قائد الخنادق وباني الجسور

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما تُمضي سنين من عمرك في المجال الإداري، مكتسباً خبرات عملية عدة، ومهارات حياتية مهمة في التعامل مع شتى صنوف البشر، واحتكاكك مع الكثير من الزملاء القياديين في مجالات عديدة، وتبادل الخبرات والتحديات التي تقابلك في حياتك العملية، تصل إلى مرحلة تستطيع من خلالها أن ترى الكثير من القياديين وأساليبهم التي تتعلم منها الأشياء الإيجابية وتتجنب السلبية منها، مما يمكّنك من قيادة منظمتك وموظفيها على طول الطريق المرسوم صوب الأهداف العامة بالطرق السليمة.
بشكل عام، أريد أن أتحدث في هذا المقال حول كيفية تعامل بعض القادة مع موظفيهم، والفرق بين أن تكون قائداً يحفر الخنادق أو يبني الجسور.
حين تصل إلى مستوى القيادة والمسؤولية ترِدُك الأخبار من كل حدب وصوب، خصوصاً ممن أسميهم «موظفو الوسط»، الذين يحاولون استدراج الموظفين في الكلام ليعرفوا نواياهم المخبوءة تجاه الإدارة العليا، ثم التقرب إليك بتسريب تلك المعلومات. ويتعامل القادة عادة مع هذا الأمر بطرائق مختلفة. لكن مهما اختلفت أساليبهم، ففي النهاية هناك مساران: إما قائد يحفر الخنادق، وإما قائد يبني الجسور.
فأما القيادي صاحب أذني الفيل ممن يصغون السمع لكل من هبّ ودبّ، فهو القائد الذي يحفر الخنادق فيخلق العداوة بين الموظفين، ويقطع الطريق الواصل بينه وبين موظفيه الذين يفقدون ثقتهم به واحترامهم له، ويخلق في الوقت ذاته بيئة عمل سلبية وسامة، وفجوة واسعة بين جهة العمل وبين تحقيق أهدافها.
في حين أن القيادي الذي لا يشغل نفسه بالأحاديث العابرة والكلام الفارغ، وفلان قال وفلان عمل؛ لإدراكه أن ذلك أقصر طريق للفشل، فهو القائد الذي يبني جسور المودة والاحترام بينه وبين الموظفين فيُخرج أفضل ما عندهم. ويساعدهم على تخطي الصعاب، ويقف معهم، وهو من يمدّ جسور النجاح، من خلال قيادة المنظمة والموظفين على امتداد الطريق الموصل إلى تحقيق الأهداف المنشودة بحنكة إدارية وحكمة إنسانية. إنه باختصار شديد، القائد الذي يبتعد عن القيل والقال، ليصب تركيزه على دعم موظفيه وضمان نجاح منظمته.
لذلك، أخي القائد، لاتكن ممن يحفرون الخنادق ليسقطوا فيها كل من يختلف معهم وتؤمن بمنطق من ليس معي فهو ضدي، فالاختلاف وارد حتى في أفراد العائلة الواحدة، فالحكمة هي إحدى صفات القائد الناجح، الذي يستطيع أن يحتوي الجميع، ويمد جسور المحبة بين أفراد منظمته حتى يكونوا كالجسد الواحد، الذي يعمل من أجل مصلحة مشتركة، في سبيل الوصول إلى الأهداف المنشودة بنجاح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2uhpa64n

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"