عادي
فيلم بوليسي تقليدي بلا تقنيات عالية

«المحقق نايت: الخلاص».. لا يقدم ولا يؤخر

22:45 مساء
قراءة 5 دقائق
بروس ويليس مازال يتمتع بحيويته

مارلين سلوم

يحب نجوم هوليوود التمسك بالشخصية الناجحة التي تحقق لهم شهرة واسعة، ويستفيد صناع الأفلام والمنتجون من هذا النجاح لتحويل الفيلم إلى سلسلة أفلام من نفس النوعية وبقيادة نفس البطل حتى وإن تغير المخرج أو تمت الاستعانة بكتّاب جدد للمشاركة في التأليف.. الأمثلة كثيرة، نأخذ منها النجم بروس ويليس الذي عرف بداية شهرته الواسعة بشخصية الضابط جون ماكلاين في فيلم «داي هارد» 1988، ومازالت الحكايات تفبرك من أجل عودة ماكلاين إلى الشاشة بين الحين والآخر، وآخر أفلامه كانت في 2013، وفي نفس الإطار وُجدت شخصية بوليسية أخرى تليق ببروس ويليس «المحقق جيمس نايت» ليؤديها في ثلاثية من التشويق والإثارة، أولها كان «المحقق نايت: روج» وعرض في أكتوبر الماضي، تلاه مباشرة الفيلم الثاني «المحقق نايت: ريدامبشن»، والذي يعرض حالياً في الصالات ونتوقف عنده اليوم.

لا يمكن مقارنة حيوية ونشاط وحركة بروس ويليس في زمن «داي هارد» بأدائه في «المحقق نايت»، نتحدث عن نوعية واحدة هي أكشن وتشويق وقتال كغالبية أفلام ويليس والتي منحه الجمهور صك اعتراف بقدراته وتَوَّجَهُ نجماً قوياً لهذه النوعية من الأفلام، لكن عامل التقدم بالعمر يلعب دوراً، بينما من جهة ثانية يترك نضج وثقة ويليس بنفسه بصمة إيجابية. لا مبرر لولادة سلسلة «المحقق نايت» إخراج إدوارد دريك الذي شارك في التأليف مع كوري لارج، فهي لا تقدم جديداً أو تسد فراغاً تعانيه السينما العالمية، ولا خروج على المألوف أو إبهار يدهش الجمهور، بل تشعر بأنها مصنوعة لمجرد الحضور على الشاشة بعمل لا يقدم ولا يؤخر، لا هو جيد ولا سيئ بمعنى أنه دون الوسط في التقييم لكنه لا يزعجك إن شاهدته ولا ينتمي إلى الأفلام المشوّهة السلبية.

في الجزء الأول من الثلاثية، رأينا المحقق جيمس نايت (بروس ويليس) يخوض معركة (كالعادة) تكون نتيجتها إصابة شريكه المحقق فيتزجيرالد (لوكلين مونرو) بينما يقتل اثنين من المتهمين؛ لذلك تنطلق أحداث «المحقق نايت: ريدامبشن» أي الخلاص، من وجود نايت في السجن في نيويورك، ومعه ميرسر (كوري لارج) وكايسي رودز (بو ميركوف) المدمن الذي تسبب بإصابة فيتزجيرالد فأصبح مقعداً، والأب كونلان (بول جوهانسون) الذي يتنقل بين السجناء واعظاً لهم عن كيفية العثور على الحرية إذا ما نظروا إلى ذواتهم وقلوبهم. بينما في الخارج أجواء الكريسماس في المدينة يستغلها مجموعة من المسلحين يلقبون أنفسهم بمجموعة «قديسي الكريسماس» بقيادة شخص مجنون يُدعى «مفجر الكريسماس» (يرتدي قناع بابا نويل الدموي) يقوم بالهجوم على المصارف في جميع أنحاء نيويورك، مدعياً تحرير الناس من عبودية المال، فيسرق المصارف ويقتل كل من فيها ويفجر المكان. كابتن الشرطة آنا شيا (ميراندا إدواردز) مصممة على الوصول إلى العصابة قبل أن يسوء الوضع أكثر، لكنها تفاجأ بهروب السجناء بمساعدة «مفجر الكريسماس»، ومن ضمنهم ميرسر وكايسي، في حين يبقى المحقق نايت وحده في السجن رافضاً الهروب.

