الروهينغا في بحار التيه

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

عادت قضية الروهينغا للتداول مجدداً، في ظل تفاقم ظروفهم المأساوية المستمرة منذ خمس سنوات، دون إيجاد حلول ناجعة لإنصافهم وإعادة الحقوق إليهم، ومنع الإبادة الجماعية التي تشن ضدهم لأسباب عرقية في ميانمار. هؤلاء الضحايا لجأ جزء منهم مؤخراً إلى ركوب البحر لعلهم ينجون بأرواحهم، إلا أن حالهم لم يكن هيناً حيث خطف الموت المئات منهم، وهم تائهون بين الأمواج يحاولون الوصول إلى وجهاتهم، في حين أن من تمكنوا من الهرب إلى دول الجوار يواجهون أوضاعاً لا تليق بالحياة الآدمية، وحرماناً من كل شيء، سواء في التعليم أو الغذاء أو العلاج.

عام 2022 الذي انطوت صفحته، كان صعباً على اللاجئين الذين خاطر الآلاف منهم في رحلات بحرية طويلة ومكلفة على متن قوارب متداعية، في محاولة للوصول إلى ماليزيا أو إندونيسيا، وكانت آخر الرحلات التي وصلت إلى اليابسة تقل 200 شخص عانوا الجوع والجفاف، ومات 20 شخصاً كانوا برفقتهم ورميت جثثهم في البحر، ليكونوا طعاماً للأسماك، بعدما أمضوا عدّة أسابيع في البحر في منطقة خليج البنغال، جراء جنوح قاربهم وتيهه عن وجهته، حيث كان من المفترض الوصول إليها خلال بضعة أيام.

ولم يتوقف الأمر عند هذه النقطة فالأمم المتحدة تخشى أن تكون قوارب أخرى لا تزال تائهة في البحر، وسط مخاوف من غرق قارب ينقل نحو 180 شخصاً، وإذا تأكد غرقه فسيكون عام 2022 أحد أسوأ الأعوام بالنسبة إلى الروهينغا بحصيلة تتخطى 400 شخص فقدوا في البحر.

الناجون من البحر لن يكونوا أفضل حالاً في دول اللجوء؛ إذ إنهم سيضافون إلى مئات الآلاف المحبوسين في مخيمات دون أدنى مقومات الحياة. ففي بنغلادش ثمة أكثر من مليون لاجئ، غير قادرين على العودة إلى ديارهم، ويعيشون في أوضاع مكتظة، ويفتقرون إلى مقومات الحياة ولا يمكنهم السعي لكسب قوتهم، إضافة إلى أنهم غير معترف بهم، ولا يملكون حق المواطنة في بلدهم، كما أنه غير مرحّب بهم في دولتهم التي سامتهم الخسف والهوان.

مشكلات العالم كثيرة، لكن ذلك لا يمنع من إلقاء الضوء على الفواجع التي تمر بها هذه الأقلية التي يتلقّفها الموت من كل جانب، فلا بد من المضي في الضغط على حكومة ميانمار العسكرية التي لا يزال جيشها يمارس القتل على الهوية، ويزج في سجونه الآلاف، ويسمح للميليشيات بالتغول على السكان، على أن يترافق ذلك مع خطة دولية مشتركة تحميهم على الصعد كافة، من خلال العمل على وقف الإبادة، ومساعدة النازحين واللاجئين، والبدء في تطبيع حياتهم، خصوصاً في المخيمات التي تفتقر لكل شيء، والبحث عن خطة مع دول الجوار لاستقبال قوارب المهاجرين، والبحث عنها وإنقاذها.

لا بد للمجتمع الدولي من التحرك، وإلا فإن المجازر ستتوالى، وستكون المنطقة كلها في دائرة الخطر؛ لأن بيئة الظلم خصبة لتنطلق منها أعمال عنيفة تشمل العالم كله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/prw9myh3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"