عادي
نظمها مركز «الخليج» للدراسات بمشاركة نخبة من المختصين

ندوة «الإمارات وتكنولوجيا المستقبل»: التقنية طريق تسريع وتيرة التنمية

00:02 صباحا
قراءة 14 دقيقة
1
  • البنية التحتية الرقمية في الدولة مكنت من التحول الرقمي بمجال التعليم
  • «الميتافيرس» خلق علاقات اجتماعية بين الطالب والمعلم بسلاسة وتفاعلية
  • مرحلة جديدة تسارعت فيها التكنولوجيا ستدخلنا في اقتصاد الإنترنت الرقمي
  • دراسات تستشرف المستقبل تؤكد أهمية وجود التكنولوجيا

أعد ورقة المحاور: السيد صدقي عابدين

أعدتها للنشر: ليلى سعيد

أكد المشاركون في ندوة مركز الخليج للدراسات التي نظمت أخيراً، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمتخصصين، أن التوجه الاستراتيجي في الإمارات مبني على التكنولوجيا منذ البداية، ونفذت دراسات تستشرف مستقبل الدولة ركزت على أهمية وجود التكنولوجيا محوراً أساسياً في تسريع وتيرة تحقيق المؤشرات الاستراتيجية.

وقالوا إن البنية التحتية الرقمية في الإمارات، مكنت من التحول الرقمي في مجال التعليم في وقت قياسي خلال جائحة كورونا، ومع ظهور بعض الفجوات، أقرت الجهات المختصة العودة إلى التعليم الحضوري أو التعليم الهجين، إلا أن عالم الميتافيرس غطى هذا الجانب وخلق العلاقات الاجتماعية بين الطالب والمعلم بسلاسة وسهولة وتفاعلية وتعليم تطبيقي أكثر استفادة.

1

أضاف المشاركون في الندوة أنه باعتبار أن التكنولوجيا من أهم محركات ودوافع الاقتصاد، فإن هناك مرحلة جديدة تسارعت فيها التكنولوجيا مما سيدخل الدولة في مرحلة جديدة من اقتصاد الإنترنت أو الاقتصاد الرقمي، أو ما يطلق عليه اقتصاد «الميتافيرس»، والإمارات سباقة في هذا المجال.

نخبة من العلماء

رحب الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي بالمشاركين باعتبارهم نخبة من العلماء والمتخصصين وأشار إلى أن الإمارات تمر بمرحلة تاريخية بإطلاق المستكشف راشد إلى القمر، حيث تعد الدولة الرابعة التي يهبط لها مستكشف على القمر بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين.

وأكد أن كثافة ما ينشر من أخبار عن فعاليات ومبادرات إماراتية ذات علاقة بالأحدث من التكنولوجيا إما حصراً لنتائج قد تحققت، أو تحفيزاً لبرامج جديدة سيشرع في تنفيذها لا يخلو من دلالات، خاصة أنه يأتي ضمن منظومة تحكمها سياسة عامة وتوجه استراتيجي عينه دائماً على المستقبل.

في أحدث الرؤى المستقبلية «نحن الإمارات 2031» التي تتضمن الوصول إلى أهداف طموحة فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، والصادرات غير النفطية، والتنمية البشرية، والرعاية الصحية، والمدن الإماراتية وغيرها من المجالات لابد أن يكون للتكنولوجيا في أحدث تجلياتها دور بارز في الوصول إلى المؤشرات المحددة في تلك القطاعات. ومن ثم كان الحرص على «توفير الدعم اللازم لخلق بيئة ابتكارية متقدمة ومضاعفة جهود البحث والتطوير عبر تعزيز الاستثمارات، ما يجعل دولة الإمارات وجهة جاذبة لمبتكري أعمال المستقبل».

