التدريس والمسرح، حيث بنيت على تلك النصوص عروض مسرحية حول الوطن والقومية وغير ذلك من مفاهيم.

تجديد

المسرحي مروان عبد الله صالح، ذكر أن عيد الاتحاد ظل طوال السنوات الماضية يشهد تقديم العديد من الأوبريتات بصورتها الغنائية المعروفة، داعياً إلى ضرورة التجديد، خاصة أن هنالك تجارب إبداعية جديدة في مجال المسرح من الممكن خوضها عبر رؤى مختلفة تليق بالعيد الوطني وتحتفي بقيمه العظيمة وتعبر عنها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckjmu37

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"