عادي
أداة تقييم لا تفوق قوتها شهادة الثانوية

«إمسات» يعيق التحاق طلبة بالجامعات وتُبقيهم في البيوت

00:58 صباحا
قراءة 7 دقائق
طلاب يؤدون الاختبار

تحقيق: محمد إبراهيم
اختبار الإمارات القياسي «إمسات»، أداة تقييمية مهمة تقيس مهارات الطلبة في عدد من المواد الدراسية، مثل الرياضيات واللغتين العربية والإنجليزية والفيزياء والكيمياء والأحياء، ويعدّ جواز المرور لالتحاق الطلبة بجامعات الدولة، عقب الحصول على شهادة الثانوية العامة.

ولكن أثار اختبار «إمسات» أخيراً جدلاً واسعاً وتحفظات شريحة كبيرة من أولياء الأمور والطلبة في الميدان التربوي، إذ أعاق التحاق بعض «خريجي الثانوية العامة» بالجامعات العام الدراسي الجاري 2022-2023، على الرغم من حصولهم على الثانوية العامة بمعدلات متميزة، ولكنهم لم يحققوا المعدل الذي تعتمده «وزارة التربية» في هذا الاختبار، ما أدى إلى جلوسهم في البيوت من دون تعليم حتى الآن.

أكد أولياء الأمور أن الاختبار ضمن أدوات لتقييم وقياس المهارات الطلابية، ولا يجوز أن نتعامل معه على أنه يفوق شهادة الثانوية، إذ ظل الطالب يدرس موادها على مدار عام كامل ليحصل عليها، وليس من المنطق أن تلغي معدلاته، معدلات الطالب في شهادة الثانوية في الدولة، ومن المفترض استخدام أدوات تنمّي مهارات الطلبة وتدفعهم قدماً للأمام، ولا تكون عائقاً أو «حجر عثرة» في مسيرتهم التعليمية، عادّين اشتراطه لدخول الجامعات إجراءً «غير عادل».

الصورة

عدد من التربويين أكدوا أهميته في العملية التعليمية، أداةً تقيس مهارات الطلبة مثله مثل الآيلتس الذي يقيّم مهارات الطلبة في الإنجليزية، والتوفل الذي يقيس المهارات في بعض المواد الدراسية منها الإنجليزية أيضاً، ولكن ينبغي أن يطبق بمرونة كافية ومنهجية لا تعوق تقدم الطلبة للجامعات.

استحوذت إشكالية الطلاب الذين مكثوا في البيوت بسبب معدلاتهم «المنقوصة» في إمسات، على اهتمام ونقاشات أعضاء المجلس الوطني الاتحادي أخيراً، إذ وجهوا تساؤلات أمام المجلس للدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم عن تلك الإشكالية، وناشدوا الوزارة بسرعة إيجاد حلول ووضعت معالجات عاجلة لتمكين الطلبة من مواصلة دراستهم الجامعية، مع ضرورة توفير بدائل تحقيق المرونة والانسيابية عند انتقال الطالب من المرحلة الثانوية للجامعة.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بفئاته إشكالية اختبار الإمارات القياسي «إمسات»، وأسباب عدم قدرة الطلبة على اجتيازه، وكيف أثر ذلك فيهم سلباً في المضي قدماً نحو الدراسة الجامعية؟

مجموعة اختبارات

البداية كانت مع قراءة ل«الخليج» في صفحات اختبار «إمسات»، إذ اعتمدته الوزارة، على شكل مجموعة اختبارات إلكترونية معيارية تستهدف مواد «الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء واللغتين العربية والانجليزية»، وبنيت جميعها على المعايير الوطنية لقياس وتقييم أداء الطلبة في الإمارات، وتطبق على مجموعة من المراحل الدراسية، بهدف ضمان حصول الطلبة على المعارف والعلوم والمهارات اللازمة، للمشاركة الفعالة في المجتمع الاقتصادي المعرفي، وتعرف لطلبة الثاني عشر باختبارات «إنجاز».

وجاء اختبار «إمسات»، استجابة لعملية التطوير الشاملة للتعليم في الدولة وبهدف توفير معلومات دقيقة وحاسمة لصناع القرارات والقيادات التعليمية عن المنظومة التعليمية في الدولة، لاتخاذ القرارات الضرورية التي تخصّ تحسين النظام التعليمي في دولة الإمارات، فضلاً عن أن تقنيات القياس التربوي الحديثة بما في ذلك الحاسب الآلي الذي يعمل بطريقة المواءمة والمحاكاة، تمكّن من تقديم بيانات ومعلومات مهمة في هذا المجال، فضلاً عن أنه مصمم وفق معايير وطنية وضعت اعتماداً على مواصفات عالمية، لتكون قادرة على قياس المهارات، بشكل مستقل عن المنهاج.

