عادي
غزارة إنتاجية وقائمة طويلة تستحق المشاهدة

«سينما 2022».. منافسة قوية بين الصالات والمنصات

22:28 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم
لم تشهد سينما 2022 عودة للحياة في الصالات العالمية، كما عهدناها قبل جائحة «كوفيد-19» فقط، بل عرفت السينما العالمية إنتاجاً غزيراً كماً ونوعاً، وأصبحت المنافسة قوية بين المشاهدة في الصالات والمشاهدة المنزلية، بعدما دخلت المنصات الإلكترونية على خط الإنتاج السينمائي، وتعاقدت على عرض أفلام من إنتاجها الخاص عبر منصاتها أولاً أو أنها تتيح لصالات العرض تقديم العمل لأيام قليلة قبل أن تعرضه بنفسها على منصتها، كما تفعل «نتفليكس» التي باتت تنافس بأفلام قوية وتنال نصيبها من الجوائز في المهرجانات العالمية. وقائمة الأفلام الجيدة والجميلة التي قدمتها لنا السينما خلال العام 2022 طويلة، لا شك أنه لم يتسن للجميع مشاهدة كل تلك الباقة وقت عرضها، لذلك نستعيد بعضاً منها وما يستحق المشاهدة، والأرجح أنه سيصل إلى منافسات «الأوسكار» التي باتت قريبة.

يمكن القول إن سينما 2022 لم تبخل على عشاقها بتنوع الأفلام التي ترضي كل الأذواق، وترضي أيضاً النقاد؛ تشكيلة كبيرة لا يمكن التوقف عند كل فيلم عرضته الصالات أو المنصات خلال العام، بل يكفي اختيار بعض الأعمال المميزة، مثل «أنشودة إنيشرين» و«إلفيس» و«كل شيء في كل مكان دفعة واحدة» و«المرأة الملك» و«توب جان: مافريك» و«كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» و«ذا نورثمان» و«أفاتار: طريق الماء» و«بلاك بانثر: واكندا للأبد».. في المقابل هناك أفلام أقل جودة وتتأرجح بين ما شهد إقبالاً جماهيرياً ولكنه لم يعش طويلاً في الذاكرة مثل «بلاك آدم»، والأقل مستوى كي لا نقول سيئاً وجاء مخيباً للآمال مثل «بلوند» و«وحوش مذهلة: أسرار دمبلدور» وغيرهما..

«وحوش مذهلة» أو «فانتاستيك بيستس» بجزئه الثالث خيب آمال عشاق سلسلة «هاري بوتر» لا سيما وأنه تعمد عنونة الفيلم باسم الشخصية المحببة إلى قلوبهم «دمبلدور» واعداً بكشف أسراره، ورغم وجود كل العناصر الضامنة لتقديم فيلم جيد، من تأليف جي كي رولينج وكتابة سيناريو ستيف كلوفز، إلى الإخراج للمبدع الذي أبهرنا بآخر أربعة أفلام من سلسلة «هاري بوتر» دايفيد ياتس، إلا أن الفيلم الجديد تاه في صراعات كثيرة وافتقد للروح والمشاعر التي تربط عادة المشاهدين بهذه الشخصيات الخيالية فتصدقها وتنبهر بسحرها، وكأن فريق العمل أضاع مفاتيح أسرار هاري بوتر وسحره الجاذب.

أما فيلم «بلوند» فهو من أسوأ الأفلام التي شاهدناها خلال العام، وربما من أسوأ ما صنع كسيرة ذاتية لشخصية محبوبة ومشهورة بحجم مارلين مونرو، وكأنه تعمد تشويه صورتها كي تعلق في أذهان الناس تلك الشقراء نورما جين المعقدة والتي رضيت بكل أنواع الذل ولم نخرج من فيلم «شقراء» إلا بسواد حالك. تأليف وإخراج أندرو دومينيك وبطولة آنا دي أرماس.

شغف ونجاح

«بلاك آدم» انتظره عشاق أفلام «دي سي كوميكس» بشغف، وقد حقق نجاحاً مميزاً في الصالات، هو أحد أهم أفلام تلك الشركة (ولكنه ليس الأهم) والتي تتطرق إلى الشخصيات الخارقة. «بلاك آدم» المتفرع من عائلة «شزام»، ميزته الأكبر أنه يتناول شخصية بالأصل شريرة، فيدخلنا في قصص قديمة حتى يمنح هذا البطل كل المبررات التي تجعل الجمهور يتعاطف معه ويعذر شره، خصوصاً أنه يتحول إلى «الشرير الطيب» في النهاية.

«بلاك آدم» كتبه سهراب نوشيرفاني وروري هينز وآدم سزتيكيل وأخرجه جاومي كوليت سيرا، وقد أدى دور آدم باقتدار النجم المحبوب دواين جونسون.

في المقابل قدمت شركة «مارفل» فيلماً سيدخل ترشيحات الأوسكار بثقل وبأكثر من ترشيح، وهو «بلاك بانثر: واكندا فوريفر «أو» النمر الأسود: واكندا للأبد الذي يعتبر تكملة لفيلمها السابق «بلاك بانثر» (2018)، وقدمت فيه تحية لبطلها الرئيسي الراحل تشادويك بوسمان متجهة بأحداثها نحو إبراز دور المرأة والانتصار لها، حيث أجاد المخرج والمؤلف راين كوجلر صياغة وتقديم أحداث مشوقة ومفعمة بالمشاعر، وشاركه في الكتابة كما الجزء الأول جو روبرت كول، بينما تألقت البطلات ليتيسيا رايت، لوبيتا نيونجو، أنجيلا باسيت وفلورنس كاسومبا.

