عادي

الأزمات المناخية والنووية تثير مخاوف من قرب نهاية العالم

22:35 مساء
قراءة 4 دقائق

واشنطن - أ ف ب

على مدى آلاف السنوات، تنبّأ كثيرون بنهاية العالم. لكن في ظل المخاطر الناجمة عن حرب نووية والتغير المناخي، هل بات الكوكب بحاجة للبدء على الأقل بالتفكير في السيناريو الأكثر سوداوية؟ في مطلع 2022 لم يتوقّع كثر أن يتطرّق الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال العام إلى خطر نهاية العالم، على خلفية تهديدات نووية شهدتها حرب أوكرانيا.

ففي أكتوبر/تشرين الأول قال بايدن: «لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ عهد كينيدي، وأزمة الصواريخ الكوبية» في العام 1962. وفي العام الذي بلغ فيه عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن كوكب الأرض يسلك «الطريق السريع إلى جحيم مناخي».

وفي ظواهر قصوى نُسبت على نطاق واسع إلى التغيّر المناخي، غمرت مياه الفيضانات ثلث أراضي باكستان، وقضى الجفاف على المحاصيل في منطقة القرن الإفريقي، وسط إخفاق عالمي في تحقيق هدف حصر الاحترار ب1.5 درجة مئوية، مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.

* أكبر خطر لاندلاع حرب نووية

وفي تقرير سنوي، حذّرت مؤسسة التحديات العالمية، وهي مجموعة سويدية تجري تقييماً للمخاطر الكارثية، من أن خطر استخدام أسلحة نووية هو الأكبر منذ العام 1945، حين دمّرت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الضربتين الذريتين الوحيدتين في التاريخ.

وحذرت المؤسسة في تقريرها، من أن حرباً نووية شاملة، وإضافة إلى ما سينجم عنها من خسائر بشرية، من شأنها أن تطلق سحب غبار تحجب الشمس، وتقلّص القدرة على الزراعة، وتؤدي إلى «فترة من الفوضى والعنف، غالبية الناجين سيموتون من الجوع خلالها».

وقالت المحاضِرة في جامعة شيكاغو كينيت بينيدكت التي قادت فريق معدي القسم النووي للتقرير، إن المخاطر أكبر مما كانت عليه أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، إذ يبدو مستشارو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقل قدرة على لجمه.

في حين أن أي ضربة نووية روسية تشمل على الأرجح أسلحة «تكتيكية» صغيرة، يخشى خبراء تصعيداً سريعاً، إذا ردت الولايات المتحدة.

وشدّدت بينيدكت وهي كبيرة مستشاري «مجلة علماء الذرة» من أن الأمور ستسلك «في هذه الحال منحى مختلفاً تماماً».

وستنشر المجلة الشهر المقبل، أحدث تقييم لها ل«ساعة نهاية العالم» المضبوطة منذ العام 2021 عند مئة ثانية قبل منتصف الليل (منتصف الليل في هذه الساعة يرمز إلى نهاية العالم، فيما ترمز الثواني المئة إلى خطر اقتراب نهاية العالم).

وفي خضم التركيز على أوكرانيا، تعتقد الاستخبارات الأمريكية أن كوريا الشمالية مستعدة لإجراء تجربة نووية سابعة، وسبق أن أعلن بايدن فعلياً تلاشي احتمالات الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، وسط توترات بين الهند وباكستان لا تزال قائمة.

ووجّهت بينيدكت انتقاداً لمراجعة إدارة بايدن موقفها في الملف النووي، واحتفاظها بالحق في استخدام الأسلحة النووية في «ظروف قصوى». وقالت: «أعتقد أن هناك نوعاً من التآكل المطّرد في القدرة على إدارة الأسلحة النووية».

* أسوأ مخاطر المناخ

وقبيل محادثات المناخ الأخيرة، اعتبر خبراء الأمم المتحدة أن العالم يتجّه نحو احترار يراوح بين 2.1 و2.9 درجة مئوية، لكن خبراء من خارج الهيئة، يحذّرون من أن الرقم أعلى بكثير، مع تسجيل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العام 2021 رقماً قياسياً رغم الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

وحذّر خبير المخاطر الوجودية في جامعة كامبريدج، لوكي كيمب، من أن احتمال ارتفاع درجات الحرارة لا يلقى الانتباه اللازم، محمّلاً المسؤولية في ذلك إلى مبدأ الإجماع في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وتخوّف العلماء من أن يلصق بهم توصيف مثيري القلق. وشدد كيمب على وجوب إجراء تقييم أكثر تعمّقاً «لكيفية تعاقب المخاطر حول العالم».

ويسبب التغير المناخي آثاراً مضاعفة في الأغذية، مع تراجع محاصيل القمح والحبوب في مناطق عدة، ما يزيد من مخاطر المجاعة، وبالتالي الاضطرابات السياسية والنزاعات. وشدّد كيمب على وجوب عدم الاستقراء من عام واحد أو حدث أوحد. لكن دراسة شارك في إعدادها حذّرت من أن ارتفاع حرارة الأرض ولو بمقدار درجتين مئويتين فقط من شأنه أن يعرّض الكوكب إلى مخاطر لم يشهد مثيلاً لها منذ العصر الجليدي.

وخلصت الدراسة التي استندت إلى فرضية تزايد الانبعاثات، والنمو السكاني بنسبة تراوح بين المتوسطة والمرتفعة، إلى أن ملياري شخص قد يعيشون بحلول العام 2070 في مناطق متوسط الحرارة فيها 29 درجة مئوية، ما يزيد الضغوط على الموارد المائية.

* حالات تدعو للتفاؤل

لكن العام لم يكن سوداوياً بالكامل. ففي حين تشهد الصين في نهاية 2022 طفرة في وفيات كوفيد-19، ساعدت اللقاحات كثيراً من دول العالم على طي صفحة الفيروس الذي تسبب بوفاة 14.9 مليون شخص.

وفي تطوّر فاجأ المراقبين، تم التوصّل في مؤتمر حول التنوّع البيولوجي ترأسته الصين، واستضافته مونتريال إلى اتفاق نص على حماية 30% من أراضي وبحار العالم. وسبق أن شهد العالم تحذيرات من حدوث السيناريو الأسوأ، من توقع توماس مالتوس في القرن ال 18 أن إنتاج الغذاء لن يواكب النمو السكاني، إلى كتاب «القنبلة السكانية» أكثر الكتب مبيعاً في الولايات المتحدة عام 1968.

وأحد أبرز المنتقدين الحاليين للتشاؤم هو الأستاذ في جامعة هارفارد ستيفن بينكر الذي يشدد على أن العنف تراجع في العصر الحديث. وأقر بايدن في كلمة وجّهها إلى الأمريكيين بمناسبة عيد الميلاد بأن الأوقات عصيبة، لكنه أشار إلى تراجع كوفيد ومعدّلات التوظيف الإيجابية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ntu6ydn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"