من دون تعليم

وأكدت مريم ماجد بن ثنية، عضو المجلس الوطني الاتحادي، في مداخلة لها أمام المجلس، أن إمسات أداة للتقييم، وجميع الأطراف ليس لديها اعتراض على أدوات التقييم، بل تجد تأييداً كبيراً من الجميع، ولكن هذا مشروط بألا تعوق تلك الأدوات مسيرة أبنائنا وبناتنا التعليمية، فالطلبة جالسون في البيوت من دون تعليم، ليس بسبب عدم حصولهم على الثانوية العامة، ولكن بسبب عدم اجتيازهم لاختبار إمسات التقييمي، ما يشكل مشهداً صعباً يؤلم جميع الفئات في المجتمع.

وأفادت بأن هناك طلبة التحقوا بجامعات عالمية على نفقتهم الخاصة، بعد أن رفضت الوزارة ابتعاثهم بسبب معدلات إمسات، وصاروا الآن على قائمة الشرف في هذه الجامعات؛ فماذا تفعل لهم الوزارة؟ وكيف تتعامل معهم؟ بعد أن رفضتهم وحققوا التميز في جامعات أخرى خارج الدولة.

حلول فورية

وناشدت بن ثنية، وزارة التربية والتعليم، بضرورة العمل على قدم وساق لإيجاد حلول فورية، لعودة الطلبة والطالبات الجالسين في البيوت إلى مقاعد الدراسة، بأي شكل من الأشكال، ويكفي أن هناك طلبة حُرموا من الابتعاث بسبب درجة إمسات، على الرغم من حصولهم على معدلات عالية متميزة في الثانوية، ومع الأسف استقبلتهم جامعات عالمية مرموقة، ولكن لم يتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم الوطنية.

وشددت: لا نريد طالباً واحداً اليوم جالساً في البيت، وهو ناجح في الثانوية العامة، مشيرة إلى بعض النماذج الطلابية التي تعاني تلك الإشكالية في الميدان التربوي، إذ إن هناك طالبة جالسة في البيت لأن معدلها في إمسات تنقصه بضع درجات في الرياضيات، وعلى الرغم من عدم الانتفاع بالرياضيات في التخصص الجامعي، فإنه أعاق التحاقها بالجامعة، متمنية أن تتواصل الوزارة مع قائمة الطلبة والطالبات المتضررين وتمكينهم من الانتظام في جامعاتهم.

قياس المهارات

الصورة

وأكدت الخبيرة التربوية آمنة المازمي، أهمية تقييم وقياس مهارات الطلبة في جميع المراحل الانتقالية أثناء الدراسة، للوقوف على نقاط القوة، وما يحتاج إليه الطالب من تحسين، وفقاً لاحتياجاته التي نراها في تفاصيل نتائج اختبار «إمسات»، وهنا تكمن أهمية هذا الاختبار، لاسيما أنه يتساوى في قوته اختبارات الآيلتس والتوفل التي وجدت لتقييم مهارات الطلبة في الإنجليزية ومواد أخرى.

وفي وقفتها مع إشكالية عدم تمكن الطلبة من الالتحاق بالجامعات أو الحصول على بعثة دراسية، لتحقيقهم معدلات متميزة في الثانوية العامة، أفادت بأنه على الرغم من أهمية اختبار «إمسات»، فإنه لا يجوز أن يكون عائقاً يعرقل انتقال الطلبة إلى الدراسة الجامعية، لذا ينبغي أن يطبق مبكراً مادام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدراسة الجامعية، مع توفير المزيد من المرونة بالتنسيق مع الجامعات، وعدم منحه قوة تفوق إنجاز الطلبة في الثانوية، فلا يجوز أن يحصل الطالب على الثانوية ولا يستطيع الالتحاق بالجامعة بسبب تقييمات «إمسات».

وقالت إن إخفاق الطلبة أو عدم قدراتهم على تحقيق المعدل المطلوب في إمسات، يعود في المقام الأول إلى عدم التدريب وتوفير نماذج متنوعة لتدريب الطلبة قبل التقدم للامتحان، على أن تجسد أنماط التدريب، نماذج واقعية، مثل التي يتقدم إليها الطالب، لاسيما أن «إمسات» لا يبنى على المناهج التي يدرسها الطالب في المرحلة الثانوية، وجميع أسئلته مهارية تحتاج إلى تدريب وممارسة.

