من المريخ إلى القمر

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يعد الفضاء حكراً على الكبار. صرنا نجول فيه كما نجول على الأرض. إن من ينظر إلى الفضاء لا تضيق به الأرض؛ لأننا نبحث عن كل ما يُسعد الإنسان ويحقق طموحاته وأحلامه. صرنا كالفضاء بلا حدود، ننطلق من كوكب إلى آخر، كما ننطلق في مسيرة اللامستحيل، على الأرض نبني ونعمر ونشيد ونصنع المستقبل والسعادة.

بعد «مسبار الأمل» الذي أطلق إلى كوكب المريخ في 20 من يوليو/تموز 2020، وبدء مهمة الاستكشاف، ها هي الإمارات تطلق «المستكشف راشد» إلى القمر في مهمة أخرى تستغرق خمسة أشهر لتسجل إنجازاً علمياً في قطاع الفضاء، وهو أول إنجاز إماراتي وعربي لاستكشاف القمر ودراسة خصائص تربته وصخور وجيولوجيا سطحه، وأيضاً حركة الغبار والبلازما والغلاف «الكهروضوئي»، وكلها اكتشافات جديدة لم يسبق لأي دولة أن قامت بها من قبل، خصوصاً أن منطقة الهبوط ستكون في «فوهة أطلس»، وهو موقع صعب لم يسبق اكتشافه من المركبات الفضائية أو الرحلات المأهولة التي استهدفت القمر من قبل، ومن هنا تكمن أهمية مهمة «المسبار راشد».

لم نعد نكتفي بالذهاب بعيداً ببصرنا نتطلع إلى الكواكب والنجوم نعدّها أو نردّد أسماءها. هذا كان من الماضي قبل أن نبدأ مسيرة النهوض والصعود، وقبل أن يصير المستحيل من الماضي. صرنا رواداً للفضاء نعشق سبر أغواره، ونسجل فيه الفتوحات، كما نسجل الفتوحات السياسية والاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والصحية والإنسانية على الأرض.

صار الفضاء الواسع أحد ملاعبنا التي نستثمر فيها طاقة الشباب وقدراتهم، بالعلم والعمل والإبداع كي نتجاوز حدود المكان والزمان، ونجعل من الإمارات دولة المستقبل والحلم الجميل. ف«المستكشف راشد» صنع بأيدٍ إماراتية وتصميم إماراتي، لكنه يعزز الشراكة العالمية في استكشاف الفضاء.

لم يكن هذا العمل العظيم ليتحقق لولا قيادة رشيدة ملهمة تعرف ماذا تريد، وتخطط للمستقبل، وتمتلك إرادة فولاذية لتحقيق ما يجعل من الإمارات نقطة إشعاع وضوء في المنطقة والعالم، ولولا شعب يؤمن بقيادته ويمحضها الولاء والمحبة، ويسير معها جنباً إلى جنب يلبي وينجز.

يؤكد سالم المري مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء أن مهمة «المستكشف راشد» هي تمهيد لبرنامج «أرتميس» لوكالة الفضاء الأمريكية لإرسال البشر مرة أخرى إلى القمر عام 2025، وخطوة في طريق إرسال البشر إلى المريخ في المستقبل.

إن هذا الإنجاز الفضائي يستكمل الإنجاز على الأرض ويعززه، واستكشاف الفضاء هو طموح بشري يخدم الإنسان والبيئة والاتصالات والصحة والتقنيات، والبحث عن مكامن أخرى للحياة. ومهمة «المستكشف راشد» ستنقل مهمة استكشاف القمر من التنافس إلى التكامل، من خلال مشاركة أكثر من جهة دولية في عملية الإطلاق والمعدات وعملية الهبوط.

مبارك للإمارات والعرب هذا الإنجاز العلمي الجديد الذي يؤكد أن بمقدورنا أن نصنع المستحيل متى أردنا، وأن نسير في الركب مع الكبار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/wykdrfav

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"