ترامب يخسر الرهان

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

لم يكن قرار لجنة التحقيق في الهجوم على الكونغرس مفاجئاً بأي حال، بل على العكس فقد كان الجميع ينتظر إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب في تلك الواقعة، وكانت القضية كلها تحديد التوقيت الذي سيخرج فيه القرار. لكن الجديد في ذلك هو لغة القرار المحتشدة بلهجة غاية في الشدة والقوة وعدائية بالكامل. وبرز ذلك بشكل واضح في التصريحات التي أعقبت تصويت اللجنة.

صوت أعضاء لجنة التحقيق التي شكلها مجلس النواب، بالإجماع على توصية بإطلاق ملاحقات جنائية ضد ترامب وعدد من مساعديه، وأيضاً على تمرير تقريرها النهائي بشأن أحداث السادس من يناير/ كانون الثاني من عام 2021، عندما اقتحم متطرفون من أنصار ترامب مقر الكونغرس خلال مراسم التصديق على فوز منافسه جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.

والاتهامات التي أوصت اللجنة بمحاكمة ترامب بموجبها تتعلق بعرقلة إجراء حكومي رسمي والتآمر على الحكومة الأمريكية والإدلاء ببيانات كاذبة، وفسرّتها اللجنة بأن ترامب ومساعديه خططوا لتقديم قوائم ناخبين مزيفين في ولايات حسمت نتيجة الانتخابات لصالح بايدن، إضافة الى تقديم المساعدة لعملية تمرد ضد الدولة. وذكر تحقيق اللجنة أن الرئيس السابق «كان مسؤولاً بشكل مباشر عن استدعاء وإثارة الحشد»، الذي اقتحم مقر الكونغرس، ولم يفعل الكثير لوقف هجوم أنصاره لساعات عدة بينما كان يشاهد أعمال العنف على شاشات التلفزيون.

وقالت النائبة الجمهورية ليز تشيني، إن ترامب «لا يتمتع بالأهلية لتولي منصب عام»، مضيفة: «لا يمكن لرجل تصرف بهذه الطريقة أن يخدم في أي منصب سلطة في أمتنا مرة أخرى». هذه عبارات قوية وجارحة وتغلق الباب أمام أي أحلام مستقبلية للعودة الى البيت الأبيض.

كانت هذه الضربة الأقوى التي لطالما عمل ترامب على تفاديها خلال معركته الثأرية من خصمه جو بايدن. فقد كان الرجل يطمح لخوض انتخابات 2024، الرئاسية وهزيمة بايدن وكافة الخصوم الآخرين بما فيهم أعداؤه داخل الحزب الجمهوري والصحافة الأمريكية «المنحازة ضده»، وقطاعات المال والأعمال وجموع المهاجرين من القارة اللاتينية وإفريقيا وآسيا وغيرها.

هذه الضربة القوية جاءت في وقت غير ملائم تماماً للرئيس السابق. فقد سبقتها نتائج الانتخابات النصفية التي شهدت تراجعاً مريعاً في شعبيته بسبب سقوط المرشحين الذين كان يدعمهم للمقاعد البرلمانية في مجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات الأمريكية.

وتزامن ذلك مع البروز القوي لحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي ينافس ترامب على بطاقة الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة، وأصبح يستقطب المزيد من دعم القيادات الكبيرة داخل الحزب على حساب ترامب الذي يتخبط وسط مسلسل من الفشل والنزاعات العبثية وملاحقات القضاء.

لقد خسر ترامب في سباقه المحموم للرئاسة، فقرار لجنة التحقيق قد شوه صورته بشكل غير مسبوق ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد، فوزير العدل قد يقرر جره الى المحاكمة. من الناحية الأخرى فقد استنفد الرجل رصيده في الولاء داخل الحزب الجمهوري، وأصبح واقفاً في العراء، في برد السياسة الأمريكية القارس والشديد القسوة.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yhjzs4y4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"