كابتن آنا تكره التعامل مع المحقق نايت، لكنها لا تجد سبيلاً للوصول إلى هذه العصابة سوى اللجوء إليه خصوصاً أنه أثبت أنه شرطي ملتزم يحترم القانون برفضه الهروب، ولأنه رأى وجه رئيس العصابة بلا قناع، ما يجعله شاهداً قوياً وشرطياً يمكن تكليفه بمساعدة الأجهزة الأمنية وال «أف بي أي» لمنع المزيد من الجرائم وإلقاء القبض على المجرمين. يجد ميرسر وكايسي نفسيهما متورطين مع العصابة، وعليهما إطاعة زعيمها الذي لن نكشف هويته كي لا نحرق الأحداث، علماً أننا شاهدنا هذا الثنائي في الفيلم الأول في مطاردات حامية كاد أن يقتل فيها ميرسر؛ بل كان من المفترض أن يكون متوفًّى، لكن يبدو أن المؤلف كوري لارج تمسك بوجوده كممثل في الثلاثية وأعاد الشخصية إلى الحياة في هذا الفيلم.

تبرير الانحراف

دائماً يجد صناع الأفلام الأمريكية ما يبرر انحراف المجرمين واختيارهم الشر والقتل وكأنه وسيلة للانتقام من أحد ما أو من المجتمع، وهنا يبرر المؤلفان لارج ودريك كل الجرائم التي يقوم بها زعيم هذه العصابة الغريبة بأنه كان جندياً شارك في الحرب وصار ناقماً على الدولة، صارخاً «لقد قتلوا ابني بحروبهم المزيفة»؛ يلمح المؤلفان إلى الحروب التي تفبركها أمريكا وتفتعلها في دول عدة ويشارك فيها الجنود ضمن قواتها التي ترسلها إلى الخارج، ويدفعون الثمن إما بأرواحهم وإما باستقرارهم العائلي.. لكن ربط الوضع السياسي والحروب ومقتل ابن الجندي السابق بما يفعله اليوم من سرقة مصارف وقتل الأبرياء، غير منطقي ولا يمكنه أن يدفع الجمهور إلى التعاطف مع المجرم لا من قريب ولا من بعيد أو حتى مساندته في مبرره لاختيار القتل والشر! علماً أن هذه الشخصية والتي يؤديها بول جوهانسون تحتل المساحة الأكبر في الفيلم، ويكاد يكون وجوده متواصلاً في غالبية المشاهد أكثر من ظهور ووجود بروس ويليس نفسه، فالمحقق نايت يبدو في الخلفية معظم الوقت، وكلامه قليل جداً، لكنه كالعادة يملك الكلمة النهائية ولا بد أن يغير مجرى الأحداث ويضع النقاط على الحروف و«ينقذ» الناس من الأشرار.

أكثر تهوراً

أداء بروس ويليس رزين كما عهدناه، قليل الكلام كثير الحركة، ينصت ويفكر ثم يتصرف، وإن كانت هذه السلسلة جعلته أكثر تهوراً وميلاً إلى القتل من التروي، إذ يجد المحقق نايت أن قتل المجرم ليس جريمة، بل هو إنقاذ للبشرية منه ومن شره، بينما ترى الكابتن آنا أن القتل هو قتل، والمفروض أن يسلم نايت المتهمين إلى الشرطة كي تتم محاكمتهم وتأخذ العدالة مجراها.

ساعة و33 دقيقة يطغى فيها الكلام على الحركة والأكشن والمطاردات، حتى عمليات السطو والجرائم التي يرتكبها المجرمون يثرثرون فيها أكثر من اللازم، وهو عيب واضح يضعف الأكشن ويقلل من وهج التشويق في الفيلم، علماً أن النصف الثاني من الفيلم هو الأكثر تشويقاً والأكثر اعتماداً على حضور البطل ويليس. ميزانية الفيلم تبدو متواضعة، لا تقنيات عالية مستخدمة بل هو عمل بوليسي تقليدي، يشبه مئات الأفلام المصنوعة منذ سنوات.

يقال إن ثلاثية «المحقق نايت» تم تصويرها في وقت واحد، لذلك تم إصدار الجزأين الأول والثاني في خلال أسابيع متقاربة، ولعلها نقطة إيجابية سمحت لبروس ويليس تصوير أفلامه دفعة واحدة قبل أن تعلن عائلته إصابته بمرض «أفيزيا» والذي يعجز المريض به عن التواصل مع الآخرين، وتؤثر في قدرته على التحدث والكتابة وحتى فهم اللغة شفهياً وكتابياً، أصيب به فجأة، ويقول الأطباء إنها قد تكون ناتجة عن تلف في الدماغ نتيجة لسكتة دماغية أو إصابة في الرأس أو بسبب ورم «بطيء النمو في الدماغ» أو بسبب الزهايمر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc8p5sfr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"