انقطاع مؤقت

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

كثيراً ما كنت أستغل لحظات السكون لأبادر بسؤال جدتي، رحمها الله، عن وسائل التواصل والتسلية والترفيه قبل ظهور الإذاعة والتلفزيون والهواتف، وفي كل مرة أجد نفس الإجابة وإن استبدلت طريقة طرح السؤال، وهي أن حياتنا كانت أجمل، ويتوفر فيها أوقات كثيرة للسمر واللقاءات الاجتماعية وغيرها.
بالأمس وبعد الانقطاع المؤقت لخدمات ال«واتس آب» وال«فيسبوك» وال«إنستغرام»، هاج بعض مستخدمي وسائل التواصل الحديثة، خاصة الذين حجزوا حياتهم ومتعتهم وتسليتهم واختزلوها في الساعات التي يقضونها متنقلين ما بينها تارة للتسلية وأخرى للاطلاع أو التواصل مع الآخرين في العالم الافتراضي.
بالأمس اضطر البعض لإجراء مكالمات هاتفية بدلاً من الرسائل التي يتم تناقلها من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل البعض يشعر بلذة التواصل غير المحاط بقانون الإرسال والاستلام في مواقع التواصل الاجتماعي واستلام الرد في نفس اللحظة بدلاً من انتظار ظهور اللون الأزرق كإشارة استلام الرسالة وانتظار رد الطرف الآخر.
سمحت تلك «الهدنة» المفاجئة للبعض بالتوجه إلى موقع جلوس العائلة لتبادل الأحاديث الجماعية الوجاهية معهم، وإن كان محورها حول الانقطاع المؤقت وتوقعات أوقات عودة الخدمات والسيناريوهات التي ينسجها كل فرد حول الأسباب وغيرها من المواضيع التي خلقت أجواء حوارية لا يمكن الاستشعار بها من خلال الحروف الصامتة المطبوعة أو حتى الأصوات المنقولة من خلال الخاصيات التي توفرها بعض تلك التطبيقات.
خلال فترة الانقطاع، تذكرت جدتي التي كانت تلاحظ ملامح الاستهجان من ردودها على أسئلتي، ووجدت نفسي أطرح نفس السؤال، ولكنه هذه المرة مطروح على الذات، «كيف ستكون حياتنا في حال انقطاع تلك الخدمات؟».
سيناريوهات عديدة يمكن أن ترتسم في مخيلة أي شخص سأل نفسه عن كيفية الحياة بدون وسائل التواصل الاجتماعي، وهل بالفعل أن متعتنا ومعلوماتنا واهتماماتنا وحياتنا بشكل عام باتت مقيدة بأسوار الهواتف المتحركة التي توفر لنا تطبيقات مختلفة للتواصل والتحاور والتسلية والترفيه والاطلاع وغيرها.
الأهم من السيناريوهات هو أن ندرك مدى سيطرة تلك الوسائل على حياتنا وتشكيلها لأسلوب وطريقة حياة الفرد والتغيرات التي أحدثتها في التنشئة والتربية والشخصية وغيرها الكثير من الزوايا التي يتطلب تناولها حديثاً مطولاً.
لا ننكر أهمية وسائل التواصل الحديثة ودورها الإيجابي في سرعة وسهولة الوصول إلى المعلومة، وأيضاً ما وفرته تلك التقنيات الحديثة من تسهيل عملية استمرار الحياة خاصة خلال الجائحة، ودورها في تمكين الموظفين والطلبة من مواصلة التعلم في الظروف الطارئة، ولكن لا بد من أن نكون غير مسيرين نحو الاتجاه الذي تحدّده لنا، وأن نتعامل معها كأدوات تزيد من سهولة الحياة ومتعتها.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kpr3phc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"