عادي
حاضنة المنجزات الحضارية

كتّاب يستكشفون آفاق لغة الضاد في الحياة والدراما

00:03 صباحا
قراءة 4 دقائق
أحمد الجسمي وسميرة أحمد وجمال سليمان وبروين حبيب
(تصوير: محمد السماني)
عبد الله الغذامي وسماح العبار خلال الجلسة

أبوظبي: نجاة الفارس

تضمنت قمة اللغة العربية، خلال يومها الأول، مجموعة من الجلسات الحوارية وورش العمل المتخصصة، التي شارك فيها نخبة من المفكرين والباحثين والمتخصصين العرب، أبرزهم الناقد الأدبي والأكاديمي السعودي الدكتور عبد الله الغذامي، والذي حاورته الإعلامية الإماراتية سماح العبّار في جلسة حملت عنوان «اللغة والهوية العربية» موضوع شعار القمّة هذا العام؛ حيث سلّطت الضوء على العلاقة بينهما، وأهمية اللغة في تشكيل الهوية المجتمعية للمنطقة العربية، ودورها باعتبارها حاضنة للكثير من المنجزات الحضارية.

قال الدكتور الغذامي: «اللغة العربية ليست هوية عدوانية أو عنصرية، وهي كلما تقدمت إلى الأمام تجذب معها ماضيها لا تتخلى عنه، ذاكرتها ووجدانها، وتجلب موروثها وتاريخها وهي التي توحدنا من المحيط إلى الخليج، وهي ليست بحراً عميقاً فقط، وإنما نهر منساب، ولا بد أن نقدم معنى وحافزاً لمن يتعلم اللغة العربية، ونتمنى أن تكون لغتنا دوماً بأحسن حال».

أعمال خالدة

الجلسة الثانية كانت بعنوان «اللغة والهوية والدراما العربية» شارك فيها 3 من نجوم الدراما العربية، هم الفنان السوري جمال سليمان، ومن دولة الإمارات الفنانة سميرة أحمد وأحمد الجسمي، رئيس مجلس إدارة مسرح الشارقة الوطني؛ حيث ناقشوا الاهتمام المتزايد باستكشاف آفاق إبداعية جديدة لحضور اللغة العربية في الفنون والدراما بشكل خاص، باعتبارها الإنتاج الإبداعي الأكثر تأثيراً والأقرب لجمهور المنطقة العربية والعالم، وأدارتها الإعلامية البحرينية الدكتورة بروين حبيب.

وقدّم المتحدثون رؤىً استشرافية طرحت تساؤلات عديدة تبحث في العلاقة بين الدراما واللغة والهوية، وآليات تعميق روابط الانتماء للهوية باعتبارها هوية حضارية وإنسانية من خلال الدراما والفنون.

وقال جمال سليمان: «إن ضرورة تعلم اللغة العربية للأجيال ليست كلاماً رومانسياً، لا بد أن نربط تعلم اللغة بالمصلحة، فأولادنا يتكلمون لغة عربية مكسرة، علماً بأني تربيت في بيت شديد العروبة، انطلق من مبدأ إذا لم تتقن العربية فأنت بلا هوية، ونحن بحاجة أن نعلم أولادنا اللغة العربية في ظل التعليم التفاعلي»، وناشد وزارات الثقافة والجهات المسؤولة عربياً أن يولوا أهمية كبيرة للإنتاج الفني الذي يتحدث بالفصحى، متمنياً من تلفزيون أبوظبي إنتاج أعمال مثل «سمرقند» لأمين معلوف، و«ثلاثية غرناطة» لرضوى عاشور، كما يجب أن نعيد الاعتبار لتاريخنا، فعلماؤنا العرب، مثل ابن الهيثم وابن سينا، حياتهم فيها دراما هائلة، وموضحاً أن العديد من الأعمال الخالدة كانت بالفصحى، مثل أغنية «قارئة الفنجان» لعبد الحليم حافظ، و«أغداً ألقاك» لأم كلثوم، هذه الأعمال التي تربينا ونشأنا ونحن نستمع لها.

