عادي
تكنولوجيا المعلومات تحسّن حركة البضائع

الـ «بلوك تشين» حل ممكن لمشاكل اضطرابات سلاسل التوريد

00:01 صباحا
قراءة 4 دقائق

دبي: خنساء الزبير

أثرت اضطرابات سلاسل التوريد التي شهدها العالم مؤخراً، في وصول الإمدادات اللازمة لمجالات مختلفة، بدءاً من قطاعات تأمين المواد الغذائية وحتى صناعة السيارات التي يتعلق مستقبلها برقاقات صغيرة ربما يقل حجمها عن حجم كف اليد؛ وبغضّ النظر عن الأسباب وراء اضطراب التوريد (سواء كانت الجائحة أو الحروب)، فإن البحث عن حلول مستدامة أصبح أمراً ذا أهمية للتحسب ضد أي أحداث ضارة أخرى تقع في المستقبل، وتهدد التواصل التجاري بين الدول.

فمنذ زمن طويل وسلسلة التوريد العالمية تشكل نظاماً دقيقاً ومعقداً حيث يتم شحن ما يقدر بنحو 90% من البضائع في العالم عن طريق البحر بواسطة ما يقرب من 60 ألف سفينة شحن أكبرها يحمل 24000 حاوية.

وبالرغم من أن قصور سلاسل التوريد لفت النظر بشكل كبير أثناء الجائحة لعظم تأثيرها، إلا أنها ليست مشكلة جديدة، بل كانت ماثلة منذ وقت طويل، ولكن على مدى العقود القليلة الماضية اتجهت بعض الأعمال التجارية للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات ما أدى إلى تحسن حركة البضائع في جميع أنحاء العالم.

فقد ساعد الاستثمار في هذه التكنولوجيا والاستفادة منها في أنظمة «تخطيط موارد المؤسسات» و«التبادل الإلكتروني للبيانات» ووضع المعايير مثل «ISO 9001» في جعل سلاسل التوريد العالمية أكثر كفاءة؛ ولكن الأمر بحاجة لمزيد من العمل الذي يتعين القيام به، وهي حقيقة ربما يلمسها المتسوق الاعتيادي.

مشاركة البيانات

اليوم ما يصل إلى 80% من البيانات المهمة للأعمال يتجاوز جدران الشركة ويصبح مشاركة مع الموردين ومواقع التصنيع والموزعين وتجار الجملة؛ فهنالك العديد من الأطراف التي تحاول تنسيق معاملاتها باستخدام أنظمة مختلفة، ولكنها غير قادرة على أن تتواصل بشكل جيد مع بعضها بعضاً، ما يخلق مجموعة من المشكلات لأن كل واحدة من هذه الأعمال يتطلب بيانات مهمة ودقيقة، وفي الوقت المناسب، حول السلع التي تتعامل فيها، إضافة إلى معلومات عن أي أحداث قد يكون لها آثار خطرة في سلاسل التوريد والعملاء وسمعة العلامة التجارية.

ومع التعقيد المتزايد لسلسلة التوريد العالمية والاعتماد العميق وسط الموردين والمصنعين تواجه الشركات باستمرار مشكلة اضطراب البيانات وتراكم الأعمال غير المنجزة الذي يؤدي في الآخر إلى مشاكل ملموسة كأرفف متاجر فارغة، على سبيل المثال.

يتضح من هذا أن حلول تكنولوجيا المعلومات الحديثة لسلسلة التوريد تحتاج بالفعل إلى دعم الاستدامة والوضوح، لكن المشاكل المتزايدة التي تواجهها سلسلة التوريد متعددة المستوى والحاجة إلى تحسين انسياب المعلومات في الاقتصاد العالمي ركزت الأنظار على قدرة الموردين على التكيف ورشاقة سلسلة التوريد بشكل عام؛ خاصة أن هذا النوع من السلاسل متعددة المستوى أصبح قاعدة التعامل للشركات والتي تتطلب اليوم حلولاً تقنية توفر لجميع الأطراف رؤية واضحة ل: أين ومتى وكيف، يتقدم سير البضائع، وكيف تتناغم الآليات الشاملة لسلسلة التوريد معاً؛ ومن دون هذه الرؤية الواضحة لن تتمكن الشركات من معرفة الاضطرابات الفعلية والمحتملة وكيفية منع انقطاع السلسلة، أو حتى التخفيف من ذلك.

