عادي
سبب رئيسي لطول اليوم الدراسي

النقل المدرسي.. إجهاد بدني وذهني وإضاعة للوقت

00:02 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: آية الديب
إرهاق بدني وذهني يتعرض له الطلاب نتيجة الوقت الطويل الذي يقضونه في الحافلات المدرسية خلال رحلاتهم للانتقال إلى مدارسهم صباحاً وإلى منازلهم بعد انتهاء يومهم الدراسي، فالنقل المدرسي بات السبب الرئيسي لإطالة اليوم الدراسي للطلبة لأسباب عديدة منها المسافة بين المدرسة وسكن الطالب ومرور الحافلة بعدة مناطق سكنية، والازدحام المروري.

«الخليج» سعت في هذا التحقيق إلى رصد أسباب طول الوقت الذي يقضيه الطلاب في الحافلات المدرسية، والوقوف على الحلول المقترحة لهذه الإشكالية، بالتعاون مع تربويين وأولياء أمور، حيث أكد ذوو طلبة مدارس أن أبناءهم يقضون ما لا يقل عن ساعتين يومياً داخل الحافلة المدرسية، في رحلتي الذهاب والعودة من المدرسة، بسبب مرور الحافلة بأكثر من منطقة سكنية، وكثرة توقف الحافلات لعدد كبير من الطلاب وهو ما يسبب إجهاداً لأبنائهم ويؤثّر في قدرتهم على المذاكرة بعد عودتهم إلى منازلهم.

أشار أولياء أمور إلى أن إدارات مدارس أبنائهم أبلغتهم أن بعد سكن أبنائهم هو السبب وراء طول وقت الرحلة المدرسية، موضحين أن اختيارهم لمدارس بعيدة كان وراءه تقيدهم برسوم مدرسية وفق إمكاناتهم، أو اختيارهم لمناهج معينة أبرز وأفضل مدارسها تبعد عن مقر سكنهم، بينما لجأ أولياء أمور إلى إيصال الأبناء بأنفسهم، أو الاتفاق مع أولياء أمور طلاب آخرين ليقوم أحد الأشخاص بنقل أبنائهم بمركبته الخاصة على الرغم من أنها وسيلة غير آمنة لنقل الأبناء.

1
يوسف الحمادي

عوامل كثيرة

وفي المقابل أكد مديرو مدارس ومسؤولون عن النقل المدرسي بأبوظبي أن هناك الكثير من العوامل التي تتسبب في قضاء الطلاب فترة طويلة في الحافلات في مقدمتها الزحام المروري، وأن اقتراحات البعض بزيادة عدد الحافلات وجعل الحافلة تقل من 10 إلى 15 طالباً سيزيد الوضع سوءاً باعتبار أنه سيزيد من الزحام المروري في أوقات الذروة، فضلاً عن أنه سيرهق الميزانيات المحددة للمدارس باعتبار أن تكلفة النقل المدرسي لكل مدرسة تكون محددة بمبلغ معين.

وأكدوا أنهم تلقوا توجيهات بأن الحد الأقصى للمدة التي يقضيها الطالب في الحافلة المدرسية هو ساعة واحدة، حيث يتم احتساب مدة الساعة من انطلاق الحافلة من أمام المدرسة وحتى إيصال آخر طالب في الحافلة، ووضع المدارس خططاً محكمة ودقيقة لرحلات الحافلات تضم الطلاب الذين يقطنون في مربع سكني يساهم في تقليل وقت الطلاب بالحافلات.

وأشاروا إلى أن اختيار ولي الأمر لمدرسة قريبة من محل سكنه ليس حلاً مناسباً في جميع الحالات؛ ففي الكثير من الحالات ولي الأمر يختار مدرسة بعيدة لأسباب مختلفة كتقديمها منهجاً دراسياً معيناً، أو لرسومها المناسبة لإمكانياته المادية، مؤكدين أن عدد الطلبة في الحافلة الواحدة يجب أن لا يزيد على 30 طالباً بغض النظر عن الطاقة الاستيعابية للحافلة، حتى يتمكن السائق من إيصالهم في أقل وقت ممكن.

1
زياد ياسين

رسوم منخفضة

البداية كانت مع أولياء الأمور الذين تحدثوا عن هذه القضية حيث قال أحمد سمير: «تدرس ابنتي في الصف الثالث في إحدى المدارس الخاصة ولظروف مادية خاصة سجلتها في مدرسة تبعد عن محل سكني بشكل كبير نظراً لانخفاض رسومها الدراسية، إلا أنني وبعد اشتراكي في خدمة النقل المدرسي فيها وجدت أن ابنتي تقضي ساعتين وربما أكثر في انتقالها من وإلى المدرسة والمنزل يومياً».