ويعد ذلك اتساقاً وانطلاقاً من القراءة الأشمل للاستراتيجيات والرؤى التي أقرت من قبل لصياغة مستقبل الإمارات. وعلى سبيل المثال وضمن مبادئ الخمسين نص البند السابع صراحة على أن «التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية وترسيخها عاصمةً للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل». كما أن اثنين من محاور مئوية الإمارات 2071 قد ركزا على جوانب تكنولوجية وهما محور «تعليم المستقبل» و«اقتصاد معرفي متنوع». وهذا ما انعكس في اثنين من برامج المئوية أيضاً.

الصورة

مستقبل الدولة

وحول التوجه الإماراتي نحو تكنولوجيا المستقبل ذكر أ. د. أحمد علي مراد النائب المشارك للبحث العلمي بجامعة الإمارات، أن المستكشف راشد مبنى على التكنولوجيا، وهذا ما يؤكد أن التوجه الاستراتيجي في دولة الإمارات منذ البداية مبني على التكنولوجيا وما وصلت إليه الإمارات من تطور، ودراسات تستشرف مستقبل الدولة وركزت على أهمية وجود التكنولوجيا محوراً أساسياً في تسريع وتيرة تحقيق المؤشرات الاستراتيجية في الدولة، لذلك لم يكن هذا التوجه عشوائياً، لكنه بدأ تدريجياً منذ البدايات عندما بدأت الدولة في تمكين الشباب الإماراتي بالمهارات المطلوبة، وإعداد البنية التحتية التي تمكن الدولة من تحقيق الريادة في مجال تكنولوجيا المستقبل.

وأضاف الدكتور مراد، أن هناك خططاً استراتيجية ومبادرات تم إسقاطها على كل المؤسسات الحكومية والخاصة لتحقيق الرؤية والتوجه الاستراتيجي المبني على التعاون والشراكة بين كافة مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة. فالمؤسسات التعليمية من خلال البحث والابتكار تقدم الحلول للمجتمع ولمختلف المؤسسات التي تأخذ بها وتغير من استراتيجيتها من خلال هذه الأبحاث والدراسات، وقد كانت بدايات هذا التوجه عندما أطلقت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للابتكار، والتي أكدت وجود التكنولوجيا كأحد المحاور الرئيسية لهذه الاستراتيجية، واعتبار التكنولوجيا هي المحرك الأساسي والمسرع للمحاور الرئيسية في الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا، وفي عام 2018 تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، وفي 2020 أطلقت حكومة أبوظبي الأولويات البحثية للقطاعات البحثية والتي وضعت التكنولوجيا والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي أولويةً بحثية للدولة.

الصورة

الاقتصاد المعرفي

ومن ثم جاءت استراتيجية نحو الإمارات 2031 والتي تركز على التنوع في الاقتصاد المعرفي المبني على التكنولوجيا، وبذلك استطاعت المؤسسات مواكبة التوجه الاستراتيجي في مجال التكنولوجيا من خلال المبادرات والأنشطة التي تعزز البيئة التكنولوجية وتمكن المجتمع والموظفين من المساهمة في تحقيق استراتيجية الدولة.

وكذلك هناك مئوية الإمارات 2071 التي ترتكز على التكنولوجيا، وبناء مدينة المستقبل (المدينة العلمية للمريخ) في 2117 التي تقوم على أحد المحاور الرئيسية وهو تطوير التكنولوجيا، والتطور المتسارع الذي يشهده قطاع الفضاء دليل على أن التكنولوجيا عامل رئيسي في تحقيق الرؤية الاستراتيجية للدولة.

والسؤال ما هو مستقبل التكنولوجيا في الدولة؟ نجد أن الدولة تسعى دائماً لتحقيق الريادة، والمعايير العالمية في هذه المبادرات من خلال الحصول على المركز الأول في كل مبادرة، ويعتبر قيادة الدولة للتحول الرقمي هو أحد المخرجات ونطمح لقيادة التحول الرقمي عالمياً، إلا أن هناك تحديات منها وجود هوة بين التسارع التكنولوجي مقارنة بالقطاعات المختلفة، وكذلك يتطلب مرونة البيئات التشريعية والقوانين، مما يتطلب إعداد مزيد من البرامج لتأهيل الكوادر ومواءمة البيانات التشريعية لهذه التطورات التكنولوجية.

