اهتراء الافتراء على النجوم

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

أين اختفى المفترون على النجوم؟ لم يبقَ على إطلالة العام الجديد سوى سويعات معدودات، لكن مصادرهم الخبرية، في مجرتنا وخارجها، سكتت عن الكلام المباح. لم تعد الأيام تبدي لهم ما كانوا يجهلون، ولا الكواكب التي لم يزوّدوها، تأتيهم بالأخبار. ببساطة، العلم ألقى بهم إلى أم قشعم التهميش. لو كانوا يخشون عواقب التمادي في البهتان والخداع، لتواروا عن الأنظار منذ قرن، منذ صار علم الفلك يسمّى الفيزياء الفلكية، وبالذات منذ عرف الفيزيائيون سر سطوع النجوم، وأدركوا أن الشموس إنما تشع لحدوث تفاعل نووي تحترق فيه ملايين أطنان الهيدروجين. بعبارة أخرى: ما هي مصادر أخبار المفترين، التي ترسل إليهم الأنباء عن أخص خصوصيات حياتنا على الأرض وتفاصيل أسرارنا المهنية والعاطفية وتحيط بشؤون السياسة والاقتصاد وخفايا أمور الساسة ونجوم الفنون؟
يبدو أن النجوم تعطلت لغة الكلام لديها فشحّت الأخبار والتقارير، أو هي ضنّت بها. التراجيكوميديا هي أن هؤلاء يستسهلون فداحة الاستهزاء بعقول الناس. شمس منظومتنا هي من أصغر نجوم مجرتنا وأضعفها ضراماً، ولو كانت أكبر حجماً وكتلة ووزناً لتعذر بقاؤها تسعة مليارات سنة، هي الآن في المنتصف، ولكانت استهلكت وقودها بسرعة في مدة قياسية، ولكانت الحياة على الأرض بالتالي محالاً. مع ذلك، تستهلك شمسنا في كل ثانية حوالي ستمئة مليون طن من الهيدروجين، في ثورة نووية فتقطع أشعتها 150مليون كم لتصل إلى الأرض، وتكون درجة الحرارة أحياناً خمسين درجة مئوية. تلك الأطنان المطنطنة تتحول إلى ما يعادلها تقريباً من الهيليوم. ذانك العنصران يشكلان أكثر من 98% من كتلة الشمس، الباقي نسب أقل من ضئيلة وغير جديرة بالذكر. هل يعقل أن يكون الهيدروجين والهيليوم لديهما فرصة للاهتمام بشؤون زيد وجاكلين، أو لاعب كرة قدم سيتلقى ركلة تصيب أربطة ركبته، ومطربة ستطلق ألبوماً «يكسر الدنيا». مسكينة، عليها أن تغض الطرف عن تكسير الدنيا، فلا بايدن بلغت ولا بوتين.
المفترون على النجوم العرب وزرهم أثقل، لأنهم يعلمون أن الأنبياء، وهم الأقرب إلى علّام الغيوب، لم يؤتوا علم الغيب وكشف المحجوب، فكيف تعلمه كتلة من لهب؟ الشمس تتسع لمليون كرة أرضية. أساطير الأولين هذه كان يجب أن يطوي العرب صفحتها منذ بائيّة أبي تمام، في وقعة عموريّة: «أين الرواية، بل أين النجوم وما.. صاغوهُ من زخرفٍ فيها ومن كذبِ؟».
لزوم ما يلزم: النتيجة البرهانيّة: مسبار الإمارات وصل إلى المريخ، والتقط صوراً، ولم ينبئنا بأنه لمح هنالك مكاتب إعلامية تمدّ المفترين بالأخبار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/25smeudt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"