2022.. عام أزمات ونجاحات

00:27 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

أيام ونودّع عام 2022، عام استقبلناه بأمل ولم نجنِ خلاله سوى الألم والوجع والشك، الألم من أزمات كبرى لاحقت مليارات البشر في كل مكان، بينها الأمراض والفيروسات التي قتلت الملايين وهددت حياة الكثيرين، والكوارث التي أصابتنا بالفزع ونالت من استقرارنا وألقت بظلال قاتمة على فقراء العالم وأغنيائه، والوجع من الانهيارات الاقتصادية التي رفعت أعداد الجوعى، وأشعلت ناراً في الأسعار حرقت حياة ملايين الملايين وأشعلت غضباً اجتماعياً وقلاقل سياسية، ومن ضربات الإرهاب التي حصدت آلاف الأرواح، ومن الفتنة التي قسّمت شعوباً وفرّقت قبائل، ومن الحروب التي قتلت أطفالاً وشيوخاً ونساءً وأخرجت ملايين من بيوتهم هائمين بحثاً عن أمان مفقود، والشك في مستقبل يقوم على أنقاض حاضر مهترئ مدمر.

جاءنا عام 2022، محملاً بموروث مثقل بالفيروسات وعلى رأسها كورونا الذي حدّد في فترات متقطعة خلال العامين الماضيين إقامة كل البشرية داخل البيوت، وأخلى المصانع والشوارع والمؤسسات من الحياة وعطّل عجلة الإنتاج وحوّل الإنسان إلى كائن يستهلك ولا ينتج، مهدد في حياته، خائف على مستقبله، وتوهمنا أن العام الحالي هو عام الخلاص، وفوجئنا بأنفسنا عاجزين عن الخلاص الكامل منها وقد بدأت تزورنا بشكل موسمي.

لم يكن كورونا هو الموروث الوحيد، فقد ورث العام الذي يوشك على الانتهاء من سابقيه الإرهاب بجماعاته ومسلّحيه الذين تختلف مسمياتهم من منطقة لأخرى وتتوحد أهدافهم في نشر الذعر والخوف في قلوب الآمنين. كما ورث 2022 عن سنوات وعقود سابقة خطايا الاعتداء على الكوكب التي أفرزت كوارث وفيضانات وأعاصير وزلازل وبراكين وحرارة وبرد يتجاوزان المألوف.

وبدلاً من أن يتحقق الاكتفاء الإنساني من الكوارث والإرهاب والأمراض والأزمات الاقتصادية، ويتفرغ قادة العالم للبحث عن حلول لهذه المآسي التي تنال من حاضر الإنسانية وتهدد مستقبلها، إذ ببعضهم يضيفون على الإنسانية خلال هذا العام أعباءً جديدة، ويشعلون حروباً ويختلقون صراعات، وجاءت في فبراير (شباط) الماضي الحرب الأوكرانية لتؤكد أن الكوكب أصبح قرية صغيرة إذا اشتعلت ناراً في أحد أركانه، اكتوت بها باقي الأركان. وبدلاً من أن يحاول الكبار إخماد هذه الحرب في بدايتها، إذ بهم يسعون لإطالة أمدها لتتحول من حرب بين دولتين جارتين، إلى حرب تخوضها روسيا دفاعاً عن أمنها القومي، وتخوضها أوكرانيا بالوكالة عن أمريكا والدول الغربية التي رأت فيها فرصة لترويض الدب الروسي.

لا يوجد سلاح أنتجته المصانع الأمريكية والغربية إلا وتمّ اختبار كفاءته في أوكرانيا لإطالة أمد الحرب التي تجاوزت الحدود العسكرية، إلى الطاقة والغذاء والاقتصاد والرياضة والفن ونالت آثارها من احتياجات الإنسان الأساسية في مختلف قارات الدنيا، وألقت بظلالها السيئة على لقمة العيش والأسعار ورفعت نسب التضخم في معظم دول العالم ووضعت خبراء الاقتصاد في حالة عجز عن تقديم الحلول المناسبة لهذه الأزمات، ولم تجد البنوك المركزية في أمريكا والدول المختلفة أمامها حلولاً لتخفيض التضخم سوى رفع أسعار الفائدة، أملاً في جذب رؤوس أموال تواجه الأزمات الصعبة التي تعيشها البشرية، فضلاً عن حروب العملات التي يمكن أن تهدد عرش الدولار بعد أن قررت روسيا التعامل مع الخارج بعملتها وكذلك الصين.

ورغم كل المآسي التي عاشتها البشرية هذا العام، فقد أثبت العرب خلاله أنهم على قدر التحديات وأنهم قادرون على استعادة حضارتهم المفقودة من خلال تنظيم بعض الفعاليات العالمية الناجحة، فقد ابتدأ العام ودولة الإمارات تواصل إبهارها للعالم من خلال تنظيمها الناجح لإكسبو دبي الذي جذب العالم وشغل الدنيا خلال فترة انعقاده، والتي امتدت من أول أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وحتى نهاية مارس/ آذار 2022، وقبيل انتهاء العام أطلقت الإمارات «المستكشف راشد» إلى القمر لتكون رابع دولة في العالم تصل إلى القمر بعد إنجازها في المريخ ومحطة الفضاء الدولية، وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ لتجمع العالم بحثاً عن حلول لقضية التغير المناخي والتي تعد الأزمة الأكبر التي تهدد الوجود البشري، وقبل أيام من نهايته أسدل الستار على بطولة كأس العالم في الدوحة التي نجحت خلالها دولة قطر في تنظيم بطولة استثنائية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nn5jh9ax

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"