خواطر في مناعة الثقافة

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

هل من حرج علينا إذا نحن استعدنا شريط الأدوار الجهنميّة التي لعبها عفريت التطرف الديني في بلاد العرب والمسلمين؟ يحتاج المرء إلى نبوغ خاص في النقد الفني والتحليل؛ لأن الفيلم ليس عادياً. هل يُعقل أن نعيش أحداث عمل سينمائي، ونفرغ من مشاهدته من دون أن نعرف بالاسم والرسم، من هو مؤلف القصة والسيناريو، من يكون المخرج، على الرغم من أن المشاهد تدور على عشرات الملايين من الكيلومترات المربعة؟ 
مساحات جغرافية لا تغيب عنها الشمس، وكل الطرق تؤدي إليها. الأبطال الذين هم أدوات مفتعلة مختلقة، ينطلقون من أدنى درجات النكرات، إلى ذروة الشهرة العالمية، فالرافعات الإعلامية الجبارة، هي الأخرى تابعة خادمة لكواليس مخترعي متفجّرات القصة والسيناريو والإخراج.
هل تذكر المثل الفرنسي: «الكذب يصعد في المصعد، بينما تصعد الحقيقة بالدرج»؟ اليوم، أين الكوابيس الواقعية التي كانت البلدان تتداعى لها في لعبة دومينو تسونامية؟ 
هل تذكرون الألعاب السحرية التي تفنن فيها المايسترو العالمي، خصوصاً في الفصل الأول من مسرحية كورونا؟ هو ذا جوهر الموضوع الثقافي الذي على المفكرين والمثقفين العرب، أن يعكفوا على بحثه ودراسته، ثم على وسائط الإعلام ألا تتردد في إفساح المجال له عبر الندوات والحوارات، حتى يسري في شرايين الثقافة الفاعلة. تكفي ذرّة مما يتاح لتحليل الكرة. المطلوب هو ما يسميه خبراء الجغرافيا السياسية «الخروج من الطفل الاستراتيجي». معذرة، لا ينصرفنّ الذهن إلى أن العالم العربي يصعب عليه فراق الطفولة، لا قدّر الله، وهو ما يتمناه الحاسدون. لكي نكون موضوعيين، الخير والبركة في الآية الكريمة: «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض» (البقرة 251)، لأن من فضل الله على العالمين، ألا يستمر طويلاً قطب الرحى الوحيد، في طحن حبوب الشعوب، وإلاّ لصار الكوكب حصاد الهشيم.
لا شك في أن على المثقفين العرب أن يؤسسوا ثقافة استراتيجية في مواجهة الأخطار المحتملة، التي تجعل منظومة قيمنا الموروثة تطعن ذاتها بأدواتها. 
الهشاشة ليست في ديننا وميراثنا، فلا أحد يستطيع المزايدة علينا، لكن الطرف المقابل استخدم المفاجأة الصاعقة وفنون الصدمة فألقى في القلوب الرعب، فتهاوت القلاع.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: ثقافتنا ومنظومة قيمنا تحف متحفية على الرفوف، لهذا غفلنا عن أنها كائن حي يحتاج إلى مناعة مكتسبة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44d6khj4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"