وأضاف: «ابنتي هي أول من يستقل الحافلة مبكراً، وبعد انتهاء اليوم الدراسي فهي آخر من تقوم الحافلة بتوصيلها، ومن المؤسف أن زوجتي لاحظت تأثير ذلك عليها، حيث تعود للمنزل مرهقة متعبة راغبة في النوم وغير قادرة على المذاكرة وأداء واجباتها المدرسية، وآمل في أن تقوم الجهات المعنية بدراسة هذا الأمر ووضع حلول له».

1
عدنان عباس

مناهج معينة

وقالت نهي أحمد، نظراً لظروف عائلية اخترت لطفلتي منهجاً معيناً لتدرسه، وبينما أتمت ابنتي عمر 4 سنوات وخلال البحث عن مدرسة مناسبة لم نجد مدرسة تقدم المنهج الذي قمنا باختياره سوى مدرسة واحدة داخل مدينة أبوظبي، وباستمرار البحث وجدنا مدرسة أخرى مناسبة ولكنها تبعد عن محل سكننا بحوالي 35 دقيقة.

وأضافت: «المدرسة الأخرى ذات تقييم جيد ورسومها مناسبة وتم الاشتراك لطفلتي فيها وفي خدمة الحفلات المدرسية إلا أن التعب كان ملازماً لطفلتي وفي بعض الأحيان كانت تنام في الحافلة في رحلة عودتها للمنزل، وفي العام التالي تحمل زوجي عبء إيصالها مبكراً إلى المدرسة ومن ثم التوجه لعمله وفي منتصف دوامه يأخذ إذناً لمدة ساعة يومياً حتى ينقل ابنتي بسيارته من المدرسة إلى المنزل ومن ثم يعود لعمله».

ومن جانبها قالت سلوى مصطفى: «إدارة مدرسة ابني أكدت أن المدرسة تضم عدداً قليلاً من الطلبة المقيمين خارج مدينة أبوظبي، لذلك لا يمكن تخصيص حافلة لهم ويتم ضمهم إلى طلبة آخرين مقيمين في مناطق متفرقة، ما يؤدي إلى تأخر وصولهم إلى المنازل».

وأضافت: «طالبنا المدرسة برفع رسوم الحافلات علينا في سبيل تقليل الوقت الذي يقضيه ابني في الحافلة إلا أن المدرسة اعتذرت لنا عن ذلك، ولحل الأزمة لجأت لوسيلة أخرى على الرغم من أنها غير آمنة وهي الاتفاق مع أحد الأشخاص على نقل ابني وطلاب آخرين بسيارته الخاصة في مقابل مبلغ يتقاضاه شهرياً».

1
عائدة نمر سعادة

الطاقة الاستيعابية

وقال يوسف الحمادي، مدير إحدى مدارس أبوظبي: «كل حافلة مدرسية تغطي مساحة جغرافية محددة والزمن الذي يقضيه الطالب في الحافلة يتوقف على مدى قرب منزله من المدرسة؛ فرحلة أحد الطلاب في الحافلة قد تستغرق 10 دقائق في الوقت الذي تستغرق فيه رحلة طالب آخر ساعة».

وأضاف: «هناك الكثير من العوامل التي تتسبب في قضاء الأبناء فترة طويلة في الحافلات في مقدمتها الزحام المروري فترة الصباح لدى إقبال الطلاب على المدارس وفي نهاية اليوم الدراسي حيث نسميها فترات الذروة».

وأكد أن السبب في طول رحلة الطلاب في الحافلات ليس اكتمال أعداد الطلاب في الحافلة قائلاً: «الحافلات المدرسية لا تتحرك بكامل طاقتها الاستيعابية فالكثير من الحافلات تتسع إلى 50 طالباً وحينما تتحرك يستقلها قرابة 25 طالباً فقط، وبشكل عام الطالبات أكثر استخداماً لخدمات الحافلات المدرسية مقارنة بالطلاب الذكور».

وتابع: «اختيار ولي الأمر لمدرسة قريبة من محل سكنه ليس حلاً مناسباً في جميع الحالات؛ ففي الكثير من الحالات ولي الأمر يختار مدرسة بعيدة لأسباب مختلفة كتقديمها منهجاً دراسياً معيناً، أو لرسومها المدرسية المناسبة لإمكانياته المادية.

