عادي

تعرف إلى مفاصل التاريخ الصيني

21:02 مساء
قراءة دقيقتين
التحولات السياسية والفكرية في الصين

القاهرة: «الخليج»

الصين وطن الحشود البشرية الهائلة، والقوميات المتعددة، المنصهرة في بوتقة الحياة الصينية ذات السمات الاجتماعية والثقافية المتميزة، والصين بذرة التنين الرافلة في طيلسان عراقة الإمبراطور الأصفر، وبلاد السور العظيم، ومهد التجارب السياسية والفكرية والاقتصادية المبكرة، ومنبع الخبرات الدبلوماسية، وقد أخرجت الصين القديمة أكمل صورة من صور الإنسانية، وأنشأت أعلى ثقافة وفكر عام عرفه العالم.

يشير د. ناصر رحيم عجيل في كتابه الصادر عن «بيت الحكمة» بعنوان «التحولات السياسية والفكرية في الصين» أن هذه البلاد مرت عبر تاريخها القديم بمجموعة من التحولات الكبرى، سواء كانت سياسية أم فكرية، وغطت سلسلة من الأحداث المفصلية في كيان الدولة التي أقيمت في الصين القديمة، من قبل أسرة «تشو» الملكية في الألف الأول قبل الميلاد، وتمثلت التحولات في التغير من النظام الإقطاعي الموحد لتشو إلى نظام متعدد الدويلات، وتمثلت أيضاً في أطول حرب أهلية عرفتها البشرية، إذ استمرت طوال خمسة قرون متواصلة، وراح ضحيتها من البشر ما يفوق التصور.

ومن أتون الفوضى والاضطراب السياسي نشأت إرهاصات الفكر في الصين القديمة، وتشكلت أولى دعائمه الفكرية، انطلاقا من تضارب آراء «المدارس الفكرية المائة» وقام هذا الفكر العريق على أكتاف القانونيين والتاويين والكونفوشيوسيين، وبفكرهم أنجبت الصين حضارة عريقة، تضاهي حضارات الشرق الأدنى القديم، وتتجذر جذورها في أعماق التاريخ، واستمتعت عبر قرون طويلة بعزلة فريدة، أغدقت عليها بظروف ملائمة من التواصل الحضاري والتمييز الثقافي، وعدم التغيير والركود، خلافا لما شهدته الحضارات الأخرى، لذلك أنتجت الصين ثقافة فريدة ومتميزة، لم يسبق لها مثيل لدى أي شعب آخر في العالم، وذلك بفضل وحدة سكان الصين العرقية، ونظامها الإقطاعي الذي استمر حوالي ألف عام، فكان عاملاً مهماً في وحدة نظامها وعاداتها وفكرها عبر قرون مختلفة.

تناول الكتاب أصول تسمية الصين وجغرافيتها، ثم التطور الحضاري للصين القديمة، عبر تطور الزراعة وابتكار الكتابة، واهتم الكتاب بأثر التحولات السياسية في ظل غزو أسرة تشو لأراضي أسرة شانغ، وتأسيس سلالة تشو الحاكمة، وإنشاء نظام إقطاعي عبر توزيع الأراضي، وتقسيمها على الأمراء والقادة العسكريين، مشكلين النواة الأولى للنظام الإقطاعي في العالم القديم.

وتناول أحد فصول الكتاب تطور البنية الفكرية في الصين القديمة، بدءاً بكيفية تطور الأفكار في المجتمعات البدائية، التي نشأت على ضفاف الأنهار، ثم نشوء الأساطير، وكذلك طبيعة التحولات التي دفعت بالصينيين القدامى إلى اللجوء نحو الأفكار المادية العفوية، ونشوء فرضيات راديكالية مادية، ويدور أحد الفصول حول التحولات الفلسفية والدينية وأثر الكونفوشيوسية واللاوتسية فيها، مع تسليط الضوء على تفسير طبيعة التاو بوصفه دالا للوجود المتناهي، الذي عني به من قبل الصينيين القدامى.

يشير الكتاب إلى صراعات إقطاعية حادة، أدت إلى تقسيم الدولة إلى مجموعة دويلات إقطاعية متعددة، وفقدان النظام المركزي أهميته السياسية، كما أن الكتاب اهتم بتحولات عصر الدويلات المتحاربة، فكان أحد الفصول مخصصا لدراسة الحروب الأهلية، والإصلاحات، وبناء الدولة وتشكيلها في عصر الدويلات المتحاربة، كما تناول دراسة التحولات الفلسفية والدينية والصراعات الفكرية، في ظل سيطرة المدرسة القانونية على الأفكار السياسية في هذا العصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2bya7k4m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"