عادي
تقرير يرصد نجاحها في تخطي الأزمات

دول «التعاون» الأقل عرضة لمخاطر تقلبات أسعار الغذاء

22:25 مساء
قراءة 5 دقائق
2

كتب: راشد النعيمي

أكد تقرير حديث أن قضية الأمن الغذائي العالمي وتحدياته الراهنة لدى مجلس التعاون لدول الخليج العربية باتت ذات تأثير محدود نسبياً، نظراً لأن الاستقرار المالي لدول المجلس أتاح لها قوة شرائية عالية، جعلتها أقل عرضة لمخاطر تقلبات أسعار الغذاء من مصادر استيراده من الخارج، ومكنتها من سد فجوة الإنتاج المحلي الوطني. ونتيجة لذلك، تم تصنيف جميع دول المجلس خلال الفترة 2020- 2022م على أنها من أكثر دول العالم المؤمّنة غذائياً إقليمياً وعالمياً، حيث تتميز باقتصاد ثري وصناديق ثروة سيادية ذات موارد مالية ضخمة، إلى جانب عدد سكانها القليل نسبياً، في غياب القيود على النقد الأجنبي لاستيراد المواد الغذائية.

الصورة

أشار التقرير الذي أصدره المركز الإحصائي الخليجي وتناول الأزمات والمخاطر العالمية المعاصرة وتأثيراتها في دول مجلس التعاون إلى أن العالم شهد على الساحتين الإقليمية والدولية أزمات ومخاطر وظروفاً استثنائية معاصرة خلال الفترة 2020 - 2022 متمثلة في المخاطر المناخية والصدمات الاقتصادية (جائحة كوفيد- 19) والأوضاع الجيوسياسية المتمثلة في النزاعات والصراعات (أبرزها الأزمة الروسية الأوكرانية)، والتي كان لها التأثير المباشر في منظومة الأمن الغذائي والنشاط الزراعي العالمي، ما أدى إلى تعطيل سلاسل الإمداد الغذائية العالمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم معدلات التضخم، وتقليل القوة الشرائية للمستهلكين (الأفراد) في ظل تزايد النمو السكاني، وارتفاع أعداد الجائعين حول العالم، وتزايد معدلات هدر وفقد الغذاء.

وأضاف أن كل تلك المعطيات قد تؤدي إلى تغير الخريطة الجيوزراعية العالمية، الأمر الذي يدعو جميع دول العالم إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية للتخفيف من آثارها، كما دفعت هذه المتغيرات العديد من دول العالم، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون لمحاولة الحد من التداعيات في التقليل من الأزمات والمخاطر العالمية المعاصرة المؤثرة في منظومة الأمن الغذائي، والسعي نحو وضع خطط واستراتيجيات وسياسات لتعزيز أمنها الغذائي من تداعيات هذه الأزمات والمخاطر.

الصورة

ورصد التقرير جهود دول التعاون من خلال العمل على تعزيز الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي عبر أربع مسارات هي توافر الغذاء الصحي وانخفاض معدلات سوء التغذية والسمنة والأمراض المصاحبة لها والحد من الجوع، إلى جانب مكافحة ظاهرة هدر الطعام. كما أشار إلى أبرز مهددات الأمن الغذائي في الإقليم وتتمثل في المهددات الطبيعية كارتفاع درجة الحرارة وندرة الموارد المائية الطبيعية وارتفاع الملوحة ومحدودية هطول الأمطار والاعتماد على المياه المحلاة وارتفاع تكلفة المياه البديلة وضعف جودة التربة والتصحر إلى جانب المهددات الجغرافية كالطقس الصحراوي الحار ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة والمهددات الديموغرافية المتمثلة في ارتفاع معدل النمو السكاني وقلة الأيدي العاملة في الزراعة وتزايد معدلات هدر الغذاء.

