المصرف اللبناني واسترداد الودائع

22:02 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة

يعاني لبنان مشاكل مزمنة، كالعجز المالي فوق 10% من الناتج، ودين عام يتعدى 180% من الناتج نفسه. وهنالك العجز التجاري لأننا نستورد تقريباً كل شيء والذي ينعكس عجزاً في ميزان الحساب الجاري يتعدى 25% من الناتج. أما الاحتياطي النقدي في مصرف لبنان فأصبح أقل من 10 مليارات دولار، بعد أن كان 37 ملياراً في 2018، استُنزف بسبب سياسات الدعم السابقة غير المدروسة التي استمرت لسنوات، من دون أي تقدير للمساوئ، فكانت كرشوة للمواطن في حياته العادية اليومية. وتوقف الدعم التبذيري، فارتفعت الأسعار الى حدود تفوق أي توقعات سابقة. المشكلة الأصعب هي سعر المحروقات الذي يتغير بالليرة لسببين، هما السعر العالمي لبرميل النفط، كما سقوط الليرة.

ويتطلب الخروج من الوضع الحالي تغييراً كبيراً في هيكلية الاقتصاد، وتصحيحاً للعلاقات التاريخية مع دول مجلس التعاون. المطلوب تغيير هيكلية الاقتصاد الذي لا يمكن أن يعتمد بعد اليوم على عمالة عربية وأجنبية تأتي لتأخذ أجوراً محقة لا قدرة لنا على دفعها. وعلينا، كلبنانيين، أن نعمل في قطاعات لم نرغب فيها سابقاً، كالزراعة والإنشاء والتنظيفات. ووزارة العمل هي سيادية بامتياز، ودورها مهم جداً، ولا بد من اعطائها الاهتمام اللازم. وهنالك دور كبير للمؤسسة الوطنية للاستخدام لتحقيق التوازنات الممكنة بين العرض والطلب في أسواق العمل.

وهنالك قطاعات فيها فائض من العمالة ولم يعد هنالك حاجة لها. مثلاً «السرفيسات» أو التاكسي، حيث هنالك الآلاف من السيارات، الشرعية وغير الشرعية، التي تجول في البلاد لنقل الركاب. ومن الضروري تحويل بعض السائقين الى قطاعات أخرى، أي توجيههم نحوها وتدريبهم لأن الدخل فيها أعلى والحاجة كبيرة. فالمواطن اللبناني غيّر اليوم طريقة انتقاله فاعتمد مشاركة الآخرين، كما يستعمل أكثر الآليات الهوائية. ويجب تخفيف حجم القطاع العام ومعالجة الفائض البشري.

أما ارتفاع أسعار المحروقات فهو العامل الأكثر خطورة، لأنه يؤثر في كل شيء. يجب توفير النقل العام بأسعار منخفضة عبر حافلات أتى بعضها الينا من فرنسا وبلجيكا. ويجب نقل بعض سائقي «السرفيسات» لقيادتها مع بعض التأهيل. وهذا ممكن سريعاً، ويوفر على اللبنانيين بعض كلفة النقل الباهظة. ولا بد أيضاً من إجراء إصلاحات في البنية التحتية، بدءاً من الطرق الرئيسية والمناطقية. ولا نحلم بإنشاء طرق سريعة وخطوط قطارات حديثة، لكننا نحلم ببعض التصحيحات على طرقنا كي لا تقع حوادث تطيح بالبشر والآليات. الوزارة السيادية الثانية هي الأشغال والنقل، ودورها كبير.

ولا بد بعد زمن من أن نسترد أموالنا من المصارف. وقد سمح مصرف لبنان لنا بسحب بعض الدولارات والليرات، أي عالج بعض مظاهر الجرح من دون أن يشفيه. ولن نسترد أموالنا قبل أن يعود الدولار إلينا مع صندوق النقد، ومن الجهات الأخرى. وإلاصلاحات المصرفية وفي قطاع التأمين ضرورية كي يطمئن المواطن الى أوضاعه المادية والصحية. والفرص الانتخابية المناسبة ستحصل مستقبلاً، لكن يجب أن نستفيد منها، وليس كما حصل مؤخراً.

* كاتب لبناني

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3s8ynema

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"