عادي
الخط يحاور القصيدة في ختام قمة «العربية»

عصف ذهني حول أحوال لغة الضاد

00:24 صباحا
قراءة 5 دقائق

أبوظبي: نجاة الفارس

اختتمت، أمس الأربعاء، فعاليات الدورة الأولى من قمّة اللغة العربية التي نظمتها وزارة الثقافة والشباب، بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، تحت رعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، في منارة السعديات في أبوظبي.

وشهدت نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، جلسة بعنوان «الخط العربي والأنماط الحداثية» التي ناقشت مكانة الخطّ العربي في ظل تجلياته التقليدية والحداثية العديدة في الفنون والعمارة، وتأثيره في التواصل الحضاري والإنساني، ودوره في التعبير عن الهوية العربية وقيمها الجمالية، بمشاركة الدكتور أنطوان أبي عاد، أستاذ مساعد في كلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد، وسارة العارف، مدير تنفيذي للقسم الإبداعي في شركة توثيرد، حاورهما الإعلامي إبراهيم استادي.

قدم الدكتور أنطوان أبو عاد عرضاً لعدد من أعماله الفنية المكتوبة بالخط العربي، بحضور الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، ومنها مرادفات بصرية تعكس ميول الشباب، اشتملت على 97 عملاً، وتم عرضها في بلدان عدة، مثل كوريا، وبحضور جماهير لا تعرف اللغة العربية ولكنها تحترم الخط العربي.

وقالت سارة العارف: «لدينا هوية عربية جميلة يجب أن تصل للعالم، والخط العربي يمكن أن يكون بأكثر من شكل، نستطيع تطوير ثقافتنا وتوصيلها للعالمية عن طريق التعامل مع الخط العربي بشكل غير تقليدي، المهم أن نوصل الروح والفكرة والإحساس، وهذا هو التحدي، وينبغي تبسيط الخط العربي للأجيال الجديدة، هناك أصول وقواعد لا نتعداها، ولكن ممكن عبر المرونة توصيل جماليات الخط العربي للأجيال الجديدة».

أصبوحة شعرية

وفي مساحة أضاءت فضاء الشعر، أبدع ثلاثة شعراء عرب في أصبوحة شعرية استضافتها القمّة، حيث حلّق كلّ من الشاعر والناقد العراقي علي جعفر العلاق، والشاعر التونسي المنصف الوهايبي، والشاعرة السودانية روضة الحاج، في سماء الإبداع الشعري، وألقوا على مسامع الجمهور مختارات من قصائدهم المشبعة بألق اللغة، وجزالة العبارات، بقصائد تصف الوجد تارة، والغياب تارة أخرى، وما بينهما تقف القصيدة في مطلعها لتروي حكاية الجمال الشعري وإبداعاته.

واستهلّ العلّاق الأصبوحة بعد تقديم الشاعرة والإعلامية اللبنانية نادين الأسعد بقصيدة «نبيل الكلام»، قال في مطلعها:

مطرُ الليلِ هنّ

يمسّدن لليلِ وحشتهُ

ويُشعلن فيه عصافيرهنّ التي لا تنام

بحفيف أنوثتهنّ يكحّلن طين اللغة

ويفلقن رمّانة الضوء حتى تسيل القصيدة

حتى يسيل الحصى كلام

ومما قرأ الوهايبي قصيدة بعنوان «النساء» قال فيها:

نَحنُ نعرفهنّ من الشِعرِ والأغنيات

في أحاديثنا في المقاهي وفي الذكريات

النساء كلّ شيء يهدهدهُ إذ ننام

كلُّ ما هو منفرجٌ كلّ ما هو منغرقٌ بالكتاب.

وبتحية إلى دولة الإمارات وبرسالة محبّة خالصة من السودان أبدعت الشاعرة روضة الحاج في قصائدها، لتستهلّ مشاركتها بقصيدة «أعصي امتثالي للكلام» قالت فيها:

عطشى وهذا البحرُ لي،

حَيرةَ وأعرفُ كلُّ نجمٍ آفلٌ في أفق ماضي.

أمشي وهذا الوقتُ يشربُ ألفة الكلمات في روحي.

عوالم جديدة

وفي جلسة بعنوان «اللغة العربيّة في عوالم جديدة» بحثت القمّة في حضور اللغة العربية ضمن عوالم غير الناطقين بها، ومكانتها العالمية الثريّة، ومدى حضورها، وآليات تقريبها إلى المجتمعات الناطقة بغيرها، وأدارت الجلسة الدكتورة والباحثة الأكاديمية مريم الهاشمي، بمشاركة المستشرق الهولندي مارسيل كوربر شوك، وموريس بوميرانتز، رئيس برنامج الأدب والكتابة الإبداعية في جامعة نيويورك أبوظبي، والدكتور كاشف جمال، أستاذ في مركز الدراسات العربية والإفريقية في جامعة جواهرلال نهرو- نيودهلي – الهند.

وقالت مريم الهاشمي: «اللغة بمثابة الثورة التي تتمايز بها الشعوب، ونحن بحاجة إلى الاهتمام باللغة الأم لأن اللهجات متعددة ليس بين الدول العربية فقط، وإنما في الدولة الواحدة عدة لهجات، وفي الإمارات هناك لهجة الساحل والتي تختلف عن لهجة البر، متسائلة عن كيفية إعادة حضور اللغة العربية القوي في العالم المعيش».

