عادي
يتعمدون نشر موضوعات مثيرة للجدل مستغلين الجهل بالقوانين

«صفحات التواصل».. باب تربح لأصحاب المحتويات المستفزة

01:22 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: إيمان عبدالله آل علي
أكد محامون أن ثمة أشخاص يتعمدون طرح موضوعات مثيرة للجدل واستفزاز المجتمع في مواقع التواصل، ويقوم المتابعون بالرد على المحتوى بطريقة هجومية دفاعاً عن مبدأ أو فكرة، وقد يصل الأمر إلى القذف، ليحقق الشخص مراده ومقاضاة كل من أساء له، فقد أصبحت تلك الممارسة متعمدة من قبل بعض رواد السوشال ميديا.

وحذر محامون من الانجرار خلف ذلك الفخ، وعدم الانفعال، والسيطرة على المشاعر، ومن جهة أخرى يتعين إبلاغ الجهات المختصة في حال مطالعة كل ما من شأنه إثارة الجدل في المجتمع، والتعرف إلى القوانين المعمول بها في هذا الشأن داخل الدولة، حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون نتيجة كلمة دونت على مواقع التواصل الاجتماعي.

الصورة

أكدت نادية عبدالرزاق محامية ومستشارة قانونية، أن الدستور الإماراتي كفل للجميع حرية التعبير عن الرأي فنصت المادة 30 منه على أن (حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون)، إلا أن الحق في حرية التعبير مشروط بعدم المساس بحرية الآخرين وفي الإطار الذي رسمه القانون.

المبتزون الجدد

وقالت: لقد ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة «المبتزون الجدد» ممن يقومون بنشر محتوى على صفحات التواصل الاجتماعي يستفز المتابعين، ليقوموا بالرد والتعليق على تلك المنشورات بطريقة يمكن أن تحتوى على كلمات أو ألفاظ تشكل نوعاً من أنواع السب أو القذف لمن قام بالنشر فيقوم الأخير بمقاضاتهم من خلال تقديم بلاغ ضدهم بذلك. هناك الكثير من الحوارات العادية على مواقع التواصل الاجتماعي يبتكر فيها النصابون «المبتزون الجدد» أفكاراً تقود المتابعين إلى قاعات المحاكم، من خلال تدرج أسلوب الحوار من اللين والأفكار المعتدلة إلى الاستفزاز، ما يترتب عليه استفزاز المتابع وانفعاله وعدم سيطرته على مشاعره فيقوم بالرد والتعليق بكلمات تضعه تحت طائلة القانون، مستغلين جهل الكثير من الأشخاص بالقوانين المعمول بها في هذا الشأن داخل الدولة، فيقوم هؤلاء المبتزون بتسجيل بلاغ بالواقعة ومساومة المتابع مالياً إما إحالة البلاغ للمحكمة أو التنازل نظير مقابل مادي، أو إحالة البلاغ للمحكمة وصدور حكم ضد الشخص سواء بالحبس أو حتى الغرامة، وبموجب ذلك الحكم الجزائي يقوم المبتز برفع دعوى أمام المحاكم المدنية بطلب التعويض، وقد وصل الحال بهؤلاء إلى استخدام تلك الوسيلة مصدراً للثراء، فقد أصبح لديهم مبالغ طائلة في حساباتهم وأرصدتهم بالبنوك وأصبحت نوعاً من أنواع التجارة «الرخيصة».

حسن النية

وهنا يجب توضيح أن حسن النية لدى المتابع الذي قام بالتعليق على المنشور المستفز لا يعفيه من العقاب إلا أنه قد يكون فقط عذراً مخففاً للعقوبة، فقد نصت المادة (97) من المرسوم بقانون رقم 31 لسنة 2021 بشأن قانون العقوبات على أنه (يعد من الأعذار المخففة حداثة سن المجرم أو ارتكاب الجريمة لبواعث غير شريرة، أو بناء على استفزاز خطِِر صدر من المجنى عليه بغير حق)، ولقد استقرت مبادئ محكمة التمييز على أن (مجرد الاإستثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا ينفي المسؤولية الجنائية ولكن يعتبر عذراً مخففاً).

كما أن الاستفزاز الواقع من المحتالين (المبتزون الجدد) لا يعاقب عليه جزائياً إلا إذا كونت أركانه جريمة جزائية منصوص عليها بقانون العقوبات أو القوانين المرتبطة به، إلا أن هذا الاستفزاز قد يكون له أثر أمام المحاكم المدنية التي تنظر دعوى التعويض المقامة من المبتز ضد مرتكب الفعل إعمالاً لسطة القاضي التقديرية في بحث مدى استغراق خطأ مرتكب الجرم لخطأ المستفز «المبتز»، كما أنه يخفف فقط من قيمة التعويض، لكن لا يمنع الحكم به.

