تحية عربية وبعد

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين

مشاهد «تكسر» القلب على الرغم من أنه لم يسبقها حرف جر، يمكن رصدها في الأسواق والمستشفيات والأماكن العامة والمجالس وغيرها من المواقف، والتي للأسف باتت تتزايد، وهو ما يجعل قلوبنا «معتلة» عندما نرى لغتنا الأم ليست مجرد غريبة على لسان أبنائها، وإنما أيضاً مستبعدة وتخرج عن نطاق الاهتمام.
من المواقف التي قد يلاحظها أغلب الأشخاص في أي مكان عام، هو حرص بعض أولياء الأمور - ممن لا يدركون أهمية اللغة العربية - على التحدث مع الأبناء بلغة غير عربية، أو إقحام كلمات بين جملة وأخرى، بحجة أن الأبناء ملحقون في مدارس أجنبية غير ناطقة باللغة العربية، أو تعويدهم على المحادثة بطلاقة بلغات أجنبية، مواكبة لمتطلبات العصر.
ومن المواقف المبكية عندما تجد طفلاً عربياً عاجزاً لسانه عن نطق بعض المصطلحات بلغة الضاد، وسرعان ما تتغير شيفرته اللغوية لنطقها باللغة الإنجليزية، معللاً ذلك بسهولتها، واعتياده على استخدامها.
أما الترجمة اللغوية في بعض المواقع فحدث ولا حرج؛ حيث يعتمد بعض غرباء اللسان على الترجمة الإلكترونية، لتُحدث ما تُحدث من نشاز في المعنى، وتغيير مواقع الأسماء والأفعال حتى تبدو في أبشع صور التشويه.
السؤال الذي يطرح نفسه، إلى متى؟ وماذا بعد اليوم العالمي للغة العربية؟؟ هل سنتسابق في تعليم أبنائنا اللغة العربية؟ وهل سنتوقف عن دس كلمات غير عربية في حواراتنا مع غيرنا من أبناء جلدتنا؟ هل سنخجل من عدم تمكن أبنائنا من قراءة النصوص العربية دون تلعثم أو تأتأة، أم أنه سيبقى ذلك مصدر فخر وهمي للأم التي سرعان ما تبتسم وتقول: «ابني لا يجيد العربية»، هل ستختفي من برامج وسائل التواصل الحديثة الكلمات المكتوبة بلغة مطحونة لا تمت إلى العربية بصلة؟
هل بات خروج الحروف العربية من أفواه أبنائها بطريقة صحيحة خالية من الأخطاء ومن دون تلعثم، حلماً عربياً؟ والتساؤل الذي يطرح نفسه، كيف وصل البعض إلى هذه الدرجة من الاستهانة بأهمية غرس ثقافة لغتنا العربية على ألسنة وأفئدة الأبناء منذ نعومة أظفارهم؟ وكيف نضعهم على أول طريق الخروج من هذه المتاهة التي تُخرج الفرد عن هويته؟
ما تجب الإشارة إليه هو الجهود الواسعة التي تبذلها القيادة الرشيدة، حفظها الله، للمحافظة على لغتنا العربية، والتي من خلالها تتعزز هويتنا، ونحافظ عليها عبر مبادرات وبرامج ومشاريع ثقافية وغيرها، وهو ما يتطلب تكاتف الجهود بدءاً من الأسرة التي لا يمكن تجاهل دورها الرئيسي في تعزيز مكانة اللغة في نفوس الأبناء منذ الصغر؛ حيث يبقى اهتمام الوالدين باللغة البوصلة الرئيسية للأبناء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2273rvts

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"