وتطرق كوربر شوك للازدواجية المتعلقة باستخدام كل من اللغة العامية، والفصحى، والعلاقة الجدلية بينهما، ومجالات توظيف كل منها، قائلاً: إن اللغة مثل الملعب، فيه القوي وفيه الضعيف، والتعامل معهما يكون بناء على استخداماتها، سواء في مجال الأدب، او السخرية، أو الفكاهة، أو النقد.

وأشار موريس بوميرانتز إلى مدى تأثير الأدب العربي في الآداب العالمية، وكيف أن الشعر الأندلسي والمقامات أثرت في الشعر الفرنسي، وفي شعر الحب والرومانسية، قائلاً: من شدّة تأثر تلك المدارس الأدبية بالشعر والأدب العربي تكاد تشعر بأنه لو ترجمت بعض القصائد الفرنسية في تلك الحقبة إلى العربية لشعرت بأنها كتبت بالأساس بالعربية.

وأوضح جمال كاشف أنه اختار الأدب الإماراتي ليكون المادة الأساس لرسالة الدكتوراه والتي تمحور موضوعها عن الفكر الوجودي في روايات علي أبو الريش، مؤكداً أن هذا البحث بالنسبة له شكّل منصة لمعرفة التحديات التي تواجهها اللغة العربية عن كثب.

وناقشت جلسة أخرى، نتائج تقرير دراسة حالة مناهج تعليم اللغة العربية من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، أدارتها الدكتورة ميساء راشد غدير، كاتبة ومتخصصة في تحليل الخطاب، بمشاركة الدكتور خليل الشيخ، مدير إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في مركز أبوظبي للغة العربية، والدكتورة هنادا طه، أستاذ كرسي اللغة العربية في جامعة زايد، والدكتور محمود البطل، أستاذ في دائرة اللغة العربية ولغات الشرق الأدنى في الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث تتطرقوا إلى الأبعاد الإيجابية والتحديات لتدريس اللغة العربية في المدارس في المراحل التي تناولها التقرير.

وأكد الدكتور خليل الشيخ على أن القراءة نافذة لتعلم اللغة لكن المدرسة في نظامها الحالي لم توفق في جعل القراءة عادة يهتم بها الطلاب خارج المنهاج، مشيراً إلى ضرورة مراجعة أسباب ضعف معجم الطلاب اللغوي في اللغة العربية مقابل اللغات الأخرى، وإيجاد طرق لدعمه وتطويره، مشيراً إلى أن المسؤولية مشتركة بين النظام المدرسي والنظام الأسري، مؤكداً أن الأخير يأتي في المقام الأول، كما نوّه الشيخ بضرورة جعل العربية لغة حياة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليست مجرد مناهج ونصوص تجعل الطلاب يغردون خارج السرب.

تعزيز اللغة العربية

وعلقت الدكتورة هنادا طه على مسألة عدم تدريس اللغة العربية في رياض الأطفال، قائلة يجب الاهتمام بشكل أكبر بتعزيز اللغة العربية في نفوس الأجيال الجديدة، وإيجاد لغة أم للطفل، ولا يمكننا أن ننكر وجود قلّة وعي بهذه المسألة، وإذا أردنا فعلاً أن نسهم في ازدهار اللغة العربية، وأن تكون منطلقاً أساسياً في حياة الأطفال اليومية علينا أن نربطهم بلغتهم بشكل أكبر ومنذ النشأة الأولى، وأن ننظر إلى مرحلة رياض الأطفال بصفتها الأهم في حياة الطفل، وهي التي يتم فيها تدريس اللغة الإنجليزية كلغة أولى، وأن نضع اللغة العربية ونصوصها في سياق يجعلها اللغة التي تشكل هوية الطفل.

وأشار الدكتور محمود البطل إلى وجود إشكالية في المناهج التي تقدم محتوى بعيداً عن الطالب، لافتاً إلى أن التحدي الأكبر في رأيه يتمثل في العنصر البشري، وهم المعلمون، موضحاً أننا نعاني من نقص في خبرات المعلمين وقدرتهم على تطويع المادة بما يلائم احتياجات الطلاب، فضلاً عن أن الأهل أنفسهم يعانون من مشكلة حقيقية في مساعدة أبنائهم على تطوير قدراتهم في اللغة العربية، وهي ليست مشكلة مقتصرة على بلد معين بل هي مشكلة نعانيها في جميع أنحاء العالم العربي.

الذكاء الاصطناعي

ناقشت جلسة بعنوان «مستقبل اللغة العربية»، العلاقة بين اللغة والتكنولوجيات المتطورة والذكاء الاصطناعي، وكيف تسخّر التقنيات أدواتها لخدمة تعزيز حضور مكانة لغة الضاد، أدارتها أسماء صديق المطوع، مؤسسة ومديرة صالون الملتقى الأدبي، بمشاركة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية بالإنابة، والدكتور نزار حبش، أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة نيويورك أبوظبي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ubyjuth9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"