عادي
السؤال يبقى.. هل تصل «بيتكوين» إلى 250 ألف دولار؟

حصاد 2022.. شتاء العملات الرقمية يودي بأشهر المنصات

11:22 صباحا
قراءة 7 دقائق
بيتكوين
إعداد: خنساء الزبير

شهد عام 2022 بداية «شتاء عملات رقمية» جديد، حيث انهارت شركات بارزة في جميع المجالات وانهارت أسعار العملات الرقمية بشكل مذهل. وفاجأت أحداث العام العديد من المستثمرين وجعلت مهمة التنبؤ بسعر البيتكوين أكثر صعوبة.

وبدأ الأمر في مايو مع انهيار علمة «تيرا يو أس دي» وهي مستقرة كان من المفترض أن تكون مرتبطة بالدولار الأمريكي، وأدى فشلها إلى انهيار الرمز المميز «لونا» الشقيق، وضرب الشركات عالية التعرض لهذه العملة. 

وقدم صندوق «ثري أروز كابيتال» طلب إشهار الإفلاس، بسبب تعرضه لعملة «يو أس تي». 

ثم جاء انهيار «إف تي أكس» في نوفمبر، وهي إحدى أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم والتي كان يديرها سام بانكمان فرايد، وهو مسؤول تنفيذي غالباً ما كان في دائرة الضوء.


إقرأ المزيد:


علاوة على الإخفاقات الخاصة بالعملات المشفرة، كان على المستثمرين أيضاً مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى الضغط على الأصول ذات المخاطر، بما في ذلك الأسهم والعملات المشفرة.

وانخفضت عملة البيتكوين بحوالي 75% منذ أن وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند ما يقرب من 69 ألف دولار في نوفمبر 2021 وتم محو أكثر من تريليوني دولار من قيمة سوق العملات المشفرة بالكامل. وحالياً يتم تداول البيتكوين عند 17 ألف دولار.

  • اهتمامات المستثمرين 

ولكن بعد انخفاض تقييمات شركات العملات المشفرة وتضاؤل اهتمام المستثمرين تجاهها عقب انهيار بورصة «إف تي إكس»، يخطط بنك «غولدمان ساكس» لاغتنام الفرصة وإنفاق عشرات الملايين من الدولارات لشراء إحدى الشركات أو الاستثمار فيها.

ويقول ماثيو ماكديرموت، رئيس الأصول الرقمية في البنك، إن انهيار «إف تي إكس» زاد من الحاجة إلى المستثمرين الجديرين بالثقة والمنظمين، وترى البنوك الكبرى فرصة الآن يجب اغتنامها. و««غولدمان ساكس» يتحقق من عدد من شركات العملات المشفرة، دون الخوض في التفاصيل».

ويضيف ماكديرموت: «هنالك بعض الفرص المثيرة للاهتمام حقاً وبأسعار منطقية أكثر».

وأصبحت الأسعار منطقية لهذه الدرجة بعد أن تقدمت «إف تي إكس» في نوفمبر بطلب الحماية بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس في الولايات المتحدة عقب انهيارها الهائل، مما أثار مخاوف انتشار العدوى بمجال العملات المشفرة وزاد من المناداة بتشديد تنظيم القطاع. وفي حين أن المبلغ الذي يحتمل أن يستثمره «غولدمان ساكس» ليس كبيراً بالنسبة له، كعملاق وول ستريت الذي كسب 21.6 مليار دولار العام الماضي، فإن استعداده لمواصلة الاستثمار وسط ما يشهده القطاع يظهر أنه يستشعر فرصة طويلة الأمد. 

  • هل انتهى كل شيء؟ 

ولا يزال الإيمان كبيراً وراسخاً بأن العملات الرقمية وجدت لتبقى، ويتوقع المستثمر الأمريكي تيم دريبر، أن تصل عملة البيتكوين إلى 250 ألف دولار للعملة الواحدة بحلول منتصف عام 2023، حتى بعد عام صعب على العملة المشفرة التي تميزت بخسائر في القطاع وانخفاض الأسعار.

وكان دريبر قد توقع سابقاً أن تصل قيمة «بيتكوين» إلى 250 ألف دولار بحلول نهاية عام 2022، ولكن في أوائل نوفمبر، قال خلال مؤتمر تقني في لشبونة إن الأمر سيستغرق حتى يونيو 2023 حتى يتحقق ذلك.

وأعاد دريبر تأكيد هذا الموقف عندما سئل عن توقعاته بشأن سعر «بيتكوين» بعد انهيار إمبراطورية FTX قائلاً: «لقد مددت توقعاتي بالنسبة لعملة بيتكوين للأشهر الستة المقبلة، ولا تزال عند 250 ألف دولار». 

وستحتاج «بيتكوين» إلى الارتفاع بما يقرب من 1400% من سعر 17 ألف دولار حتى تتحقق توقعات «دريبر». 

