عادي
دعوة للمّ شمل الأسرة على الطريقة الأمريكية

«ذا نويل دايري».. رومانسية تفتقد الجاذبية

22:42 مساء
قراءة 4 دقائق

مارلين سلوم

في هذه الفترة من كل عام، تنتج السينما الأمريكية مجموعة من الأفلام المناسبة لروح الأعياد خصوصاً «الكريسماس»، ويتسع خيال المؤلفين للكثير من القصص التي تصلح لصناعة أفلام عائلية، وكلها تصب في خانة ال «روم كوم» أي الرومانسية الكوميدية، باستثناء ما تم إقحامه في السنوات الأخيرة من أفلام رعب وجريمة ضمن إطار أجواء الكريسماس، مستغلين شخصية «بابا نويل» ليتخفّى خلفها المجرمون.. وهذا الموسم تواكب المنصات أعياد نهاية العام بمجموعة من الأفلام الجديدة، وتعيد عرض القديم منها والذي مازال يلقى ترحيباً وإقبالاً من الجمهور؛ ومن الأفلام الجديدة التي تعرضها «نتفليكس»، «يوميات نويل» أو «ذا نويل دايري» المناسب للمشاهدة وإن كنت تتوقع مجريات الأحداث قبل وقوعها.

«يوميات نويل» فيلم كلاسيكي لا يحيد أنملة عن مسار أفلام أعياد الميلاد التي تبدأ بعقدة ومشكلة وتنتهي بسعادة تنتظرها وتتوقعها طوال مدة المشاهدة، ورغم معرفتك المسبقة بالنهاية السعيدة التقليدية إلا أنك تشاهد وتفرح وكأنك تحتاج إلى هذه المساحة من السذاجة والبساطة والراحة لتبعدك عن ضغوط يومياتك في الحياة، وضغوط وتوتر الأفلام التي ترافقك معظم أيام السنة.

الصورة

الفيلم يستند إلى رواية بنفس الاسم للمؤلف الأمريكي ريتشارد بول إيفانز الذي اشتهر بكتابته لقصص الأطفال وللروايات الرومانسية المناسبة للإجازات، وما زال يحقق أرقاماً عالية في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في أمريكا، وآخر إصداراته كتاب «وعد الكريسماس» أو «ذا كريسماس برومايز»؛ وفي هذه الميلودراما الرومانسية «يوميات نويل» يتناول الكاتب إيفانز قصة ترتبط بالكريسماس بالاسم أولاً؛ إذ نويل بالفرنسية تعني كريسماس وهو اسم إحدى شخصيات الفيلم وإن لم تكن رئيسية لكنها محورية، كما ترتبط بهذه المناسبة ليس بتوقيت حصولها بقدر ارتباطها بتوقيت ما حصل بالماضي وترك آثاراً عدة لدى بطل القصة جايك تيرنر والتي يؤديها الممثل الوسيم والمحبوب جاستن هارتلي، والمناسب تماماً لدور الكاتب الذائع الشهرة والمستمتع بمشاهدة طابور المعجبين الطويل بانتظار حفل توقيعه لأحدث إصداراته.

مذكرات ويوميات

الفيلم لا ينطلق من عند جايكوب أو جايك تيرنر، بل من امرأة تكتب مذكراتها أو يومياتها في دفتر صغير تدوّن فيه كل ما تمر به بالوصف الدقيق وحتى بالمشاعر؛ ثم نرى جايك روائي ناجحاً للغاية ووسيماً وذكياً، ورغم كثرة المعجبين به اختار أن يعيش عازباً وحيداً في منزله الجميل، ترافقه «إيفا» كلبته الذكية. فجأة يتلقى اتصالاً من محام يبلغه بأن والدته تركت له شقتها وكل ما كانت تملك فيها، فيفاجأ بأنها توفيت قبل أسبوع ولم يعلم بسبب ندرة تواصله معها واطمئنانه عليها. يذهب إلى حيث منزل والدته فيجده كالبيت المهجور، كل شيء مكدس فيه، بقايا العبوات والغبار وحتى الطعام العفن في الثلاجة.. كل ذلك يدلك على طريقة عيش الأم التي نعتقد بأنها هي من كانت تكتب اليوميات وهي محور القصة، لكن المؤلف يختار مساراً آخر للقصة، فإذا بالأم تمر مروراً عابراً، و«نويل» هي المربية التي كانت تعمل لدى عائلة تيرنر، والتي تقودنا إليها امرأة حسناء تقف عند ناصية الطريق قبالة منزل عائلة تيرنر وتختفي، ثم تظهر مجدداً وهي تراقب المنزل ومن فيه..

