عادي

عذب الكلام

23:13 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

منَ المُحَسّناتِ البديعيّةِ، الطِّباقُ، وهو الجَمْعُ بين ضدّين، ومنه قولُ الأعشى:

تَبيتونَ في المَشتى مِلاءً بُطونُكُمْ

وجاراتُكمْ غَرْثى يَبِتْنَ خَمائِصا

طابق بين «مِلاء البطون»، و«غَرْثى»، و«خَمائص» وكلتاهما «الجَوْعى».

وقولُ عبدِ بني الحَسْحاس:

إنْ كنتُ عَبْداً فَنَفْسيَ حُرَّةٌ كَرَماً

أو أسْوَدَ الخَلْقِ إنّي أبيضُ الخُلُقِ

بين «أَسْودَ»، و«أَبْيَض».

وقولُ أبي تمّام:

السَّيفُ أَصدَقُ إنْباءً مِنَ الكُتُبِ

في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَّعِبِبين «الجِدّ» و«اللّعب»

دُرر النّظم والنّثر

«لِعَينَيهِ»

القاضي الفاضل

(عبد الرحيم البيساني)

(بحر الوافر)

لِعَينَيْهِ على العُشّاقِ إِمرَهْ

ولَيْسَ لَهُم إِذا ما جارَ نُصرَهْ

فَأَمّا الهَجْرُ مِنهُ فَهوَ إِلْفٌ

وأَمّا الوَصلُ مِنهُ فَهوَ نَدْرَهْ

إِذا ما سَرَّهُ قَتْلي فأَهْلاً

بِما قَدْ ساءَني إِنْ كانَ سَرَّهْ

تَلِفْتُ بِشَعرِهِ وسَمِعْتُ غَيْري

يَقولُ سَلِمْتُ مِن تَلَفي بِشَعْرَهْ

لَقَدْ خَدَعَتكَ أَلحاظٌ مِراضٌ

وتَمَّمَ بِالفُتورِ عَلَيْكَ سِحرَهْ

فَيا حَذِرَ البَصيرَةِ كَيفَ حَتّى

وَقَعْتَ كَما رَأَيتُ وُقوعَ غِرَّهْ

فَإِنَّ الحَرْبَ تَزرَعُها بِلَفظٍ

وإِنَّ الحُبَّ تَجْنيهِ بِنَظرَهْ

وبَعْدُ فَإِنَّ قَلْبي في يَدَيْهِ

فَإِنْ هُوَ ضاعَ مِنهُ أَذاعَ سِرَّهْ

وأَعظَمُ حَسرَةٍ أَنّي بِدائي

أَموتُ وَفي فُؤادي مِنْهُ حَسْرَهْ

لَقَد جَمَعَ الإِلَهُ لِناظِرَيْهِ

بِنَضرَةِ خَدِّهِ ماءً وَخُضرَهْ

وحُمرَتُهُ بِماءِ العَينِ تُذكَى

وما جَفَّت بِها لِلشِعرِ زَهرَه

من أسرار العربية

في أسماء التفضيل التي أضحت كالأمثال: أرَقُّ مِنْ دَمْعِ الغَمام. أصْلبُ من الحَديد. أنْفذُ مِنَ السَّهْم. أطْغى من السَّيل. أسْهرُ مِنَ النَّجْم. أظْلمُ مِنْ لَيْلٍ. أفْسَدُ مِنَ السُّوس. أشْرَبُ مِن َالرَّمل. أغَرُّ مِنْ سَراب. أحْلى مِنَ العَسَل. أيْأسُ منْ غريق. أضْوأُ من الشّمْس. ألْطَفُ من الهواء. أثْبتُ من الجِبال. أعْجَبُ منَ الدّهْر.أحْسَنُ منَ البِرِّ. ألذُّ منَ العافية. أقْرَبُ من النَّسَب. أرْسخُ منَ النّقشِ في الحَجَر. أقتَلُ منَ السُّمِّ. أقْسى منَ الصَّخْر. أمْضى مِنَ الأَجَل. أصْفى مِنَ الدَّمعَة. أغْشَمُ مِنَ السَّيل. (الغَشْمُ: الظُّلْمُ والغَصْبُ)؛ قَاْلَ أَبُو كبيرٍ:

ولَقَدْ سَرَيْتُ عَلَى الظَّلَامِ بِمِغْشَمٍ

جَلْدٍ مِنَ الْفِتْيَانِ غَيْرِ مُثَقَّلِ

(الْمِغْشَمُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَرْكَبُ رَأْسَهُ لا يَثْنِيهِ شَيْءٌ عَمَّا يُرِيدُ)

هفوة وتصويب

تردُ في أقوال بعضِهم، عبارةُ «كِلاهُما يَفعلانِ كذا، وكِلْتاهما تَفعلان..»، وهما خطأ، لأنّ «كِلا» اسمٌ مقصورٌ لفْظُهُ مُفْرَدٌ مذكَّرٌ مُثَنّى. ولفظ «كِلْتا» كذلك مؤنّثٌ مُثَنّى. والفعلُ أو الوصفُ الآتيانِ بعدَهُما يبقيانِ في صيغةِ المفردِ. والصَّوابُ هو «كِلا الرجلينِ يفْعلُ، وكِلْتا المرأتين تفْعلُ»، و«كِلا الرّجلينِ كانَ حاضراً، وكِلْتا المرأتين كانتْ حاضرةً»، ومنه بيتُ أبي الأخيل العجلي:

كِلانا يُنادي يا نِزارُ وبَيْنَنا

قَناً مِنْ قَنا الْخَطِّيِّ أو منْ قَنا الْهِندِوالبيت الذي يُرْوى عن عبدالله بن معاوية:

كلانا غَنِيٌّ عنْ أخِيهِ حياتَهُ

ونَحْنُ إذا مُتْنا أشدُّ تَغَانِيا

من حكم العرب

أُحِبُّ صَديقاً مُنصِفاً في ازدِيادِهِ

يُخَفِّفُ عَن قَصْدٍ وَيُبرِمُ عَن عُذْرِ

ولا رَأيَ لي فيمَن يُنَغَّصُ خَلوَتي

فَيَسرِقُ لَذّاتي وَيُنفِقُ مِن عُمْريالبَيْتان لصفيّ الدين الحلّي، يقول إنّ الصّداقة أمر طيّب، ومطلوبة لحاجة كلّ منّا إلى الآخر، حتى ينفّس عمّا فيه، ويخفّف من شجونه، لكن أن تكون هذه الصداقة خفيفة لطيفة، لا تشكّل عبئاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8j6ur5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"