«بلوكتشين» الجيل التالي

تعد تقنية «البلوكتشين» من الجيل التالي، التي تجمع بين «البلوكتشين» والتكنولوجيا السحابية، أحد الحلول التي يمكن أن تساعد في معالجة مشكلات تنسيق سلسلة التوريد.

ويمكن للشركات استخدام تقنية «البلوكتشين» لتتبع الشحنات تماماً، مثلما يتم تتبع الطلبات والشحنات من قبل العملاء النهائيين لمتاجر التجزئة مثل «أمازون»؛ وتكمن قيمة «البلوكتشين» في مقدرته على جعل الأطراف تتشارك البيانات بسرعة وأمان، وأيضاً بطريقة لا مركزية.

فإذا أخذنا الشوكولاتة كمثال للطلبيات، فإن تاجر التجزئة بحاجة إلى معرفة تفاصيل مهمة حولها، مثل موعد وصولها، وما إذا كانت قد تعرضت لدرجات حرارة عالية أثناء النقل، وما إذا كانت حبوب الكاكاو المصنوعة منها من النوع الجيد.

فمن خلال جمع البيانات المختلفة من الأطراف المتعددة ذات العلاقة (مزارعو حبوب الكاكاو، وناقلو المنتجات، وأصحاب المستودعات، والمصنعون، والخدمات اللوجستية، وتجار التجزئة)، يمكن متابعة لوح الشوكولاتة من المنشأ وعبر رحلة النقل والتخزين، وحتى وصوله للمستهلك.

حلول جاهزة

غالباً ما يتم تسليم البلوكتشين من الجيل التالي في شكل «برمجية كخدمة»، ما يلغي الحاجة إلى توزيعها يدوياً، أو صيانتها، أو الحاجة لتحضير بنية تحتية لها. وبحكم طبيعة «البرمجية كخدمة» فهي تربط جميع الأطراف في سلسلة القيمة لضمان الموثوقية وأصل المنشأ بنسبة 100%، ولضمان حصول كل فرد في بيئة النظام على الرؤية الموثوقة والكاملة نفسها، بدءاً من المواد الخام وحتى تسليم المنتجات النهائية لبائع التجزئة.

وتوفر «بلوكتشين» الجيل التالي ودفاتر الأستاذ الموزعة حلولاً جاهزة لخصوصية البيانات، ما يسهل على منتجي البيانات تحديد من يمكنه الاطلاع على هذه البيانات أو تحديثها باستخدام آليات إذن بسيطة.

فمع وجود العديد من الأطراف المشاركة والكثير من البيانات حول سلسلة التوريد التي يتم إنتاجها واستهلاكها في الوقت الفعلي، من الأهمية بمكان أن تمتلك الشركات القدرة ليس على مشاركة بياناتها فقط، ولكن أيضاً تحديد من يصل إلى بيانات مهمة محددة والتدقيق حوله؛ وهي ميزة تصبح أكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بتطبيق لوائح المنافسة، أو مكافحة الاحتكار.وتم الانتباه في تقنية بلوكتشين الجيل التالي لناحية الطاقة والكلفة، كما أنها تتجنب التأثير البيئي لأنظمة «إثبات العمل» وتستفيد من البنى السحابية متعددة المستأجرين، وهي قادرة على توفير هذه الفوائد لمن يتبنى العمل بها.

وتُعد حلول مشاكل تتبع سلسلة التوريد أمراً بالغ الأهمية للشركات؛ ليس فقط للحصول على بيانات في الوقت الفعلي تحيط بموقع وحالة وجودة البضائع التي تتدفق عبر هذه السلاسل، ولكن أيضاً لفهم إنتاج سلعة معينة وتلبية الطلب بشكل أفضل. وعندما يكون لدى الشركات هذا المستوى من التفاصيل، وفي الوقت الفعلي، فإنها لا تمتلك فقط المعلومات المهمة اللازمة لإدارة أعمالها بسلاسة، بل يمكنها أيضاً تقديم خدمات وتجارب أفضل لعملائها ما يساعدها على الحفاظ عليهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/255mmmsh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"