الصورة
بيتكوين

 

  • انهيار «إف تي إكس» 

وكان انهيار منصة «إف تي إكس» الحدث الأبرز في قطاع العملات المشفرة خلال 2022، ويواجه سام بانكمان فرايد الشخصية الأكثر شهرة في عالم العملات المشفّرة تهماً قد تودي به إلى السجن لسنوات. 

ورحّلت جزر الباهاما؛ حيث المقر الرئيسي لشركة «إف تي إكس» سام الملقب بـ«إس بي إف»؛ وذلك بعد أن تخلى عن الطعن في قرار ترحيله إثر اتهامه خصوصاً بالاحتيال والارتباط الإجرامي. 

وفي انتظار محاكمته، سام بانكمان فرايد قيد الإقامة الجبرية في منزل والديه في كاليفورنيا، والذي كان ضمانة الكفالة الضخمة التي فرضها عليه القاضي الفيدرالي في نيويورك بـ 250 مليون دولار. 

وبعد أكبر فضيحة في تاريخ العملات المشفرة، أعلن فرايد في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، أنه لا يمتلك سوى 100 ألف دولار. وقد قُدرت ثروته في ذروتها بداية العام بنحو 26 مليار دولار، وتتكون بالكامل من أسهم شركاته التي أفلست. 

ويُشتبه في أن المدعى عليه البالغ 30 عاماً، قد استخدم مع متعاونين الأموال المودعة على المنصة من مستعملي «إف تي إكس» لإجراء معاملات مالية مضاربة مع شركته الأخرى «ألميدا ريسرتش». 

إضافة إلى المعاملات عالية المخاطر عبر «ألميدا ريسرتش»، يشتبه أيضاً في أنه استثمر جزءاً من هذه الأموال في عقارات في جزر البهاما وأنه قدم تبرعات - بأموال من عملاء «إف تي إكس» أيضاً - لسياسيين ديمقراطيين من بينهم جو بايدن خلال حملته الرئاسية. و5 من التهم 8 الموجهة إليه تصل عقوبتها القصوى إلى السجن عشرين سنة. 

ومن المحتمل أن يقضي الشخص الذي كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه عبقري متحمس للعملات المشفرة بقية حياته في السجن.

  • مقربان متعاونان 

وكشف المدعي الفيدرالي في مانهاتن أن شخصيتين رئيسيتين أخريين في القضية قد اتهمتا أخيراً بالاحتيال وتكوين منظمة إجرامية. وقد أقر الأخيران بأنهما مذنبان ويتعاونان مع الحكومة، ما يمكن أن يورط سام بانكمان فرايد. 

وقال داميان وليامز إنهما كارولين إليسون الرئيسة السابقة لشركة «ألميدا ريسرتش»، وغاري وانغ الشريك المؤسس لشركة «إف تي إكس»، وهما متهمان «في ما يتعلق بدورهما في الاحتيال الذي ساهم في انهيار إف تي إكس». منذ إفلاس «إف تي إكس» في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، جادل سام بانكمان فرايد مراراً بأنه لم يعد يدير شركة «ألميدا ريسرتش» منذ عدة أشهر، متهماً بشكل غير مباشر كارولين إليسون. وقد عارضت النيابة هذا التصريح، مشددة على أن بانكمان فرايد ظل صانع القرار الرئيسي داخل «ألميدا ريسرتش» حتى تقدمت «إف تي إكس» للإفلاس. 

وتم استدعاء كارولين إليسون وغاري وانغ أمام القضاء المدني بناء على طلب المنظمين الرئيسيين للأسواق المالية الأمريكية، لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة تداول السلع الآجلة. وقد تعهدا بالتعاون مع لجنة الأوراق المالية والبورصات، واعترفا بأفعال تنسبها إليهما لجنة تداول السلع الآجلة، ما سيعود عليهما بأحكام أخفّ وطأة في القضيّتين. 

وتقدر لجنة تداول السلع الآجلة المبلغ الإجمالي للأموال التي تم اختلاسها من حسابات مستخدمي «إف تي إكس» بمبلغ 8 مليارات دولار.

الصورة
إف تي إكس

 

بول كروجمان يواصل حملته: العملات المشفرة ليس لها دعامة وانهيارها احتمال حقيقي

في مناسبات عدة، انتقد بول كروجمان، الخبير الاقتصادي الحائز جائزة نوبل، عملة «البيتكوين» والعملات المشفرة الأخرى، ووصفها بأنها عديمة الفائدة، وتأخذ قيمتها فقط من الزخم الذي يحيط بها، ومن التكهنات والتوقعات؛ ويرى بأنها مجال يمكّن المجرمين ويشكل أداة لهم، ويعقّد المعاملات، ويستغل الأشخاص الضعفاء، ويعمل كمخطط هرمي.

