الكَـلمة الطّيبة وأثرها في النَّفس

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول الله تعالى: «ألم تر كَيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء تؤتي أُكلها كُل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلّهم يتذكرون، ومَثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار».
 الكلمة الطّيبة جسر من جسور المحبة، وتذكرة المرور إلى نُفوسِ الآخرين، ولها قوة عظيمة تؤثّر في النّفوس البشّريّة؛ إذ إنها تلامس العقل والقلب والرّوح معاً، فهي لها أثر جليّ على المشاعر والأحاسيس، فكم من إنسان خسر السّباق لأنّهُ لا يجيد فنَّ التَّعامل مع الناس، فيجب علينا أن نتقن أسلوب تلفظنا لكلماتنا، ونعرف مراميها ومقاصدها، فهو فنٌّ لا يجيد إتقانه الجميع.
ويقول لقمان الحكيم: (إنّ من الكلام ما هو أشدّ من الحجرِ وأحرّ من الجمر، وإنَّ من القلوب مزارعَ فازرع فيها الكلمة الطّيبةَ فإن لم تنبت كلّها ينبُت بعضها) فهي تبعث في داخلنا الرّضى، وتجلب لنا حبَّ الآخرين، فإذا لم نمنحها لمن يستحقها فلمن ندَّخرها؟ فهيّ تحجز لنا مقاعد في أفئدةِ الآخرين، فكثير منا لا يعي مدى فاعلية سحر الكلمات عندما تخرج من الأفواه، فهُناك من ينتظر منك كلمة تنقذ روحه المتعبة من حمل وعناء الحياة، وهناك من يترقّب الثناء منك؛ لأنّك تَعني له الكون أجمعه.
 الكلمات كُلما كانت خيّرة وتحمل في طياتها الرّقة بعثت الألفة والمحبة في نفوس الآخرين، وإن كانت دون ذلك فستترك الأثر السلبيَّ على الفرد، وأرى الكلمات أشجاراً لها غصون تثمر الجميل والعرفان، وبمقدور الفرد أن يقطف ويأكل منها متى ما احتاج لذلك، هل هناك نعمة أجمل من هذا؟ على غرار ذلك لا يسعني إلّا أن أقول:
«رجوت رسالتك على وجه الخصوص.. لطفاً أرسلها مع باقة محملة من الحبِّ.. لتثمر روح بستاني الّذي لا أحبّ أن يكون فيه شوك قد غرس بفعل كلمة غير طيبة»
يقول الله عزَّ وجل: «قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنيٌّ حليمٌ)»، الكلمات الطّيبة لها مفعول الدّواء، وإن تنوعت في بساطتها، فمثلًا كلمة (أحبك) وإن اختلف استعمالها فهي تُعطي دافعاً قويّاً للسّامعين، في حين أنّها لا تكلف شيئاً، وكلمات «يُعطيك العافية»، «أحسنت العمل» تخلق الثّقة والمودة، وتحمل الكلمات في طياتها الكثير، فهي تنطبعُ في الأذهان؛ لذا يجب علينا انتقاء كلماتنا بتمعّن، لما لها من أثر بليغ في كل من يسمعُها.
روعةُ الكلمات قدْ تتعدى لتصبح علاجاً لكثير من الأمراضِ المختلفة ولا غرابةَ أن يستعملها الأطباء كعلاج نفسيٍّ للمرضى، والتّلفظُ بأحسن الكلمات وأجملِها يتركُ بصمةً فعّالة تدوم لفترة كبير، فالكلمةُ الطّيبة مفتاحُ السّعادة والمدخلُ لكل ما هو قادمٌ وجميلٌ، فلابد أن نكترث لكلماتنا وننتبه لما نتلفظ به؛ لكي لا نجرح الآخرين أو نجعلهم يتألمون بسبب ما اعتقدناهُ بأنّهُ غير ذي أهمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/6fm3vdat

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"