وفي تأييد لهذا الرأي، أكد عدد من التربويين، ضم الدكتور فارس جبور، وسلمى عيد، ورانيا عبد المنعم، وخلود فهمي، أن معظم الطلبة يعتمدون على معلمي المواد المستهدفة لمساعدتهم في اجتياز اختبارات «إمسات»، ولكن النماذج التدريبية محدودة ومكررة ولا تخاطب النماذج الامتحانية الفعلية التي يصدم بها الطلبة، ما يصعب مهمة المعلم في مساعدة طلابه وتأهيلهم لهذا الاختبار، مؤكدين ضرورة وجود بدائل تسهم في تقدم الطلبة نحو الجامعات من دون معوقات واستناداً إلى معدلاتهم في الشهادة الثانوية التي أصبحت بلا قيمة مع وجود «إمسات».

وأضافوا أن عودة السنة التأسيسية، أو ابتكار سنة تمهيدية للطلبة في الجامعة أحد أهم الحلول المقترحة لتجاوز تلك الإشكالية، ولتفادي أي عائق قد يحرم الطلبة من التعليم الجامعي، عادّين ارتباط اجتياز الطالب باختبار «إمسات» والتحاقه بالجامعة «حجر عثرة» لجميع الخريجين من الثانوية العامة حتى المتميزين منهم.

معدلات منقوصة

في وقفة معهم اشتكى عدد من أولياء الأمور، إيهاب زيادة وسامح الشنواني وعمار حمدان وسهام محروس، من عدم قدرة أبنائهم على الالتحاق بالجامعة بسبب معدلاتهم المنقوصة في اختبار إمسات، معبرين عن عدم قدرتهم على احتواء تلك المشكلة التي استحوذت على الكثير من الأسر، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل لعدم استجابة الوزارة وغياب الاستثناءات تماماً، موضحين أن التعليم يسر وليس عسراً، وبقاء الطلبة في البيوت من دون تعليم أمر غير إنساني، متسائلين كيف لاختبار تقييمي إلغاء فاعلية وقيمة شهادة الثانوية ومعدلاتها؟ وطالبوا بحلول ومسارات بديلة لتقييم الطلبة في المواد المستهدفة شريطة ألا تعوق تقدم الطلبة ومسيرتهم التعليمية.

وأفادوا بأن «إمسات» أداة لتقييم وقياس مهارات الطلبة، وعملية الارتقاء بالمهارات الطلابية مهمة أصيلة لوزارة التربية والتعليم والمدارس، فعليهم إيجاد مناهج وطرائق من شأنها الارتقاء بمهارات الطلبة في جميع المواد، ولا يجوز أن نتعامل مع «إمسات» على أنه أقوى من شهادة الثانوية، وليس من المنطق أن تفوق معدلاته، معدلات الطالب الحاصل عليها في الثانوية في الدولة، وإعاقة الطالب من الالتحاق بالجامعة بهذا الشكل يعد إجراءً غير عادل.

بلا فائدة

الطلاب عبدالله حمدان، وليلى.و، ح. آل علي، وميثاء.أ، لم يجدوا فرصتهم حتى الآن للانخراط في الدراسة الجامعية على الرغم من معدلاتهم المرتفعة في الثانوية العامة التي تراوح بين 89-92%، إذ أكدوا حصولهم على الثانوية العامة بلا فائدة، حيث لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة حتى الآن، نظراً لتدني معدلاتهم في «إمسات» الذي وضع شرطاً أساسياً للمرور إلى الدراسة في الجامعة.

وعن أسباب عدم قدرتهم على اجتياز اختبارات «إمسات»، وجدنا تفاوتاً في المواد التي يخفق فيها كل طالب، حيث إن الرياضيات كانت إشكالية أحدهم، والفيزياء كان مشكلة لآخر وغيرها، ولكن أجمعت آراؤهم على صعوبة محتوى الامتحان وعدم ارتباطه بأي منهاج، وغياب التدريب تماماً على هذه النوعية من الاختبارات، التي تركز بشكل كامل على المهارات، مع تكرار النماذج التدريبية وعدم ارتباطها أساساً بالاختبار الحقيقي.

أهمية «إمسات»

تكمن أهمية اختبارات «إمسات»، في تقييم معارف المرشحين في المراحل الانتقالية ومهاراتهم بعد مرحلة التعليم العام، والانتقال إلى مرحلة التعليم العالي، واستخدامه لأغراض القبول الجامعي، ويستعمل لتقييم فعالية أداء المدارس، وجودة نظام التعليم العام، واتخاذ القرارات اللازمة للتحسين، وتزويد متخذي القرار بالمعلومات عن المهارات التي يكتسبها الطلاب في مستوياتهم الأكاديمية المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/uvtyt2wc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"