ونرى أنه يجب التصدي تشريعياً لتلك الظاهرة الخبيثة، بوجوب مراجعة المحتوى الذي قام بنشره وتصنيفه ما إذا كان مستفزاً مما ترتب عليه استثارة مشاعر من قام بالتعليق واستفزازه من عدمه، كذلك يجب على الجهات المعنية نشر الثقافة بين مختلف شرائح المجتمع وبيان خطورة تلك الظاهرة، كذلك يجب على رواد مواقع التواصل الاجتماعي أخذ الحيطة والحذر عند الرد أو التعليق على أي منشور تجنباً للمساءلة القانونية.

الصورة

انتشار الشائعات

المحامي د.محمد بن حماد، أكد أن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أسهم خلال العشرة أعوام الأخيرة في رفع معدل انتشار الشائعات أو بث الأخبار الكاذبة بشكل غير مسبوق، والأمر هنا ليس على مستوى دولة الإمارات وإنما على المستوى العالمي كون الأمر لا علاقة له بتعدد الثقافات أو الحالات الاقتصادية في الدول، وإنما يتعلق بتلك الفئة الراغبة في الظهور والشهرة واعتلاء الموجة والرغبة في الانتفاع وحتى لو على حساب نشر الفوضى أو زعزعة الاستقرار وهي فئة لها وجود في كل مجتمع فئة مخالفي القانون أو العناصر الإجرامية والتي من أجل الحد من نشاطها في كل مجتمع تعمل الأجهزة الشرطية على مكافحتها، وهو ما كان يتعين معه تصنيف تلك الفئة الراغبة في الشهرة والظهور بطريق نشر الشائعات ضمن فئة مخالفي القانون لما ينتج عن تلك الأفعال من زعزعة الاستقرار سواء أمنياً أو اقتصادياً، وهو ما جعل الغالبية العظمى من دول العالم خلال السنوات الماضية تلجأ إلى سن القوانين والتشريعات لتجريم تلك الأفعال التي تتم بواسطة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً أو الإنترنت عموماً، وقد كانت دولة الإمارات سباقة في وضع القوانين المنظمة لما سبق حيث تم وضع القانون رقم 5 لسنة 2012 بشان مكافحة الجرائم الإلكترونية وتم العمل به لمدة عشرة أعوام حتى تم إلغاؤه بصدور القانون 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية والذي بدأ العمل به منذ 2 يناير 2022 لمواكبة التطور الحاصل على الصعيد التشريعي وكذلك ما تم استحداثه من جرائم جديدة، إلا أننا نرى أن التشريعات وحدها لا تكفي وإنما ينبغي أن يكون هناك دور من جانب أفراد الجمهور ما بين الوعي اللازم لعدم الوثوق في أي مصدر معلوماتي أو إعلامي إلا لغير الجهات الرسمية والحكومية في الدولة.

المسؤولية القانونية

وقالت المحامية والمستشارة القانونية إيمان سبت: حذرت القوانين من استخدام الشائعات بقصد أو غير قصد، وأكدت أن ترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت يوقع الشخص تحت طائلة المسؤولية القانونية، يترتب عليه مفاسد كثير وضارة، لأنها تحدث بلبلة في محيط المجتمع، ونبهت إلى خطورة نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن هذه الشائعة قد تهدف إلى مصالح فردية أو جماعية أو زعزعة الاستقرار والأمن.

وأضافت: من الضروري أن يكون هناك نصائح وتوجيه وتوعية للحد من مثل هذه الظاهرة أو الوقوع في سلبياتها، كتجنب ترويج معلومات من مصادر غير موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الاستجابة أو التأثر لمثل هذه التغريدات والسعي وراء قمع وعدم ترويج المعلومات المضادة لإحباط الشائعة، وأنه من الضروري التواصل مع الجهة المعنية والأشخاص ذات الصلة للحصول على المعلومات الصحيحة والموثوق بها. وبدأ العمل بقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية في 2 يناير 2022.

ويحل هذا القانون محل القانون الاتحادي السابق المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وقالت: في الدور الأهم وهو دور الأسرة في الرقابة الأبوية في هذا الشأن نرى أنه من الضروري مراقبة صفحات الأبناء من حين لآخر طالما لم يتعدى دور الرقابة والحرص على عدم خرق القانون والمجتمع، وخاصة ولو كان الأبناء دون سن المسؤولية القانونية.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/k26tm6u7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"