عادي
غلق بوابة خلفية لتحقيق أرباح سريعة

مصر تحاصر «سياحة» الآيفون والذهب

22:18 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1

إعداد: أحمد صالح
انتفض البنك المركزي المصري بعدما رصد مجموعة من الممارسات غير المشروعة، التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، محذراً من أنها تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، ومحاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة.

وقال البنك المركزي في بيان إنه يتم تتبع هذه التجاوزات ورصدها بشكل متواصل لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها.

ذكر البنك أن هذه الممارسات تتلخص في وجود زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد، على الرغم من تواجد العملاء المصدرة لصالحهم هذه البطاقات داخل البلاد، حيث بلغت ذروتها في منتصف الأسبوع الماضي، بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم بزيادة تقدر بأكثر من 5 أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق.

وأشار إلى أن ذلك ينم عن إساءة استخدام تلك البطاقات، واستدعى ذلك اتخاذ الإجراءات والضوابط التي تحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين يثبت عدم مغادرتهم البلاد، وكذا أحكام الرقابة على طلبات تدبير النقد الأجنبي لأغراض السفر للخارج.

وقال البنك إنه سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية للتحقق من قيام العميل بالسفر من عدمه، وفي حال التحقق من عدم سفر العميل أو إساءة استخدام البطاقات فسوف يتم إيقاف التعامل على البطاقة، وإبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني، وكذلك الجهات المعنية، لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة في هذا الشأن.

مخالفات عديدة

رصد البنك المركزي المصري قيام البعض بتداول السلع داخل مصر بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى رصد مخالفات في عمليات تحويل الأموال من المصريين المقيمين بالخارج، عن طريق قنوات غير مشروعة من غير المصرح لهم بالقيام بهذه التحويلات، وذلك بالمخالفة لنص المادة 212 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020.

وحذر من أن هذه المخالفة عقوبتها السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، وذلك لكل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص طبقًا لنص المادة (209) من هذا القانون.

وأضاف البنك المركزي أن البعض يقوم بتأسيس شركات ذات طبيعة خاصة خارج البلاد تقوم بالوساطة خاصة في مجالي التصدير والسياحة، وتستهدف الاحتفاظ بالنقد الأجنبي خارج البلاد والتعامل فيه خارج الإطار القانوني، فضلًا عن ذلك تقوم بعض هذه الشركات بطلب تدبير النقد الأجنبي من القطاع المصرفي المصري بالرغم من احتفاظها بحصيلة متراكمة من النقد الأجنبي في الخارج. وفي حالة ثبوت ذلك يتم اتخاذ جميع الإجراءات المقررة حيال تلك الشركات ومساهميها.

وأهاب البنك بالمواطنين المصريين ضرورة توخي الحذر وعدم الانسياق وراء أية ممارسات تستهدف تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة؛ حفاظًا على أموالهم وتفادياً للوقوع تحت طائلة القانون.

سياحة وتجارة

وفاقمت الحرب في أوكرانيا متاعب مصر الاقتصادية، وأسفر ذلك عن شح في الموارد الدولارية نجم عنه تراجع في قيمة الجنيه وصعود التضخم لأعلى مستوياته خلال 5 سنوات وزيادة أسعار المواد الخام والسلع الأساسية وسط قيود على الواردات للحفاظ على موارد العملة الأجنبية.

وعلى الرغم من خفض قيمة العملة المحلية، استمرت الفجوة بين سعرها أمام الدولار في الاتساع في السوقين الرسمية والموازية، إذ يسجل سعر الدولار نحو 24.70 جنيه في البنوك وفوق 30 جنيهاً في السوق السوداء.

وانتشرت في مصر في الفترة الأخيرة ظاهرة ما يعرف ب«سياحة الآيفون والذهب»، أي سفر الشباب والتجار إلى أسواق منطقة الخليج، وشراء أجهزة هواتف و«لاب توب» وذهب والعودة بها لبيعها في السوق المصري والاستفادة من فارق الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الدولار في مصر وثباته في الأسواق الخليجية، ووصل الأمر إلى تنظيم رحلات ظاهرها السياحة وباطنها الرجوع بالغنيمة، جهاز أو اثنين وسبيكة ذهب، فالشاب يبيع القطع التي يشتريها ويربح الفارق والتاجر يبيعها أيضاً ليخترق حالة الركود في السوق المصري أو على الأقل تعويض تكلفة الرحلة السياحية له من فارق الأسعار.