الصورة

محور أساسي

وذكر الدكتور عبداللطيف الشامسي أستاذ الهندسة والتربية، أنه منذ البدايات والتكنولوجيا محور أساسي في تطوير قطاعات الأعمال في الدولة ومنها قطاع التعليم، وسنوياً ما أن نقرأ عن مؤشرات الأداء لدولة الإمارات وتحقيقها للريادة العالمية باستخدام التقنيات المختلفة والتكنولوجيا وتحقيق ما يحتذى ويجعلها نموذجاً لكل دول العالم.

إلا أن التقنية والتكنولوجيا هدف متحرك والتغير وارد، وفي الوقت الحالي هناك تحول من الثورة الصناعية الرابعة إلى نموذج مختلف من استخدام التكنولوجيا المتقدمة والتقنيات المكملة التي لا غنى فيها عن دور الإنسان وخدماته في كثير من القطاعات، وخاصة بعدما لاحظنا تأثير التكنولوجيا على أهم القطاعات وهو التعليم.

ونجد أن عالم «الميتافيرس» الذي بدأ من مجال الألعاب الإلكترونية ثم تحول إلى الاستخدام في كثير من القطاعات منها القطاع العقاري والفني وغيره. ولكن كيف سيؤثر «الميتافيرس» في تكنولوجيا المستقبل في الإمارات؟

أكد الدكتور الشامسي، أن البنية التحتية الرقمية في الإمارات مكنت من التحول الرقمي في مجال التعليم في وقت قياسي خاصة في ظل جائحة كورونا، إلا أنه ظهرت بعض الفجوات ولم يكن التعلم بالشكل المطلوب، لذلك تم العودة للتعليم الحضوري أو التعليم الهجين ما بين التعليم الحضوري والافتراضي، حتى تحقق الفائدة العلمية الأكبر. ولكن عالم «الميتافيرس» يغطي هذا الجانب لأنه يخلق العلاقات الاجتماعية بين الطالب والمعلم بسلاسة وسهولة وتفاعلية وتعليم تطبيقي أكثر استفادة، وهذا يتحقق في جميع القطاعات، لأن «الميتافيرس» بديل تقني متوفر ومتاح يخلق بيئة حية ثلاثية الأبعاد في العالم الافتراضي فيحافظ على وجود الطالب والمعلم والحرم الجامعي واقعاً افتراضياً ما يمنح للمستخدم خصوصية أكبر وملكية للبيانات المستخدمة ويحافظ على وجود الطالب في الفصل الدراسي، وهي بديل تقني متوفر ومتاح لجميع المدارس والجامعات ومختلف القطاعات. وكذلك هناك NFT وهو تطور يعطي خصوصية وملكية أكبر للمحتوى التقني وهو تطوير للجرافيك والمحتوى وطرق التدريس.

التوجه إيجابي

وأكد الدكتور ناصر المرقب نائب رئيس جامعة دبي للشؤون الإدارية، أن التوجه إيجابي واستشرافي في الدولة، حيث بدأ مبكراً في دولة الاستشراف والتطور لأن الاستراتيجيات تنبثق من رؤية قيادة حكيمة ملهمة تهتم براحة الشعب وتأمين المستقبل المشرق والمستدام.

وأضاف أمثلة على ذلك لا للحصر استراتيجيات الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الرقمي واقتصاد الفضاء والاقتصاد الأخضر.. وما تم ويتم تنفيذه من مبادرات ذات صلة مثل مليون مبرمج عربي، مبادرة الإمارات تبرمج.. استراتيجية «الميتافيرس» و«البلوكتشين» واستكشاف المريخ ومؤخراً القمر، إضافة إلى إطلاق أقمار اصطناعية والتمكن من صناعتها بأيادي إماراتية. وإطلاق مسابقات مرتبطة مثل مسابقة المركبات ذاتية القيادة، ومسابقات الطائرة بدون طيار للاستخدام النافع للبشرية.

