الصراع على إفريقيا

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تحاول الولايات المتحدة استدراك غيابها عن إفريقيا واللحاق بالصين التي تثبت وجودها في القارة في إطار الصراع المحتدم بينهما على النفوذ والقيادة.

إن القمة الأمريكية - الإفريقية التي تعقد في واشنطن بمشاركة حوالى خمسين زعيماً ومسؤولاً إفريقياً، وهي القمة الثانية التي تعقد منذ عام 2014، هي محاولة متجددة لاستعادة موقع الولايات المتحدة بالقارة في مواجهة الصعود الصيني الذي يعتمد على مفهومي «القوة الناعمة» وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية متنوعة، على عكس النهج الأمريكي الذي يعتمد على شروط سياسية وأمنية.

لذا، فإن القادة الأفارقة مطالبون بألا تقتصر مشاركتهم على الحضور، بل عليهم تحديد احتياجاتهم الإقتصادية والتنموية، وطرحها بشفافية والاستفادة من الدعم الأمريكي، كما الدعم الصيني، ولكن وفق شروط اقتصادية وتجارية عادلة، ومن دون تدخل في الشؤون الداخلية للقارة، لا أن تكون المشاركة في القمة بهدف التسول، إنما من منطلق تحقيق مصلحة الدول الإفريقية في المقام الأول ومن دون إذلال.

يذكر أن الصين تتربع على عرش التجارة مع إفريقيا، إذ بلغ حجم الاستثمار الصيني المباشر في القارة ضعف المعدل الأمريكي، كما أن الصين باتت أكبر مقرض للدول الإفريقية، كما أقدمت بكين خلال السنوات القليلة الماضية على تخفيض ديونها أو إلغائها للتخفيف من أزماتها الاقتصادية. وقد كشفت بيانات خدمة أبحاث الكونغرس عن أن الصين أبرمت في عام 2020 وحده اتفاقيات بقيمة 745 مليار دولار مع 623 شركة، فيما بلغت قيمة 800 صفقة تجارية واستثمارية مع 45 دولة إفريقية أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي، في حين أن الولايات المتحدة استثمرت 22 مليار دولار في 80 شركة إفريقية فقط خلال الفترة نفسها، وهذا يظهر الفرق الشاسع بين حجم الإستثمارات الصينية والأمريكية.

الولايات المتحدة تدرك أنها تخوض سباقاً غير متكافئ مع الصين في القارة الإفريقية، لذلك فإن نائبة مساعد وزير الدفاع للشؤون الإفريقية شيدي لايدن دعت خلال الأسبوع الماضي بلادها إلى إجراء مراجعة لمواقفها وشراكاتها مع بلدان القارة الإفريقية، وقالت «لقد أخبرنا الشركاء الأفارقة أنه لا يجب أن يفرض عليهم الاختيار بين العمل مع الولايات المتحدة أو شركاء دوليين آخرين مثل الصين».

هل هناك صحوة أمريكية متأخرة للتعامل العادل مع القارة الإفريقية على أساس تبادل المصالح المشتركة، وسد الفجوة مع الصين والعودة إلى القارة السمراء بفهم جديد، ومن دون إملاءات وضغوط؟

تحتاج إفريقيا فعلاً للكثير من الاهتمام والدعم الدوليين، لكن من دون محاولات للاستقطاب السياسي، أو فرض شروط عليها، فهي في مواجهة تحديات كثيرة وصعبة لمواجهة الإرهاب والتطرف، والفقر والجوع والتغير المناخي، وتعزيز التعافي من وباء كورونا وتعزيز الأمن الغذائي وتشجيع الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والصحة والطاقة المتجددة.

إذا كانت الولايات المتحدة صادقة مع القارة الإفريقية فليكن التنافس الإيجابي مع الصين هو عنوان قمة واشنطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nnma8bdk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"