وخلال الرحلات السياحية، قد يحصل وفر يصل إلى 10 آلاف - 15 ألف جنيه (400-600 دولار) في حالة حصول المشتري على الدولارات بسعر العملة الرسمي من البنوك المصرية، ولكن ما يحدث واقعياً نتيجة الضغط على السوق المصرفي، أنه يتم شراء الدولار بسعر 33 جنيهاً من السوق السوداء بدلاً من 24.50، والدرهم ب8.50 جنيه بدلاً من 6.70 جنيه، فالعملات ليست متوفرة في البنوك ولا شركات الصرافة باستثناء حالات ضيقة تتيحها المصارف المصرية، وهنا تصبح الاستفادة من فارق سعر شراء وبيع «الآيفون» أو «اللاب توب» شبه منعدمة وبالتالي يسلك الراغبون في الشراء كل المحاولات للحصول على الدولار بشكل رسمي.

ويبلغ متوسط سعر «الآيفون 14 بروماكس» (512 جيجابايت) 5600 درهم في دول الخليج (1500 دولار) ما يعادل 37.500 جنيه مصري، لكنه يباع رسمياً في مصر ب 52 ألف جنيه (2100 دولار) ويصل إلى 60 ألف جنيه بنظام البيع بالتقسيط (2450 دولاراً). أي أن الجهاز الواحد يحقق مكسباً في حدود (600 إلى 950 دولاراً).

والغريب أن تجار المحمول أنفسهم يقرون بأنه نتيجة ركود سوق المحمول في مصر يضطرون إلى المجيء إلى الأسواق الخليجية لشراء جهازين أو ثلاثة والعبور بها من المنافذ الجمركية، خاصة أن سوق الهواتف في مصر يعاني بعد قرار وقف استيراد السلع الترفيهية مارس الماضي، ويدخل من ضمنها الهواتف، لتشجيع اللجوء إلى الصناعات والمنتجات المصرية، وبدأت بالفعل أكثر من شركة في فتح مصانع لإنتاج الهواتف في مصر منها نوكيا، وإنفينكس الصينية التي بدأت بتصنيع هواتف على خطوط إنتاج الشركة بمصنع سيكو في أسيوط في الصعيد، وشركة سامسونج التي أنشأت مصنعاً لأجهزة الحاسبات اللوحية في بني سويف باستثمارات 500 مليون جنيه، وطرحت مؤخراً الدفعة الأولى من هواتف جالاكسى A المصنعة محلياً وتحمل شعار «صنع في مصر».

كما انخفضت قيمة استيراد المحمول في مصر من ملياري دولار سنوياً إلى ما يقارب 80 مليون دولار، نتيجة قرار تحجيم الاستيراد وعدم توفر العملة الأجنبية للاستيراد.

بريق الذهب

الأمر نفسه يتكرر مع الذهب، فأسعار المعدن الأصفر اشتعلت في مصر مؤخراً ووصل سعر الجرام عيار21 (الأكثر شعبية في مصر) إلى 1700 جنيه، وقس على ذلك باقي العيارات والسبائك الذهبية من نفس عيارها، فيأتي الشخص غالباً بصحبة أحد أفراد أسرته وربما أطفاله ليشتري الذهب من السوق الإماراتي ليدخل به إلى مصر ويبيعه مستفيداً من فارق السعر في الجرام، ويرجع سبب ركود أسواق الذهب في مصر إلى اشتراط فتح اعتمادات مستندية بالدولار لإتمام عملية استيراد الذهب ومشغولاته، ورغم هذا لم يتخل المستهلكون عن اعتبار الذهب مخزناً للقيمة والادخار وليس للتزين فقط.

عامل الحسم

1

يبقى عامل الحسم في مثل هذه الممارسات.. الجمارك المصرية في موانئ الوصول ومدى سماحها بدخول الأجهزة والمشغولات والسبائك، ما بين ما تنظمه القرارات والقوانين والسلطة التقديرية وتجاوزات القادمين، هل هي سلوكيات في حدود الاستخدام الشخصي أم الاتجار والتهريب؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56nv8bth

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"