استراتيجية وحوكمة

وأوضح التقرير أيضاً أن دول مجلس التعاون نجحت في التصدي للصدمات الغذائية واحتواء تداعيات الأزمات (جائحة كوفيد- 19) واندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة على أمنها الغذائي وتصدرت المركز الأول عالمياً في الدعم الحكومي لبرامج شبكات الأمن الغذائي بنسبة 100%، والتي تشكل مصدراً مهماً للأسر محدودة الدخل. كما تميزت صناعة المغذيات الزراعية في دول التعاون بتوفير الإمدادات للمناطق الأكثر عرضة للأزمات وجاءت 5 دول خليجية في المركز الأول عالمياً بنسبة 100% في مؤشر وجود استراتيجية للأمن الغذائي كما تصدرت جميع دول المجلس المركز الأول عالميا بنسبة 100% في أبرز مؤشرات حوكمة الأمن الغذائي واستدامته.

ولفت التقرير إلى أنه وفي ظل تضخم أسعار الغذاء في جميع دول العالم نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية والتأثير المباشر لذلك في دول العالم جاءت معدلات التضخم الشهري لمجلس التعاون أقل بكثير من نظيراتها من التكتلات الإقليمية والدول المتقدمة وتعتبر مقبولة ومعتدلة في دول المجلس، خاصة إذا ما قورنت بالارتفاع الذي شهدته دول صناعية كبرى وتكتلات إقليمية، حيث تراوحت الزيادة في نسب التضخم ما بين 10% و 15% وأكثر لشهر يوليو 2022م، وعلى الرغم من قيام دول مجلس التعاون باستيراد نحو 80%- 90% من إمداداتها الغذائية إلا أنها نجحت في تجنب اضطرابات سلسلة الإعدادات الغذائية المرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية، إضافة إلى تحديد حكومات دول المجلس السقف الأعلى لزيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود من أجل حماية المستهلكين في دولهم من الارتفاعات الحادة لتلك الفئات.

كما أكد التقرير أن للصدمات والضغوط المتعددة تأثيراً كبيراً في نظم الغذاء والزراعة وسبل العيش ذات الصلة. ويتضح هذا التأثير بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تؤدي الضغوط طويلة الأمد – مثل ندرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وتغير المناخ، وتدهور الأراضي، وزيادة النمو السكاني – إلى تفاقم الصدمات المتعددة والمتداخلة. وقد أدت النزاعات والكوارث المتعلقة بالمناخ والكوارث البيولوجية (مثل الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود وجائحة كوفيد-19) والصدمات الاقتصادية إلى تفاقم المستويات العالية أصلاً من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية، بما في ذلك تفاقم مستويات المجاعة في المنطقة، مشيراً إلى أن تعزيز صمود نظم الغذاء والزراعة في المنطقة لن يساهم فقط في معالجة استمرار انعدام الأمن الغذائي الحاد والتعافي من الآثار المترتبة على كوفيد-19، بل سيسرع كذلك من التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

صدارة المؤشرات

الصورة

وفي محاولة للحد من الاضطرابات والصدمات في التقليل من التأثيرات العالمية المعاصرة، أطلقت حكومات دول مجلس التعاون تدابير التدخل الفوري والآني على الأنظمة الغذائية الوطنية للحد من التداعيات المحتملة للأزمات والمخاطر العالمية خلال الفترة 2020- 2022م، من خلال الإعفاءات المالية والمزايا الائتمانية للمزارعين والشركات الزراعية، إلى جانب دعم عمليات التعبئة والتغليف والتوزيع، وقد حافظت تلك الخطوات على الأمن الغذائي قصير المدى، ما جنب دول المجلس بعض الأزمات الأكثر خطورة التي واجهتها بلدان أخرى في العالم.

ورصد التقرير التقدم المحرز لدول المجلس في مؤشر الأمن الغذائي العالمي إقليمياً في عام 2022م حيث تصدرت جميع دول المجلس المراكز السبعة الأولى عربياً والتسعة الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أما على المستوى الإقليمي فحلت الإمارات الأولى عربياً وعلى مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي ومؤشر القدرة على تحمل تكاليف الغذاء وحلت البحرين الأولى عربياً وعلى مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر توافر الحصول على الغذاء، كما جاءت الإمارات الأولى عربياً والثانية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر جودة وسلامة الأغذية وجاءت عمان الأولى عالمياً في نسبة ارتفاع معدل النمو لقيمة مؤشر الأمن الغذائي العالمي بنسبة 13.8%، للفترة 2012- 2022.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y42hdxhh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"