عادي

الشفعة 1-2

23:36 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
الشفعة في قواميس اللغة العربية تعرّف بأنها اسم مصدر وتأتي بمعنى تملّك الشي أو أنها تطلق على الملك الذي وقعت عليه الشفعة، وسميت بالشفعة لأن فيها ضم عدد إلى عدد كالوتر صار شفعاً، انظر مصباح المنير والقاموس المحيط.
وللفقهاء كعادتهم لهم تعريف آخر، وهو أن الشفعة هي تمليك البقعة جبراً على المشتري بما قام عليه.
أو أنها هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض، انظر: رد المحتار على الدر المختار في فقه الحنفية ج5 - ص142، وانظر: التاج والإكليل لمختصر خليل في فقه المالكية ج4 - ص310، وانظر: المحتاج إلى شرح المنهاج في فقه الشافعية ج5 - ص192، وانظر: الروض المربع في فقه الحنابلة ج2 - ص400.
ويفهم من هذه التعاريف أن القريب المجاور أحق من البعيد، وأن الشفعة حق للجار الملاصق سواء كان بين المتجاورين ودّ وصداقة أم لم يكن، لأن الحكمة من مشروعية الشفعة دفع الضرر فيما لم يعالج بالقسمة أو حدّت الحدود، لكن لو أراد صاحب أن يبيع بيته مثلاً على بيت آخر، وربما يكون هذا الجديد صاحب فجور يؤذي الجار القديم، فالقديم أولى بالشراء لو أراد.
والدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: جار الدار أحق بالدار، رواه الترمذي.
ويقول جابر رضي الله عنه: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به، رواه مسلم.
ومذهب الأكثرية من الفقهاء أن الشفعة غير خاصة بالعقار الذي لم يقسم؛ بل هي ثابتة في العقار قبل القسمة وبعد القسمة، بمعنى أن الجار الملاصق له حق الشفعة، واستدلّ هؤلاء بحديث جابر: قضى رسول الله بالشفعة في كل ما لم يقسم رواه مسلم، وهذا الحديث عام، والشفعة كما قلنا شرعت من أجل دفع الضرر.
وعند الحنفية إذا قلنا بثبوت حق الشفعة للجار، فإنهم يشترطون أن يكون جاراً ملاصقاً، وبناءً عليه فإن الجار المقابل أو المحاذي لا شفعة له، لأن الضرر لا يتحقق غالباً إلا من الجار الملاصق.
كما أن حق الشفعة ثابت للجار المالك للعقار، أما إذا كان جاراً مستأجراً البيت لسكناه فلا شفعة له، لأن الضرر حتى لو كان واقعاً من الجار فإنه ضرر مؤقت وليس بمستدام كما يقول الفقهاء، انظر: المبسوط في فقه الأحناف للسرخسي ج14 - ص95، 96، وانظر المبسوط أيضاً ج14ـ ص95ـ96
وقد ذكر فقهاء الحنفية أن البيت إذا كان يتكون من طبقات عدّة، فإن الطبقات متجاورة، وتنطبق على ملاّك الطبقات أحكام الشفعة الواردة عند فقهاء المذاهب المعتبرة.
ويذكر عن الأحناف أن البيت إذا كان يتكون من ثلاث طبقات مثلاً، فإن بيع الأوسط منها يثبت الشفعة إذا كان لكل منها باب إلى السكة، والشفعة للطابقين الأعلى والأسفل، انظر: حاشية ابن عابدين ج5 - ص143.
أقول إن مذهب الأحناف دائماً مبني على التيسير والتنوير، فإن كانوا قد أفتوا في ثلاث طبقات في عهد ابن عابدين فإن الإفتاء اليوم يكون في مئة وخمسين أو سبعين طابقاً، وفي كل طابق شقق عدة، أليس هذا يدعو إلى تجديد الفتوى أكثر وأكثر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdf6w7xp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"