وأضاف سليمان: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن فستنقرض اللغة العربية»، مضيفاً أنه يحلم بتقديم شخصية العلامة ابن خلدون، من خلال مسلسل يتطرق لحياته وما فيها من دراما، كما تمنى من وزراء التربية العرب جعل مادة الدراما مثل العلوم والرياضيات؛ حيث يستحضر الأطفال والطلبة شخصيات مثل الفراهيدي وسيبويه، مما يعزز وينمي ثقة الطلبة بأنفسهم، وينمي فيهم روح الفريق والجماعة، ويعزز المعرفة لديهم، عندما يتعلمون اللغة العربية، ويقدمون مسرحيات فيها، فتدخل اللغة في اللاوعي لديهم؛ حيث إن المسألة تراكمية.

سميرة أحمد، قالت: «نحن لم نعرض تراثنا كما ينبغي، أين دور المؤسسات في تعريف الطفل بنفسه كعربي؟ نحن نعيش في زمن منفتح والأطفال يبدؤون مفرداتهم بلغات أجنبية، منفصلين عن اللغة الأم كما ينفصلون عن الرضاعة، كلنا مسؤولون عن هذا التقصير، يجب أن نقدم أعمالاً جميلة، ونشارك بإنتاجها، وهذه ليست فقط مسؤولية وزارة الثقافة.

وقال أحمد الجسمي: «الفن سلاح أقوى من البندقية، متحدثاً عن تأثير مسرحية النمرود لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي عرضت في موسكو وفي كندا وأوروبا، وحققت نجاحاً باهراً»، موضحاً أننا نستطيع طرح قضايانا المجتمعية باللغة الفصحى؛ حيث إن الجملة الواحدة فيها تختصر عشرات الجمل باللهجة المحكية، وبإمكان المحتوى المطروح أن يكون كوميدياً وطريفاً، لقد فرضنا على أبنائنا أشياء جديدة تحت بند الحضارة، مؤكداً أن نجومية مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطورة على المجتمع.

واستضافت جلسة «صُنّاع الهويات في اللغات الأخرى» الروائي الفرنسي جيلبير سيونيه، والمفكّر والشاعر أدونيس، وأدارها الدكتور سليمان الهتلان.

وقال أدونيس: «الهوية نوع من الابتكار، ومن تكنْ جذوره عربية فهو عربي، ونحن كعرب نتفوق كأفراد على جميع البلدان، لدينا مواهب وشعراء شباب لا يقلون أهمية عن أي شاعر في فرنسا التي أسكنها، ولكن لماذا لا يبرزون؟ هناك صراع بين الفرد العربي والمؤسسة العربية، كما أن المعايير الثقافية السائدة في المجتمع العربي ليست ثقافية وإنما معايير أخرى، لدينا جيل من النساء كاتبات يكتبن أفضل مما كتبه أبناء جيلي مثل نازك الملائكة».

واستضافت جلسة «مستقبل اللغة العربية»، الدكتور نزار حبش، أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة نيويورك أبوظبي، وسعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية بالإنابة، وأدارتها أسماء صديق المطوع، مؤسسة ومديرة صالون الملتقى الأدبي؛ حيث تحدّث ضيوف الجلسة عن مستقبل اللغة العربية من خلال الفنون، والآداب، والعلوم والتكنولوجيا، وناقشوا مجموعة من القضايا أبرزها كيف يمكن للغة العربية أن تزدهر بازدهار آدابها، وفنونها، وعلومها؟ وما هو مستقبلها في عصر التكنولوجيا؟ وغيرهما من المحاور.

معرض فني

وأقيم على هامش فعاليات القمة بمنارة السعديات معرض لأهم الأعمال الفائزة في مهرجان البردة؛ حيث تمّ عرض عدد من اللوحات الجميلة بالخط العربي، وعدد من الأبيات الشعرية للقصائد النبطية والفصحى، على الجدران الداخلية للمنارة، والتي نالت اهتمام وإعجاب المشاركين والحضور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4d9fu2dj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"