إلهام للعالم

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

لا حدث أهم من استهلالنا الخمسين القادمة باتجاه مئوية الامارات لاستكمال مسيرة نهضة حضارية هائلة تتحدى نجاحات الخمسين الماضية وتنمو تحت ظلال روح المغامرة والابداع بصفتها سمات ثقافة مجتمع متلاحم يسعى كل فرد فيه للمشاركة في البناء والمساهمة في النهضة.
هذه المرحلة التي تنطلق الامارات تجاهها بخطوات واثقة ترتكز على مبادئ واضحة ونهج تأسس على فكر يعول على الفعل والإنجاز ولا يكثر من الكلام ولا يغرق في الأحلام.
فمن مجتمع بسيط متعاطف احتمل أهله أكثر الظروف صعوبة وشقاء، إلى مجتمع أكثر بساطة وتلاحماً، يعتز الاماراتي بوطنه أكثر من ثرواته، ويحتفي بأمجاده أكثر من عمائره، ويرتقي إلى حياة أكثر وعياً بمعنى الترابط والتعاطف بين من حوله ومع الآخرين، ويرفع التسامح قيمة لا شعاراً ويقدر التعايش واقعاً لا أفكاراً وينبذ الفرقة التي لا تحرر العقول بقدر ما تسلبها معنى الحرية.
ومن مشروع إلى آخر ينطلق النجاح من الأرض ويتصل بالفضاء فتتوالى الأحداث بحيث يصعب رفع أحدها إلى ذروة قائمة الحدث الأكثر أهمية وحضوراً ليبقى الاتحاد الذي ترتكز عليه في مسيرتها الحدث المتجدد الذي لا يكف عن إبهار الآخرين، والمهد الذي يدفعهم للمضي في استراتيجية بناء إنساني وعمراني يستثيران مخيلة العالم ويدهشاه بنتائج خلاقة تثير حماس الآخرين للسير على خطاها.
لقد خرج العالم للتو من أزمة كونية أصابت الأرض ومن عليها بلوثة ذعر، ولفت العالم بوشاح السواد القاتم، وجرته إلى منطقة معتمة كادت أن تهوي به، فبرزت أثناء ذلك المواقف التي غيرت الحقائق وكشفت عما تخفيه العقول وأبانت المعنى الحقيقي للنهضة الفكرية والعلمية في الامارات.
ولا يخفى على أحد موقف الامارات أثناء أزمة الوباء وتمسكها بالحكمة والتركيز على التلاحم والتعاضد لإعادة الأمل الذي كاد غيرها يفقده تماماً، فأشعلت نور التفاؤل وأضاءت نهاية النفق الذي كاد أن ينشر الظلام.
ولم تكشف الوقفة المذهلة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأصحاب السمو حكام الامارات عن أصالة معدن رجالها فقط، بل وألهمت العالم معنى القيادة في أشد الظروف قسوة وأكثرها قدرة على زرع اليأس محل الأمل.
ناهيك عن القرارات الحكيمة بإقامة الفعاليات الجماهيرية بعد ملاءمتها مع الظروف وتجهيزها لاستقبال الجماهير حرصاً على سلامتهم، بحيث كان الخروج من 2021 إلى 2022 انتقالاً أكثر سهولة مما هو متوقع مكللاً بنجاحات ثقافية تمثلت في استمرارية حضور أكبر معرضين دوليين للكتاب في أبوظبي والشارقة وغيرهما من الفعاليات المهمة.
ولا يمكن نسيان حدث بداية وختام إكسبو 2020 وخروجنا فائزين في أول نسخة عربية من هذا المعرض العالمي، أقل ما يمكن القول عنه إنه النسخة الأكثر إلهاماً بما أحضرته من إثارة علمية وما كشفت عنه من ابتكارات مستقبلية بذرت في عقول الكبار والصغار أفكاراً ملهمة باتت اليوم دروساً تحتذى ونهجاً يسير عليه الطامحون للنجاح.
ولا شك في أن واحداً من الأحداث اللافتة والعظيمة، هو حجم الاهتمام الذي توليه الإمارات للغة العربية، ليس فقط بصفتها هوية وطن، بل كونها تاريخاً وإرثاً مجيداً تعتز وتفتخر بانتمائها اليه وارتباطه بمستقبل العرب جميعاً والمعنى الأعمق للتلاحم الانساني في أبهى صوره.
ومن تحدي القراءة الذي لا يختتم دورة إلا بمفاجأة الإعلان عن تضاعف أعداد المشاركين فيه إلى قمة اللغة العربية التي تحلق بالإنسان العربي في فضاءات الحرية وعوالم لا تحدها حدود، إلى إصدار سبعة عشر جزءاً من المعجم التاريخي للغة العربية، لا يتوقف تدفق الأحداث ولا تتراجع الامارات عن تصدرها وجهة المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxkssk6

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"