وكذلك هناك جهود كبيرة تتم ترجمتها لتحقيق هذه الاستراتيجيات: تشجيع الابتكار في المؤسسات، وتعزيز المساهمة الاقتصادية في دعم الابتكار والبحوث، حيث زادت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من 2014 إلى 2020 من 0.7% إلى 1.45% من الناتج المحلي، وتنمية واستقطاب المواهب من خلال تنظيم ورش تعليمية وتدريبية في المؤسسات، وتقديم بنية تحتية مرنة ومتطورة وطرح حزمة تسهيلات للشركات التكنولوجية الناشئة والكبرى.

وحول تكنولوجيا المستقبل في الإمارات: مؤسسات وبرامج أكد المرقب أن التنفيذ يستمر من ناحية التخصصات في الجامعة والتي تتوازى مع التطور التكنولوجي واحتياجات سوق العمل مثل الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، علوم الروبوتات، الحوسبة السحابية وتحليل البيانات وإنترنت الأشياء.. إضافة إلى التخصصات التكنولوجية البيئية أو التي تخدم البيئة والحفاظ عليها.

ونتيجة لهذه الجهود الجبارة التي تقوم بها المؤسسات والبرامج المطروحة والمبادرات، تجدون أن الإبداع والابتكار بشكل عام وفي مجالات التكنولوجيا على وجه الخصوص، أصبح ثقافة وعادة في المدارس والجامعات والمؤسسات الأخرى ليخرج جيل قادر على تحمل المسؤولية في المستقبل.

دمج التكنولوجيا

وأشار بشار كيلاني المدير التنفيذي والعضو المنتدب لإكسنتشر الشرق الأوسط، إلى أن التوجه الاستراتيجي الإماراتي كان دائماً يذهب إلى دمج التكنولوجيا دعماً للاقتصاد، باعتبار أن التكنولوجيا من أهم محركات ودوافع وروافع الاقتصاد، وترى في جميع المجالات، والآن هناك مرحلة جديدة تسارعت فيها التكنولوجيا مما سيدخلنا في مرحلة جديدة من اقتصاد الإنترنت أو الاقتصاد الرقمي، أو ما يطلق عليه اقتصاد «الميتافيرس» وهو اقتصاد كبير يتوقع أن يضيف من الآن حتى عام 2030 ما بين 8 إلى 13 تريليون دولار، والإمارات سباقة في هذا المجال وأعلنت استراتيجيات عدة وتعد من أهم 10 دول في مجال «الميتافيرس»، واستثمرت في البنية التحتية التي قد تسهم في تطوير الاقتصاد الرقمي.

وأكد كيلاني، أن الإمارات استثمرت أيضاً في ممكنات الاقتصاد الرقمي مثل الهوية الرقمية والدفع الإلكتروني والأمن السيبراني، والتي توفر البنية التحتية للتطبيقات المختلفة في المجالات العامة، لذا هناك اهتمام كبير من دولة الإمارات بالتكنولوجيا لدعم الاقتصاد الرقمي وتطويره وتحويل عدد كبير من النشاطات الاقتصادية إلى اقتصادات رقمية.

وبالنسبة لتكنولوجيا المستقبل في الإمارات، فستكون على محورين الأول محور الاستدامة الرقمية أو الاقتصاد الأخضر وقد أشارت الإمارات أن عام 2050 سيكون عام الحياد الكربوني، ولذلك ستكون جميع المشاريع المستقبلية مشاريع رقمية تعتمد على التكنولوجيا. وستستضيف الدولة العام القادم مؤتمر cop 28 وهو من أهم المؤتمرات في هذا المجال وسيمثل دافع كبير لاستخدام التكنولوجيا.

