مشكلة صرب كوسوفو

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

التوتر الذي يتصاعد في كوسوفو يتحرك فوق أرض متفجرة في منطقة البلقان، الخاصرة الأوروبية الرخوة، التي عرفت، بعد تفكك يوغسلافيا السابقة، صراعاً مريراً انتهى بتدخل حلف «الناتو» في نهاية تسعينات القرن الماضي. ومنذ ذلك التاريخ ظلت قضايا كثيرة عالقة من دون حل، وقد يكون هذا الظرف مناسباً لإثارتها مجدداً، وقد يتطور الأمر إلى نزاع مسلح.

الخشية من التصعيد، دفع تحالفاً غربياً، يضم بريطانيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا، إلى دعوة السلطات الصربية إلى تفكيك حواجز جيشها في شمال كوسوفو، وتؤكد أن قرارها لا رجعة فيه، ما يهدد بأزمة ساخنة بين بريشتينا وبلغراد. وينذر التدخل الغربي بلهجة تحذيرية بأن شيئاً ما يعتمل في تلك المنطقة، وقد يستدعي تدخلاً مضاداً من روسيا، الحليف التاريخي للصرب، وما يؤكد ذلك أن المسؤولين في موسكو لا يفتأون يذكّرون بتدخلات «الناتو»، ومنها استهداف يوغسلافيا عام 1999، قبل عام من نهاية نظام سلوبودان ميلوسيفيتش، ووفاته في زنزانته في لاهاي، حيث كان يحاكم بجرائم حرب شهدتها البوسنة وكرواتيا وكوسوفو.

ذلك التاريخ لم تطو صفحاته نهائياً، وعودة التوتر وتصاعده دليل على ذلك. فكوسوفو التي استقلت عام 2008، لا تعترف بها صربيا، رغم الضغوط والإغراءات الهائلة من الجانب الغربي على بلغراد. وبعد الخلاف على انتخابات في مناطق ذات أغلبية صربية واعتقال شرطي من العرقية ذاتها، أصبحت قوات «الناتو»، التي تحفظ السلام الهش، عرضة للمخاطر، وتعرضت لإطلاق نار في مناسبتين على الأقل، بالتوازي مع تقارير تفيد بأن أطرافاً عدة تدفع باتجاه التصعيد، وتعيد طرح الملفات والحلول السابقة، التي يقول القوميون الصرب، إنه تم تطبيقها تحت القهر الغربي بعد الهزيمة العسكرية والسياسية وتفكك الدولة اليوغسلافية.

الوضع الأوروبي لن يحتمل أزمة قد تكبر، بالتزامن مع التداعيات الكارثية للحرب في أوكرانيا. وأكبر المخاوف تتصل بأن ينعكس الدعم الغربي لكييف ردود فعل روسية انتقامية في أكثر من نقطة توتر في القارة الأوروبية. فالمسؤولون في بروكسل لا يسقطون من فرضياتهم أن تنفجر أزمات جديدة في الإقليم. ومثلما يحذرون من الوضع في مولدوفا، لا ينكرون بأن الوضع شمال كوسوفو قابل للإنفجار في أية لحظة، خصوصاً أن دول الاتحاد الأوروبي ترى في صربيا حليفاً موضوعياً لموسكو، وتحاول بشتى الطرق أن تقطع هذه العلاقة، من ذلك منع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من زيارة بلغراد، الصيف الماضي، بعد منع طائرته من التحليق في أجواء بلغاريا ومقدونيا ومونتينيغرو المجاورة لصربيا. وتعهدت موسكو بالرد على هذا الاستفزاز.

الأيام المقبلة قد تحمل بعض الإزعاج في كوسوفو، ما يجعل مهمة «الناتو» في مأزق، ويضع التحالف الغربي تحت الضغط خشية انفلات غير محسوب، في وقت لم يعد فيه إغراء صربيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مجدياً، في ضوء تقارير تؤكد أن حكام بلغراد، الذين يميلون بالفطرة إلى موسكو، بدأوا يقلبون الخيارات، ويصرحون بأنهم لا يثقون كثيراً ببروكسل ولا يصدقون وعودها المخملية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hnm589bd

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"