عادي
رحلة المخطوطات العربية من الشرق إلى الغرب.. إيطاليا وإسبانيا أنموذجاً

«أبوظبي للمخطوطات» يرسخ الإمارات وجهة للتراث والثقافة العالمية

19:38 مساء
قراءة 3 دقائق

نظمت دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي في منارة السعديات مؤتمر أبوظبي الثالث للمخطوطات، تحت شعار «رحلة المخطوطات العربية من الشرق إلى الغرب.. إيطاليا وإسبانيا أنموذجاً»، يومي 7-8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بالتعاون مع مكتبة مارسيانا التابعة لوزارة الثقافة الإيطالية، ومكتبة جامعة بولونيا الإيطالية، والمكتبة الوطنية في إسبانيا، ومتحف الإسكوريال الإسباني، وذلك في إطار ما حققته الدولة من إنجازات رائدة على مختلف الصعُد، وفي مقدمتها مجالات الفنون والمتاحف والثقافة والتاريخ الإنساني.

شارك في المؤتمر مجموعة من العلماء والمتخصصين في مجال المخطوطات العربية من إيطاليا وإسبانيا ومختلف أنحاء العالم العربي؛ لمناقشة المنجزات الحضارية العربية وتأثيراتها في الثقافة الأوروبية في مجالات متعددة، منها اللغة والخط والشعر والموسيقى والأدب والعلوم.

يقول لورينزو فانارا، سفير جمهورية إيطاليا في الإمارات: «من المهم للغاية التأكيد على الروابط الثقافية والتاريخية بين أوروبا والعالم العربي لثلاثة أسبابٍ مهمة. أولاً، لأن لدينا تاريخاً مشتركاً معاً لا يمكننا تجاهله. ثانياً، لأنه من خلال إعادة اكتشاف العدوى الثقافية، نعيد اكتشاف هويتنا المتشابكة. وثالثاً، لأننا من خلال التأكيد على هذه التأثيرات الثقافية، نبني جسور الحوار، ونستجيب بأقوى طريقة على أولئك الذين يمتلكون أجندات تدعو للانقسام».

عن الرسائل التي تحملها المخطوطات العربية التي أضافتها إلى المكتبات الأوروبية والأدب الأوروبي: «تحمل رسالة تسامح وتعايش؛ لأنها كتبت في العالم العربي والحفاظ عليها لسنوات في المكتبات الأوروبية، وتؤكد على الاحترام الذي توليه إيطاليا للثقافة العربية وللأدب العربي».

ويختتم: «نأمل في الاستجابة بطريقة أصلية ومبتكرة على الطلب الكبير على إيطاليا الذي نراه هنا في الإمارات؛ كون إيطاليا جزءاً من الثقافة العربية أيضاً، وتعزيز الحوار الثقافي، لأننا مقتنعون بأن العلاقات طويلة الأمد لا يمكن أن تستند فقط على التعاون التجاري والسياسي؛ حيث إن الثقافة تمثل عاملاً رئيسياً لتحسين العلاقات، خصوصاً عندما نتحدث عن إيطاليا والعالم العربي؛ كوننا ننتمي إلى نفس المجتمع الثقافي».

وحول «الصلات الحضارية ورحلة المخطوطات من الشرق إلى الغرب (إيطاليا واسبانيا)»، وأهمية الدورالذي لعبته الإمارات في الحفاظ على المخطوطات والعناية بها تسلط د.إيدا زيليو غراندي، مديرة المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي الضوء على الركائز الرئيسية للنفوذ العربي الإسلامي المجربة في أوروبا ككل وفي إيطاليا على وجه التحديد، وتقول: «لقد كان للهيمنة العربية تأثير إيجابي كبير على أوروبا في المجال الاقتصادي وعلى الصعيد الثقافي بالدرجة الأولى، خصوصاً في الفلسفة والأدب والطب والكيمياء والفن والعمارة وتخطيط المدن والهندسة. على سبيل المثال، فقد أدخل العرب إلى أوروبا آلةً لرفع المياه أو المواد الأخرى من خلال استغلال تيار المجرى المائي، ما يسّر إلى حد كبير ريّ الحقول».

وتضيف غراندي: «يكمن المثال الأكثر بروزاً للتأثير الإيجابي للثقافة العربية على أوروبا في مجال الرياضيات والهندسة. لقد تمّت ترجمة كتاب الجبر والمقابلة الذي ألفه الخوارزمي (840 ميلادي)، وهو عبارة عن أطروحة عن الجبر والهندسة العملية والحساب التجاري وحساب الميراث، إلى اللاتينية في المدرسة العظيمة للمترجمين في توليدو بإسبانيا في القرن الثاني عشر. وبعد ذلك، بفضل ذلك ثم بفضل شخصيات مثل الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي، أصبحت أوروبا تعرف الجبر، كما لا يجب أن ننسى أنه بفضل انتشار الرياضيات وعلم الفلك العربي، وصلت الأرقام من 0 إلى 9 إلى أوروبا، ولهذا السبب ما زلنا نطلق عليها «الأرقام العربية» على الرغم من أصلها الهندي».

وتتابع غراندي: «وحول جلسات المؤتمر والدور الذي لعبته الحضارة العربية الإسلامية في التأثير على التنمية الثقافية في أوروبا، تمحور اليوم الأول من الندوة حول التبادل الثقافي والتفاعل والنقل والمساهمة والإرث، في حين خصص اليوم الثاني لاستكشاف وسائل الثقافة «المادية» القديمة، أي المخطوطات، ورحلتها من الشرق إلى الغرب. ويسعدني شخصياً أن أرى أن هناك أيضاً حديثاً عن «المستشرقين»، أي أولئك الذين التزموا وكرسوا حياتهم بأكملها في كثير من الأحيان لجعل الحضارات الشرقية معروفةً في الغرب. منذ نشر كتاب إدوارد سعيد الشهير «الاستشراق» (1978)، أصبحت كلمة «المستشرق» تعتبر مفرداً سلبياً ومرادفاً للاستعمار أو الإمبريالية. لا يمكن إنكار التاريخ، ولكن لا يمكن أيضاً إنكار أنه بفضل «المستشرقين» والشخصيات اللامركزية والانفرادية، فقد قامت أوروبا بإعادة اكتشاف واستعادة علاقتها التاريخية بالثقافات الشرقية في القرون الأخيرة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ytc5dnpc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"