وأن السياحة الرقمية ستكون من أهم القطاعات التي تشهد تغيراً، كذلك الخدمات الرقمية الحكومية سواء الصحة أو التعليم أو المنافذ والتجزئة والعقارات ستكون المرحلة القادمة لها عبر «الميتافيرس»، كما سيعاد تعريف التعليم وفق التطورات الرقمية، مما يتطلب وجود اقتصاد رقمي مسؤول ومبني على التوائم الرقمية، والتي ستتوفر في جميع أنظمة العمل والأصول، وستقوم الشركات والمؤسسات بخلق توائم رقمية في مراكز خدمة الجمهور والبيع بالتجزئة والمراكز الاقتصادية. كما ستعمل على إنشاء توائم رقمية لسلاسل التوريد وأنظمة التعامل مع الجمهور.

خطة متكاملة

وأشارت الدكتورة بشرى البلوشي مديرة الأبحاث والابتكار بمركز دبي للأمن الإلكتروني التابع لهيئة دبي الرقمية، مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه.. المستقبل لا يُنتظر.. المستقبل يُمكن تصميمه وبناؤه اليوم» وهذا ما تؤكده استراتيجية الدولة في مئوية الإمارات 2071، والتي وضعت خطة متكاملة لرؤية القيادة الرشيدة لمستقبل الدولة، وتطرقت المئوية لمحورين أساسيين في مجال التكنولوجيا، الأول هو الاستثمار في التعليم، والتعليم القائم على العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والمحور الثاني تحقيق اقتصاد متنوع قائم على المعرفة.

وقد خطت الدولة خطوات سريعة في التحول الرقمي والتكنولوجي بدءاً بإعلان الحكومة إنشاء مؤسسات وهيئات متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والفضاء والأمن الإلكتروني، والإمارات سباقة في هذا الجانب، وتعد من أوائل الدول في تأسيس وزارة خاصة بالذكاء الاصطناعي، وسلطة لتنظيم الأصول الافتراضية، وتبني استراتيجية متكاملة في «الميتافيرس».

وأكدت وجود العديد من المبادرات لدعم رؤية الدولة في تحقيق الاقتصاد المعرفي والرقمي وتبنتها وزارات ومؤسسات وهيئات منها اصنع في الإمارات والتي أطلقت من وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بهدف دعم الصناعات المحلية في الدولة في القطاعات ذات الأولوية وأولها قطاع التكنولوجيا في شتى مجالاتها، ومبادرة الدليل الوطني في البحث العلمي والتطوير بالتعاون مع 17 جهة محلية بهدف تشجيع كافة القطاعات للإنفاق في مجال البحث والتطوير وأطلق عام 2021، وإنشاء هيئة دبي الرقمية تحقيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن تكون التكنولوجيا أساساً لتسهيل الحياة وتيسيرها في كافة المجالات. مما يتطلب مزيداً من التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص.

التقنيات الحديثة

وأشار الدكتور فادي أحمد العلول عميد كلية الهندسة – الجامعة الأمريكية في الشارقة إلى أن جائحة كورونا 2020 أوقفت العالم عن مساره وسلطت الضوء على أهمية التكنولوجيا في مختلف المجالات، وحولت العالم خلال أيام للعمل والدراسة عن بعد، والإمارات دائماً سباقة في استعمال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وأثبتت تفوقها في الاقتصاد الرقمي، فتم إنشاء وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لتمكين الاقتصاد الصناعي واستخدام التكنولوجيا، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وإنشاء مجلس الإمارات للبحث والتطوير والذي يضم أعضاء من شركات وجامعات ودوائر حكومية، وإنشاء وزارة الذكاء الاصطناعي تشجيعاً للصناعة والتكنولوجيا، وزيادة الإنفاق في مجال البحث والتطوير، إلى جانب العديد من المبادرات المحلية لوضع استراتيجيات باستخدام التكنولوجيا، والاستثمار في البنية التحتية. وتحديد مجالات القوة والاحتياجات الرئيسية في مجال البحث العلمي والتطوير، والعمل مع مراكز الإحصاء لمعرفة الاحتياجات المحلية بالنسبة للخريجين، ووضع قوانين وأنظمة مناسبة للتطورات، وبناء عليه نرى أن الأنشطة وضعت إلى هدفين، الهدف الأول استخدام التكنولوجيا للقيام بمهام أسرع وأفضل وأرخص مما هو متوفر، والثاني القيام بمهام لم نقدر على تحقيقها من قبل.

