عادي

الشفعة 2-2

23:00 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
قلنا في المقال السابق: إن الشفعة هي حق تملّك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض.
والشفعة تكون في الملك فقط كالعقار مثلاً، ولا تكون في المنفعة عند الجمهور، ويقول الشيخ عليش من المالكية: لا شفعة لشريك في كراء، فإن اكترى شخصان داراً مثلاً ثم أكرى أحدهما نصيبه من منفعتها فلا شفعة فيه لشريكه على أحد قولي مالك، وله الشفعة فيه على قوله الآخر، انظر: المبسوط ج14- ص 95، وفتح العزيز للرافعي ج11-ص 392، ومنتهى الإرادات ج1-ص531، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل ج5-ص312.
ثم بيّن الفقهاء في كتبهم أن للشفعة أركاناً ثلاثة هي: الشفيع الذي له حق الشفعة، والمشفوع عليه وهو الذي انتقل إليه ملك نصيب الشريك القديم، والمشفوع فيه وهو الشيء الذي يريد الشفيع أن يتملكه بالشفعة.
واشترطوا في الشفيع الآخذ ملكية لما يشفع به، فلا يجوز أن يطالب بالشفعة في دار يسكنها بالإجارة، أو دار لا يتملكها كالوقف مثلاً، انظر: البدائع للكاساني ج6- ص2703، وانظر: حاشية الدسوقي ج3- ص476، وانظر مغني المحتاج ج2- ص 298، ومنتهى الإرادات ج6- ص530.
واشترطوا في المشفوع عليه أو المشفوع منه أن يكون بيعاً لا هبة وصدقة وميراثاً ووصية عند الجمهور منهم.
ويرى مالك في قول أن الشفعة تثبت في كل ملك انتقل بعوض كالبيع أو بدون عوض كالهبة والصدقة، إلا الميراث فلا شفعة فيه، انظر: حاشية ابن عابدين ج6 - ص231، 236، وبداية المجتهد ج2- ص255، وفتح العزيز ج11- ص425، ومنتهى الإرادات ج1- ص527.
واشترط الفقهاء في المشفوع فيه وهو المال الذي تثبت فيه الشفعة أن يكون عقاراً، فلا شفعة في منقول عند الجمهور، ودليل الجمهور كما قلنا حديث جابر: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعه أو حائط رواه مسلم.
والذي قال بثبوتها في المنقول استدلوا بحديث: قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، وهذا الحديث عام لم يفرق بين الثابت والمنقول، انظر: إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ج2-ص250.
وطلب الشفعة له وقت معين يبدأ من مجرد علم الشفيع بالبيع، وهذه المرحلة معروفة عند الفقهاء بالمواثبة، وهي رغبة منه تتأكد بطلب بعد سماعه أو إخبار غيره له، انظر: حاشية ابن عابدين ج6 - ص224-225.
إذن فإن طلب حق الشفعة يكون على الفور ولا يقبل التأخير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الشفعة كحلّ العقال رواه ابن ماجه مع ضعف في الرواية، انظر: سبل السلام ج3 - ص76.
والمالكية لا يرون في حق طلب الشفعة الفورية، فوقت وجوبها متسع عندهم، وقد ورد عن ابن رشد أنه سنة أو أنه حق لا حدود له، انظر: بداية المجتهد ج2-ص263.
أجل فإن حق الشفعة يمرّ بمراحل مثل المواثبة أوّلاً ثم التقرير والإشهاد ثم الخصومة والتملك أمام القاضي؛ إذ قد لا يتحقق للمشتري ما أراد إلا برفع طلبه إلى القاضي.
وحق الشفعة ليس خاصاً بالمسلم مع المسلم؛ بل حتى للمسلم مع غير المسلم، لأن الحديث ورد عاماً ولم يفرق، وقد ثبت أن شُريح القاضي قضى بالشفة للذمي على المسلم، وكتب ذلك إلى عمر فأجازه، انظر: المبسوط ج14 - ص93.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4edap44b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"