وسط أوروبا.. للإيجار

21:57 مساء
قراءة 4 دقائق

منذ خمس سنوات تقريباً، نما سوق العقارات السكنية المؤسساتية في أوروبا الوسطى إلى النقطة التي يقول فيها المستثمرون إن الإسكان بدأ في تحدي مباني المكاتب كمحور لنقودهم.

وقال ستانيسلاف كوباتشيك، رئيس الاستثمار لشرق أوروبا في شركة «هيمستادن» ومقرها السويد: «هناك العديد من المدن الكبيرة في منطقة وسط أوروبا ذات الديناميكيات السكانية والاقتصادية الإيجابية وسوق الإسكان غير المعروض، وهذه مكوّنات جيدة لاستثمارات الإيجار السكنية».

وقفز الاستثمار في قطاع الإيجارات السكنية، لا سيما في بولندا وجمهورية التشيك، بنسبة 38% إلى 130 مليون يورو (138 مليون دولار) في النصف الأول من عام 2022، وفقاً لتقرير «CMS» و«CBRE». وبحسب لاعبي السوق، فإن العوائد المرتفعة ونطاق النمو يحفّزان المشاريع الجديدة.

كما دخلت شركة العقارات الدنماركية الرائدة «NREP» السوق البولندية في عام 2021، وتخطط اليوم لاستثمار نحو 500 مليون يورو في القطاع السكني واللوجستي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مع مشاريع في المدن الكبرى، مثل وارسو وفروتسواف، وغدانسك وكراكوف.

وأخبر رون كوك، الرئيس التنفيذي لقسم العقارات في الشركة، «رويترز» بأنه يمكن للمستثمرين اقتناص فرصة واضحة في السوق، حيث أصبحت الأجيال الشابة أكثر انفتاحاً على التأجير، بعد اتجاه العقود الماضية الذي كان سائداً في أوروبا الغربية، في حين أن المعروض من الوحدات الحديثة المؤجرة محدود للغاية.

تبرز بولندا هنا، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، نظراً لتزايد عدد سكانها في العديد من المدن الكبيرة في مقابل نقص مقدّر بنحو 3 ملايين منزل، لكن جمهورية التشيك، وربما المجر، تمتلكان فرصاً أيضاً.

وفي هذا الصدد قال راديم باجار، الشريك في مجموعة الاستثمار «Mint Investments» التشيكية، إن صندوق الشركة البالغ 1.25 مليار كرونة تشيكية (54.81 مليون دولار) يستكشف مشاريع في براغ وبرنو وبلزن، بهدف إضافة 300 إلى 500 شقة إلى محفظتها العام المقبل، مضيفاً: «نحن مفاجَئون حقاً بسرعة وكيفية التغيير الحاصل في الأسواق؛ لذلك نعتقد أنه خلال السنوات العشر المقبلة سيتم بيع ثلثي الشقق المبنية في جمهورية التشيك لصناديق مثل صندوقنا، والثلث المتبقي سيباع لأصحاب المنازل».

ووفقاً لبيانات «يوروستات»، فإن معدل الاكتظاظ في بولندا، حيث تفتقر المنازل إلى غرف كافية لمجمل الأشخاص في المنزل الواحد، يبلغ نحو 37%، مقارنة بمتوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 17.5%. وجزء كبير من المساكن عبارة عن شقق من الحقبة الشيوعية، غالباً ما تكون مسبقة الصنع، وهي في حاجة ماسة إلى التحديث. وهنا تكمن الفرصة الحقيقية للمطورين الذين يمكنهم استهداف مجموعة متزايدة من العمال القادمين من الخارج لتطوير هذه الشقق وتأجيرها، مع وجود وسائل راحة عالية، مثل الإنترنت السريع، والصالات الرياضية، وعقود الإيجار باللغة الإنجليزية.

ويرى ماريك أوبوشوفيتش الشريك في «غريفين كابيتال بارتنرز» البولندية للأسهم الخاصة، أن هناك فجوة كبيرة في أشياء مثل الجودة والاستقرار، والقدرة على التنبؤ بقيمة وتفاصيل عقود الإيجار بين الملاك من القطاع الخاص، واللاعبين المؤسساتيين، وهذا بحد ذاته يوفر نقطة دخول جذابة للاعبين من القطاع الخاص المؤجر.

يواجه التفضيل التقليدي في المنطقة ل«الامتلاك» بدلاً من الإيجار، عقبات كبيرة متمثلة في الارتفاع الهائل في أسعار المساكن منذ الأزمة المالية لعام 2008، مدفوعة بالنمو الاقتصادي ومعدلات الرهن العقاري المتدنية لعقد من الزمان. وعليه، قالت آنا دافنا العضو المنتدب في «جي سيتي يوروب العقارية»: «سنواصل استراتيجيتنا الاستثمارية في المدن البولندية الكبرى، والشركة تخطط لإطلاق مشروع بناء 500 وحدة في وارسو خلال الربع الأول من عام 2023.

في السياق ذاته، حققت العوائد الحالية على العقارات السكنية في أوروبا الشرقية 100 إلى 200 نقطة أساس أعلى من تلك الموجودة في الجزء الغربي، بحسب بيانات «كوشمان آند ويكفيلد» للخدمات العقارية التجارية. وجاءت وارسو وبراغ بنسبة 5% و4.10% على التوالي، مقارنة ب2.70% حققتها برلين، و3% في أمستردام، و3.25% في لندن.

يبقى التغيير الديموغرافي عاملاً آخر مهماً في القطاع العقاري المتغير في المنطقة، فقد أدت الهجرة إلى بولندا قبل وبعد الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم نقص المساكن، وازدهار خدمات الأعمال الذي جذب العمال والموظفين الأجانب ممن يطلبون شققاً عالية الجودة، كما يتطلع كثير من المستثمرين المؤسساتيين إلى انتهاز الفرص قبل الآخرين والانتقال السريع إلى هناك.

في المقابل أدى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة في جميع أنحاء المنطقة العام الماضي إلى استبعاد بعض مشتري المنازل المحتملين، كما أن تكاليف البناء للمطورين آخذة في الارتفاع. ووسط حالة عدم اليقين التي خلقتها الحرب، يركز بعض المستثمرين فقط على إنهاء المشاريع الحالية.

لكن المستثمرين والمحللين يقولون إن هذه الإشارات لن تعرقل سوقاً من المقرر أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2028، إلى أكثر من 63 ألف شقة في بولندا، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن «برايس ووترهاوس كوبرز»، وهو ما أكدته شركة «TAG Immobilien AG» الألمانية في تقريرها للربع الثالث، حين كشفت عن خططها لتسريع بناء العقارات السكنية في بولندا، بينما تبحث شركة «Flatco Kft» الهنغارية عن عمليات استحواذ محتملة في بودابست.

(رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3a7uet4h

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"