وأكد أن المعضلة تكمن في عدم وجود مقياس واضح لقياس البحث والتطوير، ويحتاج وقت وجهد إلى معرفة ثمار الجهود المحققة. وبالنسبة لدور الجامعات ومساهماتها في تطوير جيل ذكي ومبتكر وقيادي وعلى معرفة بالمواهب الرقمية بمساعدة المؤسسات المحلية والعالمية في مجال التحول التكنولوجي، هناك صعوبة تواجه بعض الشركات في إيجاد خريجين جاهزين في مجال التحول الرقمي وهذا ما تسعى إلى تحقيقه الجامعات في الدولة عبر تأهيل الطالب وإعداده ليكون أكثر جاهزية للعمل في الشركات التكنولوجية المتطورة.

الأولى عالمياً

وأكد الدكتور أحمد عبدالعزيز النجار مساعد عميد للدراسات العليا والبحث العلمي - جامعة الإمارات أن الإمارات تسعى أن تكون مستقبلاً الأولى عالمياً في مجال التكنولوجية. ويتضح هذا من التفكير الاستراتيجي للدولة وتمسكها وحرصها على التكنولوجيا المتقدمة وخير مثال الاهتمام بالطاقة المتجددة.

ونجد أن الإمارات اهتمت ببرامج التكنولوجية المتطورة في مختلف المجالات سواء الصحية أو في مجال الفضاء والزارعة اللامائية والطباعة ثلاثية الأبعاد، حتى دخلنا في دائرة الانفتاح، إلا أن هناك تحدي الانفتاح التكنولوجي العشوائي وصعوبة السيطرة لذلك من المهم الاستعداد لمواجهة هذه التحديات لأن من يصنع التكنولوجيا هو من يمسك بمفاتيحها.

وأكد أن مصطلح التكنولوجيا المقصود منه إحداث مبتكرات رقمية وتكنولوجية ووضع مخترعات لخدمة المجتمع، واعتبار الإنسان هو العنصر الأساسي في التكنولوجيا، وأن الانفتاح التكنولوجي العشوائي يعد تحدياً، وأن تطوير التعليم هو المسار الصحيح للتقدم التكنولوجي. ومن يملك التكنولوجيا الموجهة لخدمة المجتمع هو من يحقق النجاح والتقدم. فالتكنولوجيا تعني توظيف العلم الهندسي بما يحقق أهداف المجتمع، وأهمية التوطين والتعامل مع التكنولوجيا باعتبار أن المواطن هو أساس المجتمع، وأخيراً التوجه إلى أن التعليم هو المسار الصحيح للتطور التكنولوجي.

رؤية واستراتيجية

وأكد الدكتور سعيد الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية – جامعة دبي، أن رؤية واستراتيجية الإمارات 2031 بأن تكون من أفضل 10 دول في العالم في جودة الحياة والرعاية الصحة، وتحقق المركز الأول في تطوير التشريعات الاستباقية للقطاعات الاقتصادية الجديدة، والمركز الثالث عالمياً في الأمن السيبراني، والمركز الأول عالمياً في الأمن بصورة عامة، وسيكون للتكنولوجيا دور كبير في تحقيق هذه المؤشرات والريادة عالمياً.

