نماذج أمريكا اللاتينية

20:57 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*

للمنطقتين العربية والأمريكية اللاتينية، مستقبل كبير في التطور الرقمي والتكنولوجي شرط تطوير البنية التحتية، من قوانين وأنظمة ومؤسسات ومدارس ومعاهد ورأس مال انساني وأموال، تؤثر جميعها في تنافسية الاقتصادات وفي مستويات البطالة، كما في التطور البيئي الضروري للاستمرارية النوعية. ويؤدي التطور الرقمي الى تخفيف الفوارق في المنطقتين بين الأغنياء والفقراء، كما إلى تحسين شروط العيش والعمل للأقليات والنساء. ولا مستقبل لاقتصادات لا تعمل على تطوير العلوم والتكنولوجيا، علماً بأن بعض الدول العربية ذهب الى الفضاء، ويمكن تطوير هذه الاستثمارات لمصلحة التنمية الداخلية.

وفي أمريكا اللاتينية بين ال33 دولة، هنالك 3 نماذج كبيرة، هي المكسيك في الشمال، كوبا في الوسط، والبرازيل في الجنوب، أوضاعها عموماً تشبهنا. تقع المكسيك بجوار الدولة الأهم في العالم، وتستفيد منها اقتصادياً، إلا أنها تشكل لها تحدياً مستمراً عبر هجرة المكسيكيين، أو رغبتهم في ذلك. وهنالك طبعاً تحديات متنوعة، إلا أن الحل لا يكون أمنياً، بل اقتصادياً، أي مساعدة المكسيك على تطوير نفسها، وبالتالي تخفيف الرغبة في الهجرة.

وفي منطقتنا العربية أيضاً هنالك رغبة كبيرة في الهجرة، أسبابها اقتصادية واجتماعية في أغلبيتها، فيضطر الآلاف إلى المغامرة عبر البحر للوصول الى الشاطئ الأوروبي الآمن. والحلول ليست أمنية، وإنما اقتصادية، بحيث لا يضطر المواطن الى الهجرة بوسائل خطرة تنزف ادخاراته وتؤدي أحياناً الى الموت، كما حصل مؤخراً، في لبنان وشمال إفريقيا.

النموذج الثاني هو كوبا، أي الجزيرة التي يحكمها حزب «كاسترو» منذ 1959. نجح انقلابه على نظام «باتيستا» وأصبح رئيساً للوزراء من 1959 الى 1976، ثم رئيساً للبلاد. ويستمر حكم «كاسترو» حتى بعد وفاته بالرغم من الحصار الأمريكي. ولكاسترو انجازات اجتماعية أهمها القضاء على الأمية والإجرام والعنف، كما تطوير الأنظمة الاجتماعية، خاصة الصحية التي تعتبر مضرب مثل عالمي، حتى في الغرب. والفيلم السينمائي الذي أنتجه المخرج الأمريكي «مايكل مور» «Sicko» شرح بوضوح الإنجازات الصحية التي قام بها كاسترو. ودافع كاسترو مراراً عن ثورة الطاقة والتنظيف البيئي، وتكلم عن عدائه للفساد وللعولمة الاقتصادية والمالية. وعندما يرفع الحصار الأمريكي، ستحقق كوبا نمواً عالياً مرتكزاً على السياحة. وستضطر أيضاً لتحرير اقتصادها أكثر مما يسمح للكوبيين برفع انتاجيتهم والتنافسية.

سأل رئيس الاكوادور السابق «رودريغو بورجا» الرئيس الفرنسي الراحل «فرنسوا ميتران» عن أهم الشخصيات السياسية التي التقاها؟ أجابه ثلاثة: هم: ديغول، غورباشوف وكاسترو. لماذا كاسترو؟ أجاب ميتران لقدرته على تنبؤ المستقبل وفهمه للتاريخ.

النموذج الثالث هو البرازيل، حيث تفاخر الرئيس السابق بولسونارو، بعدم اقتناعه بوجود الكورونا ورفضه للقاحات بالرغم من وقوع ملايين المصابين والضحايا. بولسونارو أعطى أسوأ النتائج الاقتصادية لبلاده، وها هو يخسر الانتخابات أمام الرئيس السابق لولا دي سيلفا. وبلغ نمو الاقتصاد البرازيلي تبعاً للأمم المتحدة فقط 5,2% في 2021 ومتوقع 2,2% في 2022 ما يؤكد وجود حواجز في وجه النمو والتقدم.

*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yuv8e5x4

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"