هناك فيلم آخر انتصر للمرأة وللقارة السمراء: «ذا ومان كينج» أو «المرأة الملك» إنتاج «سوني بيكتشرز». فيلم كل ما فيه يقول لك إنهن قادرات، المرأة قادرة على تقديم نفسها ومنافسة الرجل في عقر «هوليوود»، والفيلم يعكس الصورة السائدة ف «الأسود»هنا أقوى من«الأبيض» وطبيعي أن تكون فيه المرأة أقوى من الرجل، هي تقود الجيش وهي تتخذ القرارات الحاسمة وتنتصر لبلدها ولنفسها والأهم أنها تثأر لتمنع تجارة الرقيق التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، حيث عادت المخرجة جينا برنس بيثوود وكاتبة القصة ماريا بيلو وشريكتها في التأليف وكتابة السيناريو دانا ستيفنز إلى الماضي حين كانت مملكة داهومي قائمة في غرب إفريقيا (داخل بنين حالياً) ما بين عامي 1600 تقريباً و1904، وقد عرفت بتجارة الرقيق واعتبرها الأوروبيون المورد الرئيسي لاستقدام العبيد. فيلم تألقت فيه فيولا ديفيس ولاشينا لينش وستأتي على ذكره المهرجانات السينمائية بلا شك.

عودة قوية

«توب جان: مافريك» يعتبر «معجزة السينما»، فكيف يمكن لفيلم تربع على العرش سنوات طويلة وغاب 36 عاماً، أن يعود بنفس البطل ليحقق نفس النجاح ويترك بصمة قوية وينافس بشراسة في مختلف المجالات سواء بالكتابة أو الإخراج أو التمثيل أو التصوير والموسيقى والإثارة؟ فيلم أعاد توم كروز إلى دوره الأول في مسيرة نجوميته «مافريك»، وعادة ما تسرق السنوات من النجوم بعض الوهج والحيوية والسحر، فتشعر كمشاهد بضعف أو خلل ما حين تقارن بين ما تراه اليوم وما كان عليه بالأمس، لكن توم كروز و«توب جان» كسرا القاعدة ليحققا معاً نجاحاً فاق كل التوقعات. ورغم تغير المخرج جوزيف كوسينسكي بدلاً من توني سكوت، فإن الفيلم بقي محلقاً عالياً بنفس أجوء التشويق والتصوير المبهر والمؤثرات الصوتية، ولا ننسى البراعة في الكتابة لنفس المؤلف بيتر كريج، وقد أضيف إليه جاستن ماركس، وجيم كاش وجاك إيبس جونيور المساهمان في ابتكار الشخصيات وملامحها.

من وحي شكسبير

«ذا نورثمان» أراده المؤلف والمخرج روبرت إيجرز «ملحمة» أعادنا بها إلى زمن الفايكينج في العام 895 ميلادية، لم يستق أحداثه من خياله بل استوحاها من رائعة ويليام شكسبير «هاملت»، لا يصل إلى مستوى «هاملت» فنسجله في تاريخ الأفلام الخالدة والتي لا يمكن أن تُنسى، لكثرة العنف والدماء والقتل فيه، لكنه عمل ضخم استحق النجاح، يبرز شراسة الإنسان ووحشيته، بطولة ألكسندر سكالسجارد ونيكول كيدمان ومشاركة إيثان هوك، وهنا لا بد من الإشادة بمصممة الأزياء ليندا موير التي درست الحقبة التاريخية بدقة وصممت وفقها ملابس الشخصيات، علماً أن التصوير كان في شمال الأطلسي وفي درجات حرارة منخفضة وثلوج وطبيعة قاسية.

دعوة للاسترخاء

لا يمكن أن نذكر ما أنتجته سينما 2022 دون التوقف عند لقاء الثنائي الرائع جورج كلوني وجوليا روبرتس بعد غياب طويل لظهورهما معاً في عمل سينمائي مشترك، «تيكت تو بارادايس» أو «تذكرة إلى الجنة». فيلم رومانسي كوميدي ممتع، يمكن مشاهدته أكثر من مرة لأنه أكثر من فيلم، فهو دعوة للاسترخاء حيث المتعة مضاعفة بسبب وجود البطلين وانسجامهما في التمثيل العفوي والأداء الطبيعي، وبسبب سلاسة العمل، كتابة وإخراج أوُل باركر، وشاركه في كتابة السيناريو دانيال بيبسكي.

تجربة عربية مميزة

نخرج من إطار الأفلام العالمية لنتحدث عن فيلم عربي مميز، وهو بالمناسبة ليس الوحيد المميز في ما قدمته السينما العربية في 2022. «السباحتان» أو«ذا سويمرز» للمخرجة المصرية الإنجليزية سالي الحسيني غير التقليدية، التي تأخذك إلى حيث أحداث الفيلم وتترك عالقاً هناك، ينتهي الفيلم وأنت ما زلت تشعر بوقع أحداثه.

الفيلم يتناول قصة حقيقية عن السباحتين الشقيقتين يسرى وسارة مارديني أدتهما الشقيقتان نتالي ومنال عيسى، مسيرة من الألم، لكنها تشع أملاً، تنطلق منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، وكيف عاشت أسرة مارديني (الابنتان مع والديهما عزت (علي سليمان) ووالدتهما ميرفت (كنده علوش) وشقيقتهما الصغرى شهد) وحتى هجرتهما غير الشرعية إلى ألمانيا والمشاركة بالألعاب الأولمبية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46hpajfk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"