كذلك تركز الإمارات على تحقيق استراتيجيتها للثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا المتقدمة، واستراتيجية الحكومة الرقمية 2025 لتوفير خدمات استباقية مخصصة من منصة واحدة، واستراتيجية دبي ل «الميتافيرس» وغيرها.

وأضاف أن الثورة المستقبلة القادمة ستحقق نقلة من العالم الرقمي إلى عالم التكنولوجيا الحيوية (البايوتكنولوجي)، ومع الجائحة اتضحت مدى أهمية الصحة للبشرية والمحرك للاقتصاد.

وهناك العديد من البرامج التي أطلقتها الإمارات في مجال الفضاء والتكنولوجيا، وتعد منظومة الإمارات التكنولوجية هي مفتاح الريادة والتقدم، وكذلك البنية التحتية كما سيكون التركيز المستقبلي على التكنولوجية الرقمية والمواهب والمهارات المؤهلة والمدربة على استخدام التقنيات، إلى جانب السياسات والتشريعات التي تتناسب مع التفكير المنظومي المستقبلي.

وذكر أن رؤية الإمارات 2031، وكذلك الاستراتيجية المئوية 2071، تؤكد الخطى الجادة والحثيثة التي تتبناها الدولة للوصول للريادة، ومواجهة التحديات والتي تتمثل في تأهيل وإعداد الكوادر الوطنية المتخصصة في هذا المجال، وتطبيق الذكاء الاصطناعي المسؤول في كافة المجالات وضبط التكنولوجيا عبر أخلاقيات تكنولوجيا مسؤولة.

البحث والتطوير

وذكرت الدكتورة هدى الخزيمي مديرة المعرفة والبحث والتطوير والابتكار، حكومة أبوظبي، أنه عندما يتعلق الأمر بتحسين الاستثمار في البحث والتطوير من دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن التحسينات من 0.7٪ إلى 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي مستوحاة من ارتفاع الإنفاق العالمي على البحث والتطوير الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 1.7 تريليون دولار أمريكي تقريباً وفقاً لبيانات البنك الدولي. حوالي 10 دول مسؤولة عن 80٪ من الإنفاق العالمي عالي المستوى في البحث والتطوير. حيث يبلغ المتوسط العالمي في البلدان المتقدمة التي تركز على اقتصادات البحث والتطوير حوالي 3.48٪ وفي اقتصادات المعرفة المتقدمة التي تستخدم عامل إنتاجي إجمالي مرتفعاً في اقتصادها نسبة المئوية للإنفاق على البحث والتطوير تبلغ 4.81٪ و5.44٪.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات تطمح لبناء محركات النظام الاستراتيجية للصناعة والاستثمار المتقدم من خلال بناء أنظمة متقدمة للابتكار، وتسهيل تدفق رأس المال من خلال دعم الإنفاق الرأسمالي الحر والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز وبناء نظام قانوني قوي للملكية الفكرية في جميع المجالات. كما يركز اقتصاد دولة الإمارات على زيادة الوصول إلى التمويل، وزيادة تحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

وأضافت لطالما استثمرت الإمارات في التأثير طويل المدى لبناء صناعات فريدة ومؤثرة في المنطقة أو على مستوى العالم. إن الاستراتيجيات والرؤى التي تم إطلاقها في نحن الإمارات 2031 ممثل حقيقي حول دعم الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة بخلق فرص غير قائمة على النفط ليكون أكثر من 70٪. من الناتج المحلي ينصب التركيز على الاستثمارات التي تعمل على تنمية رأس مال المعرفة البشرية، والرعاية الصحية، والمدن الذكية المستدامة، والعلوم والتكنولوجيا في المجالات المتقدمة مثل الطب الدقيق، والذكاء الاصطناعي، والتواصل الآمن، وصناعات أشباه الموصلات، والحوسبة البديلة (الحوسبة السحابية)، والحوسبة الحيوية، والحوسبة الكمومية، إلخ. فكان استثمار دولة الإمارات اليوم في التقنيات الناشئة وتقنيات المستقبل تخاطب اقتصادات المستقبل العالمية بما في ذلك تقنيات «ميتافيرس» في أجندة الاقتصاد الرقمي.