ساعة واحدة

وقالت عائدة نمر سعادة، مديرة مدرسة خاصة بأبوظبي:«بدءاً من العام الدراسي الجاري تلقينا توجيهات بأن الحد الأقصى للمدة التي يقضيها الطالب في الحافلة المدرسية هو ساعة واحدة، حيث يتم احتساب مدة الساعة من انطلاق الحافلة من أمام المدرسة وحتى إيصال آخر طالب في الحافلة، ولتحقيق ذلك قمنا بتوفير حافلات إضافية وفي بعض الأحيان بعض الحافلات تنطلق بعدد قليل جداً من الطلاب لكيلا تزيد مدة إيصال آخر طالب في الحافلة على ساعة».

وأضافت:«بالتوازي مع ذلك ينتهي دوام طلاب الحلقة الأولى والثانية في أوقات مختلفة تفصلها قرابة 45 دقيقة، وحتى تضم الحافلات التي ستنطلق من المدرسة طلاب المرحلتين نضطر إلى منح طلاب الحلقة الأولى ولاسيما من الصف الأول حتى الرابع حصصاً إضافية، ليكون موعد انتهاء اليوم الدراسي موحد لطلاب المدرسة».

خطط للنقل

وقال عدنان عباس، مدير مدرسة خاصة بأبوظبي:«توفير خدمة النقل المدرسي للطلاب هو حاجة ضرورية وليس رفاهية، فمن حق كل طالب الانتقال من وإلى المدرسة بصورة آمنة، وبشكل عام يقوم المعنيون في المدرسة بحصر الطلاب ووضع خطط لنقل الطلاب حسب مواقعهم السكنية».

وأضاف:«في حال اختيار ولي الأمر لمدرسة تبعد بصورة كبيرة عن محل سكنه فهو يضيع وقت ابنه في الحافلات ويرهق ميزانيات المدارس، وفي حال اختار ولي الأمر مدرسة تبعد كثيراً عن محل سكنه فمن الأفضل أن يأمن للطالب نقل خاص به أو يقوم ولي الأمر بإيصال الطالب بنفسه».

وتابع:«تكلفة النقل المدرسي لكل مدرسة تكون محددة بمبلغ معين، وبالتالي استقبال طلاب يبعدون كثيراً عن المدرسة يؤثر في ميزانية المدرسة».

وقت مضاعف

وقال زياد ياسين، ضابط الصحة والسلامة والمهنية والمسؤول عن تنظيم النقل بالحافلات المدرسية في إحدى مدارس أبوظبي:«يقضي الطلاب أوقاتاً طويلة في الحافلات نتيجة الزحام المروري، فالزحام المروري يضاعف الوقت الذي يقضيه الطالب في الحافلة فإذا كانت الرحلة تستغرق من موقع المدرسة إلى منزله 15 دقيقة في أغلب الأحيان تتجاوز رحلة الطالب 30 دقيقة بسبب الزحام».

وأضاف:«بشكل عام يجب أن لا يزيد عدد الطلبة في الحافلة الواحدة عن 30 طالباً بغض النظر عن الطاقة الاستيعابية للحافلة، حتى يتمكن السائق من إيصالهم في أقل وقت ممكن»، لافتاً إلى أن اقتراحات البعض بزيادة عدد الحافلات وجعل الحافلة تقل 10 أو 15 طالباً بحد أقصى سيزيد الوضع سوءاً باعتبار أنه سيزيد من الزحام المروري في أوقات الذروة.

تقليص الفترة الزمنية لنقل الطلبة

كشف وزير التربية والتعليم، الدكتور أحمد عبد الله بالهول الفلاسي، أن الوزارة تتابع إمكانية تقليص الفترة الزمنية لنقل الطلبة بالحافلات المدرسية مع الجهات المختصة، مؤكداً أن اليوم الدراسي في الإمارات، يعتبر أقل من المعدل العالمي لساعات الدراسة حيث يبلغ 5.4 ساعة يومياً، بإجمالي 1015 ساعة دراسية سنوياً، وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 1246 ساعة دراسية سنوياً.

جاء ذلك رداً على سؤال برلماني مقدم من عبيد خلفان السلامي عضو المجلس الوطني الاتحادي بشأن طول ساعات اليوم الدراسي وتأثير ذلك في الطالب صحياً واجتماعياً وأكاديمياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n96syzu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"