الصورة

رايتشل (باريت دوس) تطرق باب جايك بعد مراقبته لنحو يومين، فتدخل لتقلب حياته رأساً على عقب وتكسر عزلته وقراره بالعيش وحيداً مع خياله ومؤلفاته؛ رايتشل جاءت باحثة عن والدتها التي كانت تعمل مربية وهي لا تعرف عنها شيئاً ولا حتى اسمها، لا نفهم لماذا قررت بعد كل هذه السنوات أن تبحث الفتاة عن أمها التي تركتها واختارت لها أن تعيش في كنف أسرة تتبناها بدل البقاء معها، علماً أن رايتشل لا تعلم عن أمها سوى مكان إقامتها وعملها لدى عائلة تيرنر؟!. المخرج تشارلز شيير الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو مع ريبيكا كونور ودايفيد جولدن، يمشي مع الأحداث بسلاسة، لا يفتعل ولا يبالغ في استعراض المشاعر أو الجنوح نحو الرومانسية على طريقة أفلام الأساطير الطفولية، فلا سحر ولا انبهار في اللقاء الأول بين البطلين، بل تأخذ العلاقة منحى طبيعياً بين كاتب مشهور وفتاة تبحث عن والدتها التي كانت مربيته في طفولته والمفترض أنه يعرفها ويذكر ملامحها، بينما لم تتشوق ابنتها لرؤيتها وفهم سبب تخليها عنها فور ولادتها.

الصورة

برود وفتور

في المقابل يؤخذ على المخرج شيير تماديه في اعتماد هذا البرود في المشاعر، فأصاب الفيلم بشيء من الفتور، رغم تهيئته للأجواء الخارجية واختياره أماكن التصوير ومشاهد الطبيعة والغابات الضخمة المكسوة بالثلج الأبيض المناسبة والملائمة جداً لمنح الفيلم كل ما يحتاجه لاكتمال الصورة الرومانسية والميلادية الجميلة. جايك لا يذكر اسم مربيته ولا أياً من تفاصيل طفولته سوى حدث واحد مؤلم، لذا يلجأ مع رايتشل إلى جارته إيلي (بوني بيديليا) لتحكي لهما عن المربية التي نسيت اسمها لكنها تتذكر بأنه مرتبط بالكريسماس، وتنصح جايك بالذهاب إلى والده سكوت تيرنر (جايمس ريمار) لأنه الوحيد الذي يعرف تلك المربية وقد يكون على علم بمكان وجودها؛ رحلة البحث عن الأب وعن المربية تتحول إلى رحلة تقرب بين رايتشل وجايك وتنتهي باكتشاف حقائق ليس عن الفتاة وأمها فقط؛ بل عن جايك وأبيه وسر هجره له ولوالدته بعد وفاة بنجامين شقيق جايك في العام 1987 وكان في السابعة من عمره بينما جايك في الرابعة.

ميزة «يوميات نويل» أنه يعيد الاعتبار للمّ شمل الأسرة وإن كانت على طريقة الأفلام الأمريكية التي تعطي للحرية الذاتية أولوية وأفضلية على حساب العائلة والقيم التي مازلنا نتمسك بها.

مأساة

مأساة عائلة تيرنر تلتقي مع مأساة نويل المربية التي تكتشف رايتشل بالصدفة كتاب يومياتها بين الأغراض التي ورثها جايك عن أمه، وتجد فيها إجابات عن كل تساؤلاتها، لذا تتجه القصة في مسار حل أزمتين في وقت واحد، أزمة جايك ووالده وأزمة رايتشل في التعرف على أمها، فتولد أزمة جديدة هي علاقة البطلين بينما تستعد رايتشل لتحديد موعد زواجها مع خطيبها. الفيلم لا يماطل بالأحداث، نحو ساعة و39 دقيقة تمر بلا ملل، ولكنها الرومانسية التي تفتقد عنصر الجذب القوي والمفاجآت الصادمة وكسب تعاطف الجمهور مع الشخصيات بشكل أقوى، جاستن هارتلي مناسب جداً لشخصية الكاتب الرومانسي، لكن بينه وبين باريت دوس كيمياء مفقودة فلا يرتبط المشاهد بهما ويصدق عمق مشاعرهما كما يحصل عادة مع كثير من الأفلام التي تخلق «دويتو» بين بطلين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/447sk5tp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"