وظل كروجمان ينتقد هذه العملات على مدار العشرة أعوام الماضية، خاصة من خلال عموده في جريدة «نيويورك تايمز»، ومما ذكره تحت عنوان «آدم سميث يكره البيتكوين» في 13 إبريل/ نيسان عام 2013: «يعتقد الناس أن من الذكاء؛ بل هو تطور، إنشاء نوع من العملات الافتراضية والتي يتطلب إنشاؤها إهدار موارد حقيقية بطريقة اعتبرها آدم سميث حمقاء وعفا عليها الزمن في عام 1776».

وفي ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، وتحت عنوان «البيتكوين شر» قال كروجمان: «لكي تكون ناجحاً يجب أن يكون المال وسيلة للتداول ومخزناً مستقراً للقيمة على حد سواء؛ لكن لا يزال من غير الواضح تماماً لماذا يجب أن تكون عملة البيتكوين مخزناً ثابتاً للقيمة؟»

الصورة
بول كروجمان

 

وأبدى كروجمان استغرابه من حماس الناس لهذه العملات، لأنها تتعارض تماماً مع الطريقة السائدة منذ زمن طويل؛ فبدلاً من التعاملات السهلة، أصبح لدينا تكاليف عالية لممارسة الأعمال التجارية، لأن تحويل عملة «البيتكوين» أو أي وحدة عملة مشفرة أخرى يتطلب توفير تاريخ كامل للمعاملات السابقة، وبدلاً من الأموال التي تم إنشاؤها عن طريق النقر بالماوس، بات لدينا أموال يجب تعدينها ثم إنشاؤها من خلال عمليات حسابية ذات موارد كثيفة. هذا ما جاء في مقاله «لماذا أرتاب في العملات المشفرة؟» والذي نُشر بتاريخ 31 يوليو/ تموز 2018. 

وذكر في نفس المقال: العملات المشفرة ليس لها دعامة، ولا تتقيد بالواقع، وتعتمد قيمتها كلياً على التوقعات، مما يعني أن الانهيار الكامل احتمال حقيقي؛ فإذا حدثت لدى المضاربين حالة جماعية من الشك بأن «البيتكوين» كانت بلا قيمة، فستصبح عملات «البيتكوين» عديمة القيمة بالفعل. 

ويبدو أن مقال «لماذا أرتاب في العملات المشفرة؟» حمل الكثير من الارتياب؛ حيث ورد فيه أيضاً: «قد تكون هنالك حالة توازن محتملة؛ حيث تظل عملة البيتكوين (على الرغم من أن العملات المشفرة الأخرى ربما ليست كذلك) قيد الاستخدام بشكل أساسي لمعاملات السوق السوداء والتهرب الضريبي، لكن هذا التوازن إذا كان موجوداً سيكون من الصعب الوصول إليه من هنا لأنه بمجرد موت حلم مستقبل «البلوك تشين» فإن خيبة الأمل ستؤدي على الأرجح إلى انهيار كل شيء».

وأضاف: «تم الترويج للعملات المشفرة بشكل كبير على أنها مستقبلية وإغاثة من المخاوف التقليدية من أن الحكومات تضيّع قيمة المدخرات بسبب التضخم، وقد جذبت المكاسب الضخمة في الفترات الماضية المستثمرين القلقين بشأن فقدان المال؛ لذلك أصبحت العملات المشفرة فئة أصول كبيرة على الرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يشرح بوضوح الغرض الذي أُجيزت من أجله»، هذا ما قاله كروجمان في مقاله المنشور في يناير 2022 «كيف أصبحت العملات المشفرة الرهن العقاري الجديد؟).

  • هل هذه المرة مختلفة؟

وفي مايو الماضي نشر كروجمان مقالاً بعنوان «انهيار العملات المشفرة: هل هذه المرة مختلفة؟» وجاء فيه: لا تلعب العملات المشفرة أي دور تقريباً في المعاملات الاقتصادية بخلاف المضاربة في أسواق العملات المشفرة نفسها، وإذا كانت إجابتك هي «امنحها بعض الوقت» فعليك أن تضع في اعتبارك أن عملة «البيتكوين» موجودة منذ عام 2009 أي أنها قديمة بمعايير التكنولوجيا وتسبق جهاز آيباد الذي طرحته أبل في عام 2010. 

ومن أواخر مقالاته ما نشره في يوليو من العام الجاري بعنوان «العملات المشفرة تنهار. أين كان المنظمون؟» فيقول: بالطريقة التي أشاهدها تطورت العملات المشفرة إلى نوع من مخطط هرمي ما بعد الحداثة، وقد جذب هذا المجال المستثمرين بمزيج من التكنولوجيا والتحررية، وتم استخدام بعض من هذا التدفق النقدي لشراء وهم الاحترام، والذي جلب المزيد من المستثمرين. ولفترة من الوقت أصبحت في الواقع أكبر من أن يتم تنظيمها حتى مع تضاعف المخاطر.



 


 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kah8c54

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"