على سبيل المثال، ستستثمر حكومة أبوظبي 10 مليارات درهم (2.72 مليار دولار) عبر ستة برامج صناعية لزيادة حجم قطاع التصنيع في الإمارة إلى 172 مليار درهم بحلول عام 2031.

الدعم والتوجيه

وأشار الدكتور عبدالله إسماعيل الزرعوني أستاذ الهندسة الكهربائية، جامعة روشستر للتكنولوجيا – دبي، إلى ضرورة عقد الندوات والمؤتمرات في الجامعات ليواكب الطلاب التطورات العلمية نظراً لتأخر بعض المساقات الجامعية عن ركب التقدم المتسارع.

وأكد أن الاستراتيجيات واضحة ومعلنة، لكن التحدي أن الجيل الحالي يحتاج إلى مزيد من الجهد والدعم والتوجيه العلمي لمعرفة الاستراتيجيات والاطلاع عليها، ذلك لأن بعض المساقات التدريسية بحاجة إلى تطوير ومواكبة للمستجدات.

ووجه د. إسماعيل بضرورة دعم البحث العلمي في المدارس قبل الجامعات لتأهيل الطلاب وإعدادهم لهذا الجانب نظراً لأن هناك تخوفاً أن يكون الجيل القادم استهلاكي لذلك يجب قياس التأثير النفسي للتكنولوجيا على الشباب عبر مراكز البحوث النفسية والاجتماعية، للوقوف على دور التعليم من المراحل الأولى حتى الجامعة في مجال التكنولوجيا والتأثير النفسي لها على الطلاب. وضرورة ربط التخصصات العلمية التكنولوجية بوظائف منذ المرحلة الجامعية. وتركيز الجامعات على مجالات تكنولوجية معينة.

وفي الختام أكد د. عيسى البستكي، أن المستقبل بحاجة إلى اقتصاد معزز وليس اصطناعياً فقط، أي اقتصاد رقمي، وإعداد المجتمع والصناعة بشكل خاص للتطور المتسارع، ودعم المبادرات الصناعية التي تستقطب خريجي الجامعات، وتنمية المواهب من خلال تنظيم ورش تعليمية وتدريبية في المؤسسات، ومزيد من التعاون بين مؤسسات القطاع الخاص وقطاع التعليم، وتقديم بنية تحتية مرنة ومتطورة وطرح حزمة تسهيلات للشركات التكنولوجية الناشئة والكبرى.

الصورة
1
الصورة
1

الإنفاق على البحث

في أحدث البيانات الصادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، فإن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير في الإمارات قد زادت من 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى 1.5% في عام 2020. وفي بداية شهر نوفمبر من العام 2022 أعلنت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة عن الدفعة الأولى من مشاريع التحول التكنولوجي تنفيذاً لمتطلبات الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. جاء ذلك بينما كانت مبادرة «الإمارات تبرمج» تختتم فعالياتها والتي شارك فيها العديد من المؤسسات الاتحادية والمحلية، إلى جانب الجامعات والقطاع الخاص.

هذه مجرد نماذج للأنشطة التطبيقية والتشجيعية في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي الذي تقوم على رعايته مؤسسات، بما فيها الوزارات المتخصصة. وتحاول هذه الندوة الوقوف على أبعاد هذا الموضوع عبر تناول المحاور التالية:

المحور الأول: التوجه الإماراتي الاستراتيجي نحو تكنولوجيا المستقبل.

المحور الثاني: تكنولوجيا المستقبل في الإمارات: مؤسسات وبرامج.

المحور الثالث: ماذا بعد على صعيد تكنولوجيا المستقبل